الرئسيةمجتمع

الصحافة والولوج للمعلومة بين القانون والواقع

مينة حوجيب: الصحافة منظمة بقانون يجب أن يُشمل الصحافيين باستثناء الولوج للمعلومة في ظروف جيدة ولمدة أقلها 24ساعة

 


بثينة
بثينة المكودي

اختلفت الأراء وتباينت حول موضوع الصحافة والحق في الولوج للمعلومة، فمنها من يعتبر أن على الصحافيين أن يحظوا باستثناء في الولوج للمعلومة ،ومنها من يعتبر أن مسألة الولوج للمعلومة هي مسألة متعلقة بذات الصحفي واجتهاده،ومنها من يرى أن مسطرة الحصول عليها في تقدم وتحسن ملحوظ، ومنها من يعتبر أنها  اشكالية قانون وطول مساطر الحصول عليها، فأحيانا  يصير الخبر في خبر كان، عوض أن يكون خبر الآن،

وإذ تعتبر المعلومة  جوهر العمل الصحفي، بل وأساسه ،حيث أنه مفتاح حرية الصحافة وقلبها النابض، تطلبت منا كمنبر صحفي الوقوف على هذا الموضوع و التطرق إليه من زوايا مختلفة بين نصوص القوانين، وتجارب مهنيين ووجهات نظر حقوقيين  من أجل التحليل وتنوير الرأي العام  بالعلاقة الجدلية بين الصحافة المهنية و الحق في الولوج للمعلومة.

إن حق الولوج للمعلومة التي تحتفظ بها المؤسسات والادارات العمومية يمنحه القانون 31.13 للمواطنين والمواطنات ، حيث بإمكان الأفراد تقديم طلب حر إلى المؤسسة المعنية وإلتماس معلومات بشأن مواد مثل البيانات والتقارير وإحصائيات،..إلخ  وتُطبَّق استثناءات على بعض أنواع المعلومات المطلوبة، مثل المعلومات المتعلقة بأمن الوطن وبيانات المواطنين الخاصة..   كما أن  المادة 29 من القانون تنص على فرض عقوبات على المواطنين الذين يسيئون استخدام المعلومات،  وينبغي على المؤسسات الحكومية والادارات العمومية، أن تجيب على مطالب الحصول على المعلومات في غضون 20 يوم عمل اعتباراً من تاريخ تسلّمها.

مينة حجيب
الاعلامية مينة حوجيب

وحسب ما صرحت به الإعلامية مينة حوجيب لجريدة”دابابريس” ، فإن قانون الولوج للمعلومة، هو قانون يشمل عموم المواطنين والموطنات دون أي استثناء للصحافيين،حيث في نظرها كان من المفترض أن يشمل الصحافيين المهنيين باستثناء، كونهم منوروا الرأي العام وهن وهم من يوصل المعلومة لعموم المواطنين والمواطنات، وأضافت الإعلامية مينة حوجيب قائلة:” بما أن هناك قانون يضبط عمل الصحافيين بالتالي استثناء الولوج للمعلومة وجب ربطه بقانون الصحافة، وأشارت الى أنه يفضل تمتيع الصحافيين على الأقل بمهلة 24 ساعة كحد أقصى لحصولهم على المعلومة،  عوض 20 يوم أو أكثر، لأن المعلومة التي يفوت أوانها هي معلومة ميتة ولا تعتبر خبر.

وجدير بالذكر أن  حق الولوج للمعلومة  هو حق يكفله الدستور المغربي 2011  لكل المواطنين والمواطنات،  الا أن مسطرة الحصول عليها تبقى جد طويلة، وغامضة أحيانا وتمييزية  أحيانا أخرى وذلك حسب مزاجية وعقلية المسؤولين عن هذه المعلومة، دون الحديث عن طول أمدها، وعن غيابها في معظم الأحيان، حيث سبق وتوجهنا كمثال لطلب معلومة من جماعة ترابية معين، وفق مسطرة طلب المعلومة  وكان الجواب بعد 3 أسابيع ، نعتذر لا نتوفر على هذه المعلومة علما أنها في مجال اختصاصهم.

حوار مع سامي المودني رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب حول إشكالية الولوج للمعلومة والقوانين المنظمة لها:

سامي الموذني  

لمعرفة مزيد من الأراء والتجارب ومحاولة منا في إيجاد أجوبة  لأسئلة ترهقنا في هذا الموضوع،  حاورت جريدة “دابابريس” سامي المودني، وهو صحافي مهني، ورئيس المنتدى المغربي الصحافيين الشباب،

في نظركم هل إشكالية الولوج للمعلومة ذاتية او موضوعية؟ مرتبطة بالأشخاص أو بالقوانين المنظمة؟ 

أعتقد أن الإشكاليات مرتبطة بما هو ذاتي وما هو موضوعي، بمعنى قد تكون هناك إشكاليات ذات صلة بالقوانين المنظمة، كما قد تكون هناك إشكاليات مرتبطة بواقع الممارسة والتنزيل السليم لهذه القوانين.
هل في نظركم سؤال الخبر كمعلومة يحتاج الى قرارات رسمية أم هو جوهر المهنة؟
قانون الحق في الحصول على المعلومات يلزم المؤسسات العمومية بالكشف عن كل المعطيات،التي في حوزتها للمواطنين حتى يتمكنوا من مواكبة تدبير الشأن العام وأن يبلوروا مواقفهم بناء على هذه المعلومات.

هل هناك توزيع عادل للمعطيات على المستوى العملي والقانوني بين جميع مكونات الرأي العام؟ أم هناك معايير معينة وما هي؟
المعايير حددها قانون الحق في الحصول على المعلومات، فقد تضمن القانون عددا من الاستثناءات المطلقة وهي التي تتعلق بما يلي: المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني المعلومات المتعلقة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للأفراد أو التي تكتسي طابع معطيات شخصية، المعلومات التي من شأن الكشف عنها المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور ، حماية مصادر المعلومات، كما تضمن القانون عددا من الاستثناءات المقيدة وهي التي تتعلق بما يلي: المعلومات التي يؤدي الكشف عنها إلى إلحاق ضرر، العلاقات مع دولة أخرى أو منظمة دولية حكومية ، السياسة النقدية أو الاقتصادية أو المالية للدولة ، حقوق الملكية الصناعية، أو حقوق المؤلف أو الحقوق المجاورة، حقوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها المشمولة بالقانون رقم 37.10 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، المعلومات التي من شأن الكشف عنها الإخلال بــسرية مداولات المجلس الوزاري ومجلس الحكومة وسرية الأبحاث والتحريات الإدارية وسير المساطر القضائية والمساطر التمهيدية المتعلقة بها، ما لم تأذن بذلك السلطات القضائية المختصة ومبادئ المنافسة الحرة والمشروعة والنزيهة وكذا المبادرة الخاصة ،المعلومات التي من شأن الكشف عنها المس بـالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور.

ما هو تأثير الحصول على المعلومة من عدمه على المهنية في الصحافة؟
أعتقد لتفادي هذا الإشكال لا يجب أن تتحول الاستثناءات إلى قاعدة في التعاطي مع طلبات المواطنين للحصول على المعلومات، وهذا يتطلب تأويلا للقانون من طرف الإدارات يساهم في توسيع مجالات ممارسة المواطن لهذا الحق بما يضمن أساسا عدد من المبادئ الدولية ذات الصلة مثل: مبدأ كشف الحد الأقصى من المعلومات ، مبدأ النشر الاستباقي للمعلومات، مجانية الحصول على المعلومات، تبسيط المسطرة، كما يتطلب توسيع مجال رقمنة المعطيات في كل المواقع التابعة للقطاعات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والبوابات الإلكترونية بحيث تكون كل المعطيات والمعلومات التي ينص القانون على نشرها في متناول المواطنين.
هل فكرة الحصول على المعلومة يحول المؤسسات الرسمية الى المصدر الوحيد للمعلومة وبالتالي استحالة العمل المهني؟
طبعا لا الصحافي يجب عليه أن يبذل مجهودا لإيصال المعلومات ووضعها رهن إشارة المواطن لأن هذا هو عمله ولا يجب أن ينتظر المؤسسات الرسمية لتجود عليه بها، خصوصا في العمل الصحافي الاستقصائي.

هل هناك مساطر تتبع في حالة عدم الحصول على المعلومة؟ وماهي؟ وما العمل مع الممارسات اللامرئية التي تحول دون سيلان المعلومة وتخنق بدورها بناء السلطة الرابعة؟
المساطر نص عليها القانون ولكنها لا تهم الصحافيين وإنما كل مواطن،  الملاحظ أن الصحافي لا يمكن أن يلجأ لمسطرة الحصول على المعلومات بسبب طول الفترة التي تستغرقها المسطرة، وبالتالي من الأفضل أن يعمل على الحصول على المعلومات عبر الوسائل المهنية التي تتاح لها انطلاقا من موقعه المهني.

منير بنصالح الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في تصريح ل”دابابريس”:

منير بنصالح في محاولة للإيجاد جواب مقنع، حول  سؤال لماذا تعتبر بعض  المنظمات الدولية في عدد من تقاريرها أن الصحافة في المغرب تعيش أزمة حرية وانعدام الاستقلالية؟ ،  وليس فقط علاقة باعتقال الصحفيين عمر الراضي والريسوني والمهداوي وغيرهم  والتضييق على آخرين، لأننا طلعنا على بعض التقارير الصادرة قبل تاريخ اعتقال الصحفيين موضوع الجدل، حيث وجدنا أنه خلال سنة 2003 مثلا في تقرير لمنظمة مراسلين بلاحدود، قالت المنظمة إنه رغم “رياح الحرية” التي جاءت بانتهاء احتكار الدولة للإذاعات في تونس مازالت “الصحافة العامة والخاصة تحت السيطرة الكاملة للدولة”، في حين تراجعت حرية الصحافة إلى حد كبير في الجزائر والمغرب”، بخصوص هذا الشأن توجهنا إلى المؤسسة الحقوقية الرسمية في شخص منير بنصالح الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث صرح  لجريدة “دابابريس” بمايلي:”إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كمؤسسة وطنية مستقلة لحماية حقوق الانسان والنهوض بها، تعمل وفق مبادئ باريس الناظمة لعمل المؤسسات الوطنية، نعتبر ان تقاريرنا هي المرجع الاساسي للرأي العام الوطني والدولي حول وضعية حقوق الانسان بالمغرب”

وأضاف قائلا :”في موضوع حرية الرأي والتعبير والحق في الحصول على المعلومات، تُقدم تقارير المجلس السنوية صورة واضحة حولها في فقرات مخصصة، كما يفرض العديد من التوصيات بهذا الصدد، وأشار كذلك الى أنه في سنة 2022 أصدر المجلس رأيا بخصوص مشروع القانون المتعلق بتغيير قانون الصحافة والنشر.”

وصرح منير بنصالح أن  المجلس قدم عدة توصيات منها:
العمل على إعادة النظر في القوانين المتعلقة بحرية الصحافة والتعبير، لتشمل مجالات النشر بصفة عامة، والسماح للجمعيات بإصدار منشورات أو بث اذاعي تماشيا مع التجارب الناجحة التي أشرف عليها المجلس،
وتحسين نسبة تجاوب الإدارات مع طلبات الحصول على المعلومات ومدة معالجتها، وأضاف أنه خلال مراجعة القانون الجنائي،أوصى المجلس بجعل قضايا حرية الرأي والتعبير خارج مجال تدخله،
وطالب بإجراء تقييم لقانون الحصول على المعلومات من طرف الفاعلين من أجل استقراء التجارب الناجحة وتحسين المؤشرات، وخصوصا تشجيع النشر الاستباقي، وذكر منير بنصالح أن المجلس سبق وأوصى البناء على التجربة المغربية في مجال التنظيم الذاتي، من أجل تطويرها وتحسين عملها وتقييم نجاعة منظومة الأخلاقيات.

وعلاقة بموضوع الصحافة بالمغرب، يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حسب تصريح ممثله منير بنصالح،أن المغرب يتقدم بشكل كبير في هذا المجال، سواء من حيث عدد المؤسسات الصحفية او عدد المنشورات وعدد الصحفيين والمراسلين،  وأن  الادارات المغربية تعمل على تطوير وتحسين التجاوب مع طلبات الوصول الى المعلومات التي تتلقاها.

وعودة للمهنيين في مجال الصحافة،فبالرغم من كل هذه الأراء والتصريحات، تبقى إشكالية الصحافة  والحق في الولوج للمعلومة، مسألة نسبية في غياب تعديلات منتظرة  للقوانين المتعلقة بحرية الصحافة والحق في الولوج للمعلومة، حيث صرح بعض الصحفيين  فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن واقع الولوج للمعلومة  في المغرب هو واقع يتسم بالتمييز والعشوائية.

وتجدر الاشارة أنه في غياب قانون يسهل  عملية الولوج المباشر للمعلومة وفي آجال قصيرة، ويمكن من متابعة عدم الإدلاء بها، يغدو الخبر بين الصحة والإشاعة، والتيهان بين تيار فكري أو سياسي سائد وآخر مخالف له، بالتالي تُفتقد المصداقية وتُضرب الاستقلالية عرض الحائط.

وهنا في رأينا يصنع الصحافي، عوض المحتوى الصحافي، وأي صحافي نصنع، دون حماية وتمتيع بحق الحصول على المعلومات ونشرها وفق أسس أخلاقيات المهنة عوض أسس التخويف والترهيب، وما يزيد من ملحاح السؤال تفادي الكثيرون والكثيرات لصحافة التحقيق أو الاستقصاء، أو ليس غياب المعطيات، ورفض البعض الادلاء بها؟ أو ليس الثمن الباهض الذي يدفع جراء السير وراء حبل المعلومة الملتوي؟

موضوعنا يتطلب مزيدا ومزيدا من البحث والجرأة في التصريحات، ولنا عودة للموضوع في زوايا أخرى، علنا نساهم كصحافة جادة في تحسين مسار الصحافة المغربية،وتجويد أداء قوانينا السامية وإنزالها الى أرض الواقع، فدستورنا المغربي جد متقدم، في انتظار ولمدة تزيد عن 10سنوات، تنزيل قوانين تنظيمية ترقى به وتُفعل مواده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى