“14 شهرًا من الانتظار تحت الخيام، بين رياح تصفع الكرامة، وأمطار تغرق الأحلام”. هكذا يمكن تلخيص الوضع الكارثي الذي يعيشه ضحايا زلزال الحوز، الذين باتوا مثالًا صارخًا لما يحدث عندما تتقاعس الدولة عن أداء دورها الأساسي: حماية كرامة مواطنيها وتوفير حياة كريمة لهم.
يبدو أن معاناة ضحايا زلزال الحوز وكأنها لن تنتهي أبدًا، على الرغم من مرور أكثر من سنة على وقوع الكارثة، و في ظل ظروف قاسية وباردة، يعيش المنكوبون في خيام “مؤقتة” تقتلعها الرياح في كل مرة تهب لوداع الخريف و استقبال الشتاء ، وتحمل في طياتها مشهدًا فاق كل تصور.
ومع تساقط الأمطار والثلوج، لا يكاد يمر يوم دون أن يتضاعف الألم والمعاناة. ففي بعض المناطق، كانت الرياح الشديدة التي هبت مؤخرًا كفيلةً باقتلاع الخيام التي تعد المكان الوحيد للعيش بالنسبة للعديد من العائلات، حتى الأقسام المتنقلة و المخصصة للمدارس المؤقتة، لم تسلم من هذا المصير، مما يعكس حجم الفشل في تقديم حلول ملائمة وسريعة.
وفي نفس السياف، يبدو أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فبجانب قسوة الحياة في الخيام، كان للحياة رأي آخر، حيث باتت عمليات النصب تشكل فصلاً جديدًا من المعاناة، مقاولون “محتالون” يظهرون وكأنهم المخلصون، ينالون ثقة السكان بدعم من بعض المسؤولين المحليين، ثم يتركونهم بلا مأوى ولا أموال بعد ان نصب عليهم في أموال الدعم، هؤلاء المحتالون أصبحوا رمزًا آخر للإفلات من العقاب في هذه الكارثة، مما يجعل الضحايا يعيشون مأساة مركبة بين زلزال الطبيعة وزلزال الأخلاق.
و إذا كان حال المغرب هكذا، فماذا عن الدول الأخرى التي شهدت كوارث مماثلة؟ في ليبيا، مثلاً، رغم الظروف السياسية المعقدة، تمكنت بعض المناطق المتضررة من إعادة الإعمار بشكل أسرع وأكثر تنسيقاً بفضل تنوع المساعدات ووجود خطط إغاثة حقيقية. هناك منظمات دولية ومحلية عملت على إعادة بناء المنازل والمدارس، بل وتمكنت من إيجاد حلول مستدامة للسكان المتضررين.
أما في المغرب، فالأمر يبدو كما لو أننا في مرحلة التجريب، حيث تتعثر كل خطوة نحو إعادة الإعمار، ويتم إرسال الوعود دون أي تنفيذ على الأرض.
و بات من الواضح أن الحلول الترقيعية ليست كافية. إعادة الإعمار ليست ترفًا، بل ضرورة ملحة لا تحتمل التأخير. المطلوب ليس فقط تدخلًا حكوميًا عاجلًا، بل آليات رقابة صارمة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، بعيدًا عن جيوب المتلاعبين.
إننا أمام مأساة مستمرة، تسائل كل مسؤول في المغرب عن ضميره، وكل مواطن عن مدى قبوله لهذا الوضع، قد لا نملك اليوم الإجابة، ولكن الأكيد أن التاريخ لن ينسى هؤلاء الذين تُركوا وحيدين في مواجهة مصيرهم.
وفي هذا الصدد،، قال الديش،رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل في حواره مع ـ”دابا بريس”: “ما يمكن أن نطلق عليه شروطا دنيا للكرامة الإنسانية غير متوفرة داخل خيام بلاستيكية مهترئة يحاولون ترقيعها، في مواجهة ضروف مناخية صعبة.
هاته الوضعية الصعبة التي تتكرر للسنة الثانية، نتيجة تقاعس الحكومة و غياب إرادة حفيفية لإعمار المناطق المتضررة، واصفا الظروف التي يعيشها منكوبو الزلزال بـ”القاسية والمهينة” للكرامة.