اقتصادالرئسيةسياسةمجتمع

المغرب في 2024: إنجازات رياضية وثقافية وسط تحديات اقتصادية واجتماعية

شهد المغرب خلال سنة 2024 أحداثًا بارزة على المستويات الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، الثقافية والرياضية ، تداخلت فيها النجاحات مع الإخفاقات، مما ولّد حالة من الترقب لدى الرأي العام بشأن مستقبل المغرب في ظل هذه التحديات.

اقتصاديًا:

سجل الاقتصاد الوطني نموًا بنسبة 2.8% خلال الفصل الثالث، مدعومًا بتحسن الصادرات وزيادة الطلب الداخلي، خاصة في قطاعات الصناعات التحويلية والاستخراجية.

ومع ذلك، توقعت المندوبية السامية للتخطيط تباطؤ النمو إلى 2.5% مع نهاية العام، مشيرة إلى تأثيرات تباطؤ الطلب العالمي وتحديات العرض.

وبالرغم هذه المؤشرات الإيجابية جزئيًا، لم تنعكس التحسينات الاقتصادية بشكل ملموس على معيشة المواطن العادي، حيث استمرت نسب البطالة في الارتفاع، خاصة في صفوف الشباب، بينما ظل التضخم يؤثر على أسعار المواد الأساسية، ما أثار انتقادات للحكومة بشأن قدرتها على ضبط الاقتصاد وتحقيق عدالة اجتماعية.

اجتماعيًا:

عاش المغرب عامًا مليئًا بالتوترات الاجتماعية، أبرزها احتجاجات المحامين وطلبة الطب التي كشفت عن أزمة ثقة بين الحكومة والفئات المهنية، إلا أن محاولات الحكومة تهدئة الوضع من خلال تعديل وزاري طفيف وغريب أثار عدة انتقادات وكرس زواج السلطة بالمال،في خطوة وُصفت بالسطحية وغير الكافية لمعالجة الأسباب الجذرية للاحتقان الاجتماعي.

إلى جانب ذلك، تسببت الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق البلاد في خسائر كبيرة، وأسفرت عن وفاة 18 شخصًا، ما أثار تساؤلات حول ضعف البنية التحتية وفعالية التدابير الوقائية، خاصة مع تكرار هذه الكوارث الطبيعية في السنوات الأخيرة.

سياسيًا:

شهدت 2024 تطورًا دبلوماسيًا مهمًا مع إعلان فرنسا رسميًا اعترافها بمغربية الصحراء خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط وقد رقي الترحيب الواسع بهذا الاعتراف،  إلا أن مراقبون أبدو مخاوف  مشروعة من أن هذه الخطوة قد تكون مشروطة بمصالح اقتصادية وسياسية، خاصة مع توقيع اتفاقيات استثمارية كبيرة.

وعلى الصعيد الإقليمي، استمر التوتر مع الجزائر في ظل سباق التسلح بين البلدين، ما أثار قلقًا بشأن تأثير هذه الأجواء المتوترة على مسار التنمية والسلام في المنطقة.

وعلى الصعيد المحلي وُجهت انتقادات للحكومة بشأن غياب رؤية واضحة لمعالجة القضايا المرتبطة بالفساد وتعزيز الحكامة.

في ملف الهجرة، أعلنت السلطات المغربية إحباط أكثر من 45 ألف محاولة هجرة غير نظامية، ما يعكس الجهود المبذولة لضبط هذا الملف. ومع ذلك، أشار حقوقيون إلى أن هذه الأرقام تعكس أيضًا استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ما يدفع الشباب إلى المخاطرة بحياتهم للبحث عن فرص أفضل خارج البلاد.

ثقافيا:

حقق المغرب إنجازًا مهمًا بتسجيل القفطان المغربي على لائحة التراث اللامادي لليونسكو، وهو خطوة إيجابية في تعزيز الهوية الثقافية المغربية على المستوى الدولي. لكن الانتقادات طالت ضعف الاستثمار في الثقافة والفنون محليًا، حيث يرى البعض أن الاهتمام بالموروث الثقافي لا يواكبه دعم كافٍ للبنية التحتية الثقافية وتعزيز الإبداع.

فنيًا:

سنة 2024 كانت حافلة بالأحداث الفنية في المغرب، حيث استمر المشهد الثقافي في تقديم تنوع فني يعكس الغنى الثقافي للبلاد، لكن الانتقادات طالت محدودية الدعم الموجه للفنانين وللإنتاجات الثقافية.

النقاد أشاروا إلى أن هناك تقدم على المستوى العالمي لا يوازيه اهتمام كافٍ بتطوير الصناعة الفنية داخليًا، حيث يعاني الفنانون من ضعف الدعم المادي والبنية التحتية.

وفي السينما، حققت بعض الأفلام المغربية نجاحًا في المهرجانات الدولية، مما يعزز حضور السينما الوطنية في الساحة العالمية.
ومع ذلك، أُثيرت تساؤلات حول غياب دور السينما في العديد من المدن المغربية، ما يجعل الوصول إلى الإنتاجات الفنية محصورًا بفئات محدودة.

أما في الموسيقى، فقد شهدت الساحة الفنية المغربية نجاحات بارزة لفنانين شباب في مجالات الموسيقى الحديثة، مثل الراب والبوب، حيث استطاعوا الوصول إلى جمهور واسع داخل وخارج البلاد.بالرغم من غياب دعم مستدام للفنانين الشباب، واعتمادهم على إنتاجاتهم الفردية في ظل غياب هيئات تنظيمية قوية.

رياضيًا:

على الصعيد الرياضي، كان 2024 عامًا مميزًا للمغرب، خاصة في كرة القدم، حيث تمكن المنتخب الوطني من تحقيق أداء قوي في التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026، محافظًا على مكانته كواحد من أفضل الفرق الإفريقية.
كما استمر الدوري المغربي للمحترفين في جذب الاهتمام، مع منافسة شديدة بين الأندية الكبرى مثل الرجاء والوداد والجيش الملكي.
وعلى مستوى البنية التحتية الرياضية فالوضع لا يزال على حاله في بعض المدن، التي لم تواكب تطور الأداء الرياضي.

رسمت 2024 أبرز الأحداث الرياضية باستضافة المغرب لبعض المباريات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024، وهو ما عزز مكانة البلاد كوجهة رياضية إقليمية.
كما واصل العمل على التحضير لاستضافة كأس إفريقيا للأمم 2025، حيث تم الإعلان عن مشاريع لتطوير الملاعب والبنية التحتية.

في ألعاب القوى، استمر المغرب في تحقيق إنجازات مهمة على المستوى القاري، إلا أن الانتقادات طالت ضعف الاهتمام بالرياضات الفردية مقارنة بكرة القدم، وغياب برامج مستدامة لدعم المواهب الشابة.

بشكل عام، عكس عام 2024 صورة متباينة للوضع في المغرب، حيث تداخلت الإنجازات مع التحديات، وبينما أظهر المغرب  قدرته على تحقيق تقدم في بعض الملفات، تبقى الحاجة ملحة إلى إصلاحات هيكلية أعمق لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ما زالت تؤرق المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى