الشاعر رضوان أفندي يكتب: من ذكرياتي مع الفقيد الفنان مصطفى الداسوكين+فيديو وصور
سكن الداسوكين لمدة معينة في درب القريعة بمحاذاة الحي الذي ترعرعت فيه (درب كريكوان )، غير بعيد عن مسكن الممثلة فاطمة الناجي.
و كثيرا ما كنت أصادفه يعبر الحي أنيقا ببدلته و ربطة عنقه، و لا يتقاعس في رد التحية بأحسن منها.
كنت أصادفه أيضا في درب كرلوطي، في زياراتي للمخرج الراحل الصديق محمد السحماوي، و أراه بمعية صديقه مصطفى شكري ( بيتشو)، أحد رموز كرة القدم المغربية في زمانه. لكن احتكاكي الفعلي به، حصل في المعرض التجاري الدولي للدار البيضاء، و كان يقام فيه جناح مخصص للعروض الفنية، بموازاة أروقة المعروضات التجارية.
في اليوم نفسه تعرفت على الراحلة سكينة بعد انفصالها عن مجموعة جيل جيلالة. كان مصطفى الداسوكين و محمد الخلفي يقدمان فواصل فكاهية بين المواد الغنائية، و كنت حينها أشتغل مع المرحوم محمد بن ابراهيم، و أتابع دراستي في ثانوية مولاي عبد الله. سأندم كثيرا بعدما انفردت بالداسوكين، و بغير قليل من الوقاحة، قلت له مدفوعا بشحنة عاطفية متياسرة :
ما تقدمه ليس مسرحا، هو فقط تهريج.
أجابني و الإبتسامة تعلو محياه :
أنا آولدي غير كنضحك الناس و صافي. و انصرف عني.
بعد ذلك أتيح لي أن أشاهده في أعمال درامية يؤدي فيها أدوارا لا يمكن لغيره أن يؤديها بنفس الإجادة.
و هو في هذه الخاصية شبيه بالممثل المصري الراحل وحيد سيف، الذي لا يمكن لغيره أن يكون بديلا عنه في بعض الأدوار. لكن الجميل في الداسوكين هو أنه لم يكن يقبل إلا الأدوار التي تتناسب مع بروفايل الداسوكين.
و عندما اقترح عليه أن يلعب الدور المحوري في مسرحية ( كاري حنكو) عن رائعة ( طوباز) للفرنسي مارسيل بانيول، لم يتردد في أن يقول للمرحوم عبد اللطيف هلال : هذا الدور ليس لي، هذا دورك أنت.
و بالفعل تنازل عن هذا الدور الأساسي لفائدة عبد اللطيف هلال، و قنع هو بتشخيص دور مدير المدرسة.
التقيت مصطفى الداسوكين في عدة مناسبات، و لمست فيه من خفة الظل و لذة المعشر و نكران الذات ما لم ألمسه في بعض الفنانين.
سيكون من الجيد أن يعيد التلفزيون المغربي بث مسرحية كاري حنكو، تكريما لكل الممثلين الذين شاركوا في تشخيصها و رحلوا عنا : عبد اللطيف هلال، حمادي عمور، مولاي الطاهر الاصبهاني، نور الدين بكر، و مصطفى الداسوكين. رحلوا جميعا رحمهم الله