نسبة 80% من النساء خارج دائرة الاقتصاد المهيكل..فاعلات حقوقيات يعلقن على استبان مجلس الشامي حول“مشاركة المرأة في التنمية”
قالت خديجة الرباح، الفاعلة الحقوقية وواحدة من الفاعلات الأسسيات في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أن مختلف التقارير والدراسات، تكشف أن "مشاكل عميقة تواجه النساء في الولوج إلى سوق الشغل، وعراقيل وعوامل اجتماعية وثقافية وسياسية، تحول دون تمكين اقتصادي حقيقي للنساء".
جاء ذلك في تصريح خصت به موقع “الحرة”، حيث أكدت الرباح، “أن بعض العقليات الذكورية السائدة في المجتمع وبأوساط صناع السياسات والمجالات الاقتصادية، “لا تمنح النساء حاملات المشاريع، أو الراغبات في الولوج إلى سوق الشغل الثقة المطلوبة”.
واستنادا لتقرير كان أصدره البنك الدولي، حيث أشار فيه أن التفاوتات بين الرجال والنساء بخصوص الحصول على وظيفة وشغل مراكز إدارية عليا تحدث نقصا في الأيدي العاملة والمهارات في المغرب، وتعرقل التنمية الاقتصادية والبشرية.
في السياق ذاته، أشارت الرباح، في تصريح للحرة،أن الجهود الحكومية عبر البرامج والسياسات العمومية التي يتم إطلاقها، “تبقى قاصرة ولا تقدم الإضافة المرجوة، حيث تكون ظرفية ولا يكون أثرها بعيد المدى”.
في التصريح نفسه، قدمت الرباح أمثلة على ذلك ك”الخطة الحكومية للمساواة ـ إكرام 2″، التي وضعتها الحكومة السابقة عام 2017، بأهداف تقوية فرص عمل النساء وتمكينهن اقتصاديا وحماية النساء وتعزيز حقوقهن، ونشر مبادىء المساواة ومحاربة التمييز والصور النمطية على النوع الاجتماعي”.
وتبرز الفاعلة الحقوقية ضرورة تقييم أثر هذه السياسة العمومية، بعد 5 سنوات على إطلاقها ومساءلة النتائج المحققة على مستوى ولوج النساء إلى الشغل، وتقييم مدى تقليصها من الفقر في أوساط النساء ومدى إسهامها بشكل حقيقي في التغيير”.
لذلك، وفق المصدر ذاته، دعت الرباح لضرورة اعتماد مقاربات تشاركية تجمع مختلف الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين، لتحسين الوضع الحالي، ومساعدة النساء، خاصة الفقيرات اللائي بقين لسنوات منسيات في الهامش اللائي لا تتاح أمامهن الفرص”.
الرئيسة الشرفية لفدرالية رابطة حقوق النساء، فوزية العسولي، أوضحت، أن “خلاصات الدراسة الجديدة حول العراقيل التي تواجه ولوج النساء إلى سوق الشغل “تؤكد نتائج دراسات سابقة، تحدثت عن المشاكل القانونية والاجتماعية والثقافية التي تواجه النساء في سوق الشغل”.
وقالت العسولي في تصريح لموقع “الحرة”، أن الكثير من النساء رغم حصولهن على دبلومات عليا إلا أنهن يضطررن لعدم ولوج سوق الشغل بسبب العراقيل المذكورة، كاشفة أن نسبة 80 بالمئة من النساء خارج دائرة الاقتصاد المهيكل، ويعملن بشكل حر أو بالمنزل، مما يحد من حضورهن الاقتصادي.
وتكشف المعطيات أن أربع مغربيات من أصل خمس في سن العمل غير نشيطات، وتتزايد هذه النسبة رغم التحسن في المستوى التعليمي للمرأة، بحيث تشير دراسة سابقة للمندوبية السامية للتخطيط إلى أن ضعف نشاط المرأة في الاقتصاد المغربي، يرتبط في شق كبير منه بالمسؤوليات الأسرية من تربية الأطفال والأعمال المنزلية، معتبرة أن هذه العوامل فتقف “حجر عثرة أمام التمكين الاقتصادي للنساء بالمنظومة القانونية، التي تستدعي إدخال تغييرات جذرية على كل بنودها، مشيرة إلى أنها “تكرّس التمييز وعدم المساواة وتدفع النساء مغادرة العمل”.
لتؤكد المتحدثة ذاتها للموقع نفسه، أن “ضعف ولوج النساء إلى المناصب العليا”، تبرز أن الحل يكمن في فرض إجراءات وتدابير تدعم المناصفة، من خلال تخصيص نسب للنساء في المجالس الإدارية للمؤسسات، سواء بالقطاعين العام أو الخاص”.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي..بناء مجتمع حداثي ودامج ودينامي يقتضي العمل بكل قوة على التصدي للصور النمطية على المرأة
وكان أفاد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أمس الجمعة 10 فبراير 2023، بالرباط، أن أزيد من 143 ألف شخص شاركوا في الاستشارة المواطنة حول “مشاركة المرأة في التنمية”، حيث، وحسب ما يتضح من نتائج الاستبيان، بخصوص المساواة بين الرجل والمرأة، أنه ما يقرب من 71 في المائة من المشاركات والمشاركين يرون أن العقبة الرئيسية التي تحول دون تحقيقها تكمن في العقليات والأفكار الاجتماعية والثقافية السائدة، تليها “الهشاشة الاقتصادية للمرأة” (54 بالمائة )، فضلا عن “تدني مستوى تمثيل المرأة في مناصب المسؤولية” (49 بالمائة)، إلى جانب “الإطار القانوني” (38 بالمائة).
وبخصوص العقبات الرئيسية التي تحول دون تمكين المرأة اقتصاديا، يضع أغلبية المشاركين (71 في المائة) في الصدارة استمرار هيمنة العقلية الذكورية في التعامل مع المرأة، ويأتي بعدها في المرتبة الثانية ما ت عانيه المرأة من مختلف أشكال التمييز في الوسط المهني (51 بالمائة)، إلى جانب صعوبات الحصول على التعليم والتكوين (43 بالمائة)، فضلا عن الالتزامات والأعباء المنزلية (42 بالمائة)، والمخاطر التي تهدد سلامة المرأة في أماكن العمل وفي طريقها إليها (36 بالمائة).
وبالنسبة لمجالات العمل التي يرى المشاركات والمشاركون ضرورة إيلائها عناية خاصة لتمكين المرأة من المشاركة بشكل كامل في التنمية، يأتي في صدارتها مكافحة الصور النمطية التي تحط من مكانة المرأة في المجتمع (71 في المائة )، يليها التمكين الاقتصادي والمالي للمرأة (63 في المائة )، وتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي الجدير بتفعيل مبدأ المساواة بين المرأة والرجل (59 في المائة)، إضافة إلى تعزيز شروط سلامة المرأة في المنزل وفي الفضاءات العامة وفي أماكن العمل (58 في المائة من الآراء).
المجلس شدد عبر رئيسه، التأكيد على” أنه لا يمكن إحراز أي تقدم دون رفع القيود والحواجز الثقافية التي ت عيق مسار النهوض بوضعية المرأة، ذلك أن بناء مجتمع حداثي ودامج ودينامي يقتضي العمل بكل قوة على التصدي للصور النمطية، والتي غالبا ما تكون مه ينة وحاط ة من كرامة المرأة وتكرس صورة سلبية عنها”، معتبرا أن تحرير المرأة يمر بالضرورة عبر كسر ما يسمى بـ”السقف الزجاجي”، والذي يتمثل في مجموع الحواجز النفسية والمجتمعية والمهنية التي تميل إلى إبقاء المرأة في وضعية الجمود وتكريس دونيتها وتبعيتها.
تحقيق كامل إمكانيات العالم
يشار في هذا الصدد، أن شونا أولني رئيسة قسم النوع الاجتماعي والمساواة والتنوع في منظمة العمل الدولية وفي معرض تفسر أهمية تحقيق المساواة بين الجنسين بالنسبة لعالم العمل، كانت قالت، إنه ليست التقاليد الثقافية والظروف الاقتصادية مبرراً للتمييز وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية.
وأضافت في دراسة لها نشره موقع، منظمة العمل الدولية، أنه لم يعد بإمكان الدول، سواء أكانت ذات دخلٍ مرتفع أم منخفض، تحمل عدم استثمار الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية للمساواة بين الجنسين. وتُظهر بحوثٌ حديثة أن مشاركة المرأة في الاقتصاد بنسبةٍ تماثل نسبة مشاركة الرجل تزيد الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2025 بمقدار 28 تريليون دولار أي 26 في المائة. وعندما يتحدث المال، يجب أن يصغي الناس إلى هذه الأرقام الاستثنائية.
وتابعت، قائلة، لا بد من وضع سياساتٍ طموحة تنجح في تغيير معايير النوع الاجتماعي وعلاقاته في المجتمع والعمل وبالتالي معالجة عدم المساواة الهيكلية. وتُعتبر اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن المساواة (التي تعالج التمييز، والمساواة في الأجر عن عملٍ ذي قيمة متساوية، وحماية الأمومة، وتدابير العمل والأسرة، ومنه الحصول على إجازة أبوةٍ، فضلاً عن تقديم خدمات الرعاية الاجتماعية النوعية بأسعارٍ معقولة لأعضاء الأسرة المعالين) خارطة الطريق للعمل. كما تعزز معايير وُضعت مؤخراً وذات أهميةٍ خاصة العمل اللائق للعمال المنزليين، وإيجاد أرضياتٍ للحماية الاجتماعية، وتنظيم الاقتصاد غير المنظم.
وعدد البلدان التي تتبنى سياساتٍ عامة تعالج الأسباب الجذرية وعواقب عدم المساواة بين الجنسين والتمييز في جميع مجالات الحياة آخذٌ بالازدياد. وكان “تقاسم الرعاية” المحور الرئيسي لهذه الإجراءات.
وأضافت في المقال ذاته، أنه لن تصبح هناك مساواةٌ حقيقة بين الجنسين حتى يُثمَّن عمل المرأة بشكل ملائم. وثمة إجراءاتٌ تُتَّخذ لمعالجة هذه القضية. ففي البرتغال مثلاً، وَضعت لجنةٌ قطاعية ثلاثية طريقةً لتقييم الوظائف ساعدت في الحد من فجوة الأجور بين الجنسين بمعالجة التمييز ضد المرأة في الوظائف التي تهيمن عليها وغالباً ما كان يُبخس حقها. وتحمي هولندا بموجب القانون ظروف عمل العمال الهامشيين العاملين بدوامٍ جزئي، ومعظمهم من النساء.