الرئسيةحول العالم

(تقرير إخباري تحليلي)…لماذا يكثف الجيش الإسرائيلي قضفه الجوي على غزة؟

الأناضول/ الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان: "حزب الله" يحاول تخفيف الضغط على حماس وقد ينجح في النهاية لكن عليه حساب التداعيات

ألقى الجيش الإسرائيلي، منذ السبت الماضي، آلاف أطنان المتفجرات على قطاع غزة، الصغير نسبيا من حيث المساحة، فأحدث دمارا كبيرا.

صورة التُقطت من مدينة سديروت الإسرائيلية تُظهر دخانًا أسود يتصاعد من قطاع غزة في 14 أكتوبر 2023 © توماس كوكس / ا ف ب

وبعد أن استدعى أكثر من 360 ألفا من جيش الاحتياط، وحشد المئات من الدبابات والآليات العسكرية على تخوم قطاع غزة، كان واضحا أن ثمة قرار إسرائيلي بالدخول في عملية برية بالقطاع.

وكرر المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي دانيئيل هاغاري، في مؤتمراته الصحفية، شبه اليومية، بأن الجيش الإسرائيلي يستعد للمرحلة القادمة من الحرب.

وفيما نقلت وسائل إعلام عبرية عن الجيش الإسرائيلي، إنه مستعد لإطلاق العملية البرية حال صدور القرار السياسي، فإن ثمة العديد من المؤشرات على أن القصف الكبير يحضر لهذه العملية البرية.

وقال المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، رون بن يشاي، “يواصل الجيش الإسرائيلي الاستعدادات لهجوم كبير، ويعمل بالتعاون مع جهاز الأمن العام (الشاباك) من خلال عدة قنوات، بما في ذلك الغارات الجوية المتزايدة بشكل كبير في غزة، بحيث يمكن تنفيذ الدخول البري بسرعة ودون دفع ثمن باهظ من الخسائر في صفوف قواتنا”.

وكثيرا ما قال المحللون العسكريون الإسرائيليون، في السنوات الماضية، إن العملية البرية في قطاع غزة تنطوي على مخاطر كبيرة، بما فيها توقع مقتل مئات الجنود برصاص المسلحين الفلسطينيين.

وفي وقت قتل فيه ما لا يقل عن 1300 إسرائيلي في هجوم المسلحين الفلسطينيين، السبت الماضي، على غلاف قطاع غزة، فإن آخر ما يريده الجيش والحكومة الإسرائيليين مقتل المئات من الجنود الإضافيين.

ويتضح أن كثافة الغارات الإسرائيلية تهدف الى القضاء على البنية العسكرية للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة قبل تنفيذ العملية البرية، فضلا عن أنها تحمل في طياتها طابع الانتقام لما حدث، السبت الماضي، في غلاف قطاع غزة.

وقال بن يشاي، السبت، “تهدف الغارات الجوية إلى تعطيل أنظمة الدفاع والقيادة والسيطرة التابعة لحماس، ومساعدة الجهود الاستخباراتية، ومواصلة تحصيل الثمن بشكل منهجي من أعضاء حماس، وخاصة من قادتها، مقابل الفظائع التي ارتكبوها في المجتمعات المحيطة بغزة”.

غير أن مرور الوقت على بدء العملية مع بدء انتشار صور الفلسطينيين، وخاصة الأطفال والنساء، الذين قتلوا في الهجمات الجوية الإسرائيلية سويا مع صور الدمار الهائل في غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، يضيق أكثر فأكثر على ما تأمل تل أبيب الحصول عليه من دعم دولي، خاصة من واشنطن، لعمليتها البرية التي من المؤكد أنها ستتسبب في دمار إضافي.

ويرى بن يشاي، أن “نافذة الشرعية تهدف إلى إعطاء الجيش الوقت والموافقة على استخدام أساليب ووسائل القتال عندما يدخل القطاع، وهي تتضاءل أكثر فأكثر مع وصول صور المدنيين في غزة، الذين يعانون من هجمات الطيران إلى (دول) الغرب”.

غير أن إسرائيل تخشى أيضا من أن دخولها في عملية برية في قطاع غزة سيؤدي الى تحرك منظمة “حزب الله” في لبنان وربما إيران أيضا.

وتأمل إسرائيل عدم تدخل حزب الله وإيران، كي تتمكن من الاستفراد بغزة، وهي تعتمد في هذا الشأن إلى حد كبير على الدعم الأمريكي والأوروبي.

فالرئيس الأمريكي جو بايدن، حذر من البيت الأبيض الأطراف الخارجية بالقول “لا تفعلوا”، وهي نفس العبارة التي قالها وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في تل أبيب، الجمعة.

وحشد الجيش الإسرائيلي، خلال الأيام القليلة الماضية، قوات كبيرة على حدوده الشمالية بما فيها لبنان، فيما حركت الولايات المتحدة حاملة طائراتها إلى المنطقة لإرسال رسالة تحذير إلى حزب الله وإيران.

ويقول بن يشاي، إن حماس تحاول إقناع حزب الله بالتدخل في المعركة “من أجل تخفيف الضغط على قطاع غزة، وتقسيم الجهد العسكري الإسرائيلي”.

وأضاف “في الوقت الراهن، حققت حماس نجاحا جزئيا. وبحسب كل المؤشرات والمعلومات التي يتم نشرها، فإن إيران وحزب الله، لم يقررا بعد الانضمام إلى القتال بكامل قوتهما، وهناك احتمال معقول بعدم شن هجوم كبير على إسرائيل في المستقبل أيضًا”.

وأوضح في هذا الشأن أن “أولئك الذين يحاولون الآن الهجوم من الشمال لتسهيل الأمر على حماس والجهاد الإسلامي في غزة هم الفلسطينيون وأعضاء حماس والمنظمات الأخرى، التي تعمل من مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان”.

واعتبر بن يشاي، أن هؤلاء “يفعلون ذلك بموافقة حزب الله، وتحت غطاء النيران والطائرات بدون طيار التي يطلقها حزب الله، بين الحين والآخر”.

وأضاف “وكجزء من نظام الاستنزاف والمضايقات هذا، يقوم حزب الله أيضًا بالتحقق من جاهزية ويقظة القوات البرية وأنظمة الدفاع الجوي التي نشرها الجيش الإسرائيلي في الشمال”.

وتابع المحلل العسكري الإسرائيلي، “الأجسام المجهولة التي اعترضتها قوات الدفاع الجوي في منطقة كريات وحيفا، كانت مخصصة لهذا الغرض بالتحديد”.

وأشار في هذا السياق، إلى أنه “سيتم إعادة النظر في نوايا حزب الله وإيران إذا دخلت إسرائيل قطاع غزة”.

وأردف “ربما تكون هذه نقطة التحول التي سيدخل فيها حزب الله، وربما حتى إيران، إلى القتال بشكل كامل، لكن هذا ليس بالضرورة ما سيحدث”.

وقال بن يشاي، “هناك احتمال كبير أنه بعد دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة، فإن ذلك لن يؤدي بحزب الله إلا إلى زيادة نمط العمليات الحالي، لكنه سيبقى تحت عتبة الحرب”.

غير أنه استدرك “يستعد الجيش الإسرائيلي للاحتمال الأسوأ، أي حرب على جبهتين على الأقل، الجبهة الشمالية وجبهة غزة، وربما أيضا زيادة في الاحتجاجات ومحاولات الهجوم من الضفة الغربية”.

وفي هذا الصدد، يقول تامير هايمان، الرئيس السابق لهيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، “يقترب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، من ارتكاب خطأ كبير، ويبدو أنه لا يدرك خطورة ما تعرضنا له، وكم يخطئ في تقدير حسابات إسرائيل وأهدافها الحاسمة”.

وأضاف هايمان، في تغريدة على منصة “إكس”، السبت، “ما كان ليس ما سيكون. ما يفسره نصر الله، على أنه عمل مستفز من تحت درجة الحرب قد يعكس عدم دِقة حساباته ويجر لُبنان إلى كارثة”.

وفي إشارة إلى العملية التي نفذتها “حماس”، السبت الماضي، أوضح هايمان، “بالفعل، تلقينا ضربة قوية. لكن نهضنا، وما يتم الآن في غزة فقط البداية”.

وقال إن “أسباب الاستفزازات ومحاولات التضليل والمضايقة في الشمال واضحة – فهو (حزب الله) يحاول أن يقلل من الضغط على حماس، وقد ينجح في النهاية ـ لكن عليه أن يحسب قوة التداعيات والثمن غير المسبوق الذي سيدفعه جراء ذلك”.

وأضاف هايمان، في لهجة تحذير، “حسن نصر الله، يعلم جيدا معنى العملية في لبنان، وسيمثل ذلك تدميرا لحزبه المسمى حزب الله، والذي يجسد المشروع الايراني في لبنان”.

وتابع “فضلا عن أزمة خطيرة للبنان التي تعاني الكثير من الأزمات، خاصة وأن ما ستقوم به إسرائيل يأتي في ظل الدعم الأمريكي الكامل لدولتنا”.

وبيّن هايمان، “عموما وفي هذه المرة، فإن أي تقدير غير سليم من نصر الله، للعزيمة الاسرائيلية سيؤدي بحزب الله، إلى كارثة أعظم بكثير من سابقتها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى