أوديوالرئسيةحواراتسياسة

في حوار بالاديو بعد عام على زلزال الحوز..حسن بنعدي: الوضع يؤكد الحاجة الملحة لتدخل عاجل وشامل لتلبية احتياجات المتضررين بشكلٍ فعال ومستدام

في الثامن من سبتمبر من عام 2023، اهتزت الأرض في منطقة الحوز ، وصلت ارتداداتها مختلف مناطق البلاد، لتوقع نحو 3000 قتيل وأكثر من 5000 مصاب وخسائر مادية سوت مناطق بأكملها بالأرض. 
سنة بالتمام والكمال، عرفت البلاد أكبر تضامن شعبي مغربي مع المتضرارات والمتضررين، وعرف فيها المغاربة عن قرب معنى مناطق الهامش والحرمان،معنى المغرب المنسي ومعنى التوزيع غير العادل للثروة، ومعنى اللاعدالة المجالية، عرفوها عن قرب بالصوت والصورة.
سنة يالتمام والكمال مرت على زلزال هو ليس فقط زلزال الحوز، بل زلزال المغرب، ليس فقط على مستوى الكارثة الطبيعية، بل على مستويات أخرى اجتماعية واقتصادية، وحقيقة أرقام الدولة التي تقدم للحديث عن مغرب التنمية والكرامة.

الآن وبعد عام،  لازالت آثار الكارثة  ماثلة للعيان، والكثيرون لا يزالون عالقين في الخيام دون التمكن من العودة لمنازلهم المنهارة جزئيا أو كليا. عملية الإعمار يبدو أنها تسير ببطء شديد، وفق من تحدثنا معهم، بينما تقول السلطات إنها تسارع الزمن لإعادة الحياة للمناطق التي طالها الدمار.

أشارت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في تقرير لها صدر في شهر ماي الماضي، إلى “عدم جهوزية الدولة للتصرف عند الكوارث في مناطق الزلزال”. فضلا عن “ضعف الإمكانيات اللوجستية ووسائل التدخل ورجال الإغاثة و الإنقاذ المتخصصين خاصة على مستوى إقليمي الحوز وشيشاوة”، وهو التوصيف الذي يمكن نفسه تسجيله على كوارث الفيضانات الأخيرة التي مست طاطا و ورزازات وغيرها.

رصدت الجمعية في تقريرها “غياب التنسيق وارتباكا في تقديم المساعدات للمتضررين”.

ورأت أن تدخل أجهزة الدولة لتقديم خدمات الإيواء والغذاء كان “ضعيفا”، وسجلت ارتفاع منسوب الدعم والمساعدات من مختلف مكونات الشعب المغربي ومن جميع المناطق “مما أسهم في تخفيف معاناة السكان في ظل استمرار تقاعس الدولة ومؤسساتها”.

واتهم تقرير الجمعية، الحكومة، بعدم مواكبة تداعيات الكارثة، وعدم الوقوف على سير عمليات الإغاثة والدعم الذي كان من المفترض أن يقدم بصورة عاجلة تلبية لحاجات السكان.

ومن “الانتهاكات” التي رصدتها الجمعية، إيواء المتضررين “في شروط غير إنسانية باعتماد خيام بلاستيكية سرعان ما تلاشت أمام الظروف المناخية والجوية في المناطق الجبلية، أو اعتماد البناء المفكك بالمساحة الضيقة”.

كما اتهم التقرير السلطات “بالتمييز في توزيع المساعدات وإقصاء بعض الأسر والأرامل”.

أجرت الحوار عبر “الأوديو”: جيهان مشكور
في حوار خاص أجرته “دابابريس” مع الفاعل الجمعوي و الناشط الحقوقي حسن ايت عدي والذي واكب عن قرب أحداث الزلزال و ما بعده يشاركنا رؤيته الشاملة حول التقدم المحرز والتحديات التي واجهت السلطات، موضحاً الوضع الحالي للأسر المتضررة و واقع التلاميذ مع بداية السنة الدراسية الجديدة، بالإضافة إلى تقييم التعامل الحكومي مع الاحتياجات النفسية والاجتماعية للمتضررين.
 أعرب حسن أيت عدي عن استيائه الشديد من التأخير الكبير الذي يشوب تنفيذ الوعود الحكومية المتعلقة بإعادة الإعمار بعد الكارثة التي ضربت منطقة الحوز، فبعد مرور عامٍ كامل، لا تزال نتائج هذه الجهود بعيدة كل البعد عن التوقعات التي حملها السكان المتضررون، و الذين يعيشون وسط أملٍ مستمر في استعادة منازلهم وحياتهم الطبيعية، وعلى الرغم من التصريحات الرسمية التي رفعت سقف الآمال، فإن واقع الأرض يشير إلى تباين كبير بين هذه الوعود وحجم الإنجازات الفعلية.
و تطرق أيت عدي إلى التحديات اللوجستية التي عرقلت جهود إعادة الإعمار، مشيرًا إلى صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب التضاريس الجبلية الوعرة، التي حالت دون إيصال المواد والمعدات اللازمة في الوقت المناسب.
كما أبرز المشكلة الكبرى التي تمثلت في الاعتماد على نظام إحصاء تقليدي وغير دقيق، حيث تم التعامل مع المتضررين بطرق عشوائية بالاعتماد على المقدم و الشيخ، مما أسفر عن توزيع غير عادل للمساعدات وفتح الباب أمام التجاوزات والإقصاء.
في سياق متصل، تحدث أيت عدي عن قصور واضح في عملية توزيع التعويضات، مشيرًا إلى أن بعض المتضررين حصلوا على تعويضات مالية، إلا أن هذه الدفعات لم تكن شاملة ولم تغطِ كافة الأسر المتضررة، وأوضح أن عملية التوزيع تجاهلت خصوصية البنية الاجتماعية الخاصة بالمجتمع في المناطق المتضررة، حيث تعيش العديد من العائلات الكبيرة في منازل مشتركة.
في ظل هذا الوضع، استفاد فقط أفراد محددون من الأسرة، كالأب أو الابن الأكبر، فيما تم تجاهل بقية الأسر بما في ذلك، الأرامل والمطلقات وأطفالهن، مما أدى إلى عدم الإنصاف وتكريس ممارسات تمييزية تستند إلى هيمنة الذكور.
حسب أيت عدي، فبعد عامٍ من الزلزال، ما زالت العديد من الأسر المتضررة تعيش في خيام مؤقتة وسط ظروفٍ قاسية تفتقر إلى الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية الحيوية.
وأشار إلى أن استمرار هذا الوضع ينذر بتفاقم المعاناة اليومية لهؤلاء السكان، خاصة في ظل توقف العملية التعليمية في العديد من المناطق المتضررة، و مع عدم تجهيز المدارس بشكلٍ كافٍ أعاق انطلاقة العام الدراسي، مما يعرض مستقبل الأطفال للخطر ويثير القلق بشأن تأثير الزلزال على حقهم في التعليم، فضلا عن ضعف البنية التعليمية الذي يعد انعكاسًا لمشكلة أعمق تستوجب حلولًا سريعة وشاملة.
من الناحية النفسية والاجتماعية، أشار أيت عدي إلى القصور الكبير في الجهود الحكومية المتعلقة بتقديم الدعم النفسي للمتضررين، حيث لا تزال البرامج المتاحة غير كافية لمواجهة الأزمات النفسية التي يعاني منها السكان جراء الكارثة، ما يضع الضحايا في مواجهة مستمرة مع التحديات النفسية دون دعم فعلي.
أخيرًا، شدد أيت عدي على ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها الرقابية، مع ضرورة محاسبة المسؤولين عن التأخير في تنفيذ خطط إعادة الإعمار والدعم. كما دعا إلى ضرورة التصدي لأي تلاعب أو تعقيدات تحول دون تحقيق التزامات الحكومة على أرض الواقع، مؤكدا أن الضحايا لا يحتاجون فقط إلى مساكن بديلة أو تعويضات مالية، بل إلى إعادة بناء شاملة لحياتهم بكل جوانبها، و للأسف الواقع يعكس فشلًا واضحًا في جهود الإغاثة، ويؤكد على الحاجة الملحة إلى تدخل عاجل وشامل لتلبية احتياجات المتضررين بشكلٍ فعال ومستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى