الرئسيةرأي/ كرونيك

في ضوء الموقف الإسرائيلي الأخير..مصطفى المنوزي يكتب: ّاستعجال ثلاثة إجراءات ضرورية”

بقلم مصطفى المنوزي

حقا إن المغرب الرسمي الدولتي يتعامل في علاقاته الخارجية والدبلوماسية في إطار سياسة الأمر الواقع، نظرا لكون أحكام الدستور تخول ممثلها القانوني تصريف صلاحياته السيادية والأمنية والعسكرية وفق اعتقاده الصميم وقناعته كمسؤول سام وممثل أسمى للدولة ، والتي جرت التقاليد، ومجاز الدستور، على تكريسها كاختصاصات ضمن المجال المحفوظ حصريا للملك.

وبالتالي فتدبير القضايا المصيرية لم يعد مسألة تقرير تشاوري وتشاركي مع القوى الحية للبلاد؛ وقد صار القرار الأمني وغيره من القرارات السيادية بمثابة تحصيل حاصل، ناهيك عن كون الصلاحيات تصرف في سياق لحظات مصيرية وطنية وجيوستراتيجية تهم بالأساس الوحدة الترابية والدفاع الوطني، في ظل تركة أمنية وتعاونية موروثة عن سجل العلاقات التاريخية توجت مرارا بزيارات رسمية متبادلة، تارة لأهداف أمنية أو لأغراض الوساطة في القضية القومية والفلسطينية وتارة أخرى، بإسم مصالح الجالية اليهودية، لم تعد بالتالي تشكل حرجا للدولتين معا .

وأمام هذا الوضع الذي يعد بمثابة تكريس لسياسة الأمر الواقع ؛ فإن قوى المجتمع السياسي والمدني، والحالة هاته ( خاصة بعد موقف الإعتراف الإسرائيلي بسيادة المغرب على صحرائه )، لا يسعها إلا أن تحرص على تفعيل ثلاثة إجراءات ضرورية من أجل تأطير تداعيات ما يجري من مواقف وتحولات في هذا الصدد، خاصة وأن حالة التوتر ستتفاقم، ودرجة اللايقين سوف تتصاعد اقترانا مع حالة الإحتقان السياسي، وما يستتبعها من خصاص إجتماعي وانفلات أمني .

لذلك فإن أول إجراء مفترض هو تنصيب المجلس الأعلى للأمن وتفعيل كافة أدواره الدستورية في العلاقة مع إقرار الحكامة الأمنية وعدم تكرار الإنتهاكات الجسيمة ، فالتشاور المؤسسي مع مكونات المجلس التشريعية والقضائية والحكومية والأمنية والإستشارية المجتمعية غير الحكومية ، فهذا إجراء – على الأقل- سيبث الثقة ويرد الإعتبار للمقاربة التشاركية ومطلب دمقرطة صناعة القرار السياسي والأمني ، في ظل تطلع المواطنين إلى إستكمال شروط ومقتضيات بناء دولة الجهات ومؤسساتها التمثيلية ، مما يعزز مقترح الحكم ويدعم شروط تفعيله .

أما الإجراء الثاني وهو مرتبط بالإجراء الأول وداعم له ، وهو تعديل الدستور لمأسسة دولة الجهات ، ولأجل تأهيل بنية إستقبال المواطنين العائدين أو المغتربين إراديا أو قسريا ( من أصول صحراوية) في سياق تجويد تدبير مقترح الحكم الذاتي ، في أفق دمقرطة عملية الإدماج وطي صفحة الماضي وجبر الأضرار الفردية والترابية والخواطر معا .

أما الإجراء الثالث وهو أيضا مرتبط بمطلب ترسيخ الحكامة الأمنية ، ويتعلق بالعلاقة مع الجوار ومخلفات الإستعمار . فتحسبا لأي توتر على صعيد المنطقة المغاربية ، وبالنظر إلى التحولات الحيوستراتيجية المتسارعة وكذا احتمال افتعال نزاعات عنيفة ، فمواقف الدول العظمى والتابعة لها لابد وأن تثير المخاوف وردود الفعل ، وما قد يترتب عنها من كلفة سياسية وبشرية ، وعلى الخصوص اختلاق صدامي لحالات إنسانية على الحدود وغيرها ، وبنفس القدر في حل إعادة فتح الحدود ، فإنه مطلوب تهدئة الأجواء البينية وكذا تصفية البيئة الحقوقية وتأهيل بنية إستقبال الوافدين إراديا من الخارج وكذا الفارين أو المهاجرين قسريا منه، لأسباب كثيرة ، لأن الدولة مدعوة لتفادي تكرار مآسي الماضي، وعلى الخصوص تكرار قصة طرد وتهجير المغاربة من الدولة الجارة.

وفي هذا الصدد وجب تعبئة الطيف الحقوقي ليلعب دوره الوقائي والحمائي في العلاقة مع حقوق الإنسان والحريات، وفي هذا الإطار وجب دعم التنسيقية المغاربية لحقوق الإنسان وكافة الهيئات المدنية والإجتماعية ذات الصلة، فالأمر يضمر كل الإحتمالات حيث إنه سيان بين حالة الحرب وبين حالة إقتصاد الحرب الباردة، ولعل مثال وضعية الشريط الحدودي مع الجوار ليؤكد ضرورة الإحتراز في ظل انقطاع التواصل بين تعبيرات الشعوب والمجتمعات الشقيقة التي تطمح إلى تحقيق مغرب الوحدة والديمقراطية الكبير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى