شهدت مدينة الفنيدق تدفقًا غير مسبوق للمهاجرين غير النظاميين، في ساعة متأخرة من ليلة السبت إلى الأحد، حيث تجمع المئات من الشباب والقاصرين في محاولة منظمة للعبور سباحة إلى مدينة سبتة، على غرار محاولات سابقة.
هذا المشهد يعكس التحديات المستمرة التي تواجهها المنطقة في ظل أزمة الهجرة غير النظامية.
و تمكن العديد من المهاجرين من الوصول إلى المدينة الحدودية، رغم حالة الطوارئ غير المعلنة التي فرضتها السلطات في عمالة المضيق الفنيدق، خلال الأسبوع المنصرم،حيث تحولت المدينة إلى ساحة كرّ وفرّ بين الشباب والقاصرين من جهة، ورجال القوات العمومية من جهة أخرى، حاول الأخيرون التصدي لموجات الهجرة عبر تعزيزات أمنية مكثفة وحراسة مشددة على الشواطئ.
واطلعت “دابا بريس” على مقاطع فيديو تظهر المهاجرين وهم يتحركون في مجموعات صغيرة باتجاه الشاطئ، بينما تستعد التشكيلات الأمنية للتدخل.
و تعكس تلك المشاهد المصورة، مدى إصرار هؤلاء الشباب والقاصرين على تحقيق حلمهم بالوصول إلى الضفة الأخرى، رغم المخاطر الجسيمة التي يواجهونها،يرمون بأنفسهم تتقدافهم الأمواج و الموت للوصول إلى الأراضي المغربية المحتلة انها ضفة الأمان و العيش الكريم عكس وطنهم.
و كثفت السلطات في استجابة لهذه الأزمة، من جهودها لضبط الوضع الأمني، حيث قامت بتوقيف وترحيل العديد من المهاجرين غير النظاميين، كما أحالت آخرين إلى النيابة العامة. تم توجيه التهم لبعض الأفراد بالتحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة تهدف إلى ملاحقة المسؤولين عن هذه الأزمة.
إن ما يحدث في مدينة الفنيدق يعكس أزمة أعمق تتطلب استجابة شاملة، تشمل تحسين الظروف المعيشية للشباب، والبحث عن حلول ناجعة في مواجهة الأزمة العميقة للمدرسة العموميو، ولوجود الملايين ممن تتراوح أعمارهم بين 14 سنة و20 سنة خارج الشغل وخارج التعليم، فضلا عن ضرورة تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة للبلاد.
وقالت “تنسيقية المجتمع المدني للتنمية المستدامة والعدالة الترابية بالفنيدق”، إنها تابعت، ومعها مختلف مكونات المجتمع المدني والحقوقي بالمدينة، “بأسف كبير وامتعاض شديد النزوح الجماعي والخطير للشباب والمراهقين واليافعين والاطفال، الحالمين بالهجرة نحو الضفة الأخرى عبر معبر باب سبتة بحرا، القادمين من مختلف مناطق المغرب ودول الجوار، للهروب من واقع اقتصادي واجتماعي مضطرب ومقلق”، “رافضين الاستمرار في العيش في ظل الفقر نتيجة إغلاق معبر باب سبتة منذ جائحة كورونا وإلى يومنا هذا دون التفكير في ايجاد البدائل الاقتصادية الحقيقية لتحقيق العيش الكريم لسكان المدينة”.
جاء ذلك في بلاغ للهيئة المدنية، حيث قالت إنه و “أمام هذا النزوح المرفوض جملة وتفصيلا”، فإنها ترفض “الخروقات والتجاوزات والانتهاكات من لدن السلطات المعنية، التي زعمت أنها “تعاملت مع الموضوع بمقاربة أثبتت فشلها الذريع إبان محاولات سابقة للتصدي للهجرة السرية عبر البحر”.
وشددت التنسيقية على أن هذا “الموضوع يحتاج ويتطلب مقاربة تشاركية ناجعة لحلحلة المشاكل المتراكمة منذ اغلاق المعبر وإنهاء عهد التهريب المعيشي”، فضلا عن “ممارسات لا مهنية للقوات العمومية في التعامل مع الأطفال والقاصرين واعتقالهم بطرق تعسفية لا تزيد الطين إلا بلة، ولا تكرس إلا مزيدا من الحقد والكراهية في نفوس أطفال ويافعين ضحايا السياسات العمومية الفاشلة” وفق بيان التنسيقية.
وكان انتشر في وقت سابق مقاطع “فيديو” على وسائل التواصل الاجتماعي، تعلن عن تنظيم هجمات مفاجئة على الحدود بين الناظور ومليلية من جهة، وتطوان وسبتة من جهة ثانية، وهو المعطى الذي حرك مختلف المصالح الأمنية على مستويات عالية، حيث تم فتح أبحاث أسفرت عن توقيف العشرات من الشباب بمدن مغربية عدة.
و كشفت مصادر أمنية، أن التحريات التي باشرتها مصالح الشرطة بكل من مدينتي طنجة وتطوان في إطار تتبع المحتويات الرقمية التي تحرض على تنظيم الهجرة غير المشروعة، خلال الفترة الممتدة ما بين 09 و 11 شتنبر الجاري، عن توقيف 60 شخصا، ضمنهم عدد من القاصرين.
وتعمل مصالح اليقظة المعلوماتية للأمن على تتبع جميع المحتويات الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بالتحريض المباشر بشكل مباشر على اقتحام السياج الأمني الفاصل بين مليلية والناظور – وسبتة والفنيدق، وإبلاغ المصالح المعنية بذلك من أجل تحديد هوية المتورطين قصد توقيفهم والبحث معهم قبل احالتهم على العدالة للنظر في المنسوب إليهم.