الرئسيةمجتمع

بطاقة الإعاقة بين الطموح والواقع… تحديات التنفيذ ومدى تحقيق المكتسبات الموعودة

جاء صدور المرسوم رقم 2.22.1075 في الجريدة الرسمية كخطوة تنظيمية تهدف إلى تفعيل مقتضيات القانون الإطار رقم 97.13، وذلك في إطار تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بأوضاعهم الاجتماعية، هذا المرسوم يضع أسسًا واضحة لمنح بطاقة الإعاقة، التي ستتيح لحامليها الاستفادة من حقوق وامتيازات محددة، وذلك من خلال منصة إلكترونية تعتمد على معايير دقيقة لتقييم الإعاقة، تأخذ بعين الاعتبار القدرات الفردية ومدى الاندماج الاجتماعي، إلى جانب العوامل البيئية التي قد تؤثر على حياة الأشخاص في وضعية إعاقة.

ورغم ما يطرحه المرسوم من آفاق جديدة لهذه الفئة، إلا أن تطبيقه يواجه تحديات جوهرية، خاصة فيما يتعلق بمدى إمكانية تعميم البطاقة ووصولها إلى المستفيدين في المناطق النائية.

في هذا السياق عبر أحمد موهوب، رئيس مؤسسة “ربيع العمر” للأشخاص في وضعية إعاقة بالرباط، عن قلقه بشأن الصعوبات التي قد تعترض استفادة فئات واسعة من البطاقة، مشيرًا إلى أن تعقيدات التنقل وضعف البنية التحتية في المناطق القروية قد يشكلان عائقًا حقيقيًا أمام الأشخاص ذوي الإعاقة، مما قد يحرمهم من الاستفادة الفعلية من الامتيازات التي يُفترض أن توفرها البطاقة.

و يؤكد موهوب انه ورغم الجهود المبذولة لتبسيط الإجراءات الا أن الإعاقة ليست فقط تحديًا جسديًا أو صحيًا، بل أيضًا عبء مادي ومعنوي مستمر، حيث لا تزال مشكلات التنقل قائمة حتى في المدن الكبرى مثل الرباط، فكيف سيكون الوضع في المناطق البعيدة عن مراكز القرار والخدمات الأساسية؟ كما لفت إلى أن المنصة الإلكترونية التي يُفترض أن تكون الأداة الرئيسية لتقديم الطلبات ومعالجتها لم تُفعَّل بعد، رغم إعلان الحكومة عنها في إطار المرسوم.

وبالإضافة إلى هذه الإشكالات، يبرز التساؤل حول مدى قدرة البطاقة على إحداث تغيير ملموس في حياة المستفيدين فحتى اللحظة، لم يتم الكشف بوضوح عن طبيعة الامتيازات التي ستوفرها البطاقة، وما إذا كانت ستشمل مجانية وسائل النقل، تسهيلات في الولوج إلى الخدمات العمومية، أو دعمًا في السكن.

ويرى موهوب أن الهدف الأساسي من هذه البطاقة هو إعادة تعريف مفهوم الإعاقة وإدماج الأشخاص المعنيين في المجتمع عبر سياسات أكثر إنصافًا، مؤكدًا أن المرحلة التجريبية ستبدأ من جهة الرباط-سلا-القنيطرة قبل أن يتم تعميمها على باقي مناطق المملكة.

في المقابل، انتقد الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية غياب امتيازات جوهرية لحاملي البطاقة، معتبرًا أنها لا تحقق الأولوية في الرعاية الطبية، ولا تضمن الإعفاء من التكاليف الصحية أو تسهيل الحصول على الأجهزة والمساعدات التقنية مثل الأطراف الاصطناعية والكراسي المتحركة والسماعات الطبية، كما تمت الأشار إلى عدم وجود ضمانات لتيسير القبول في المؤسسات التعليمية المتخصصة أو المراكز التأهيلية، مما يحد من فاعلية البطاقة ويجعلها في نظر الاتحاد مجرد وثيقة إدارية لا تؤثر بشكل جوهري على الحياة اليومية للأشخاص في وضعية إعاقة.

ورغم كل هذه الملاحظات، فإن المرسوم يضع معايير دقيقة لتقييم الإعاقة، وفق قرار مشترك بين وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، كما ينص على إحداث لجان إقليمية لتقييم الإعاقة، تتألف من ممثلين عن القطاعات الوزارية المعنية، بهدف ضمان شفافية الإجراءات، هذا و حدد المرسوم مدة صلاحية البطاقة في سبع سنوات قابلة للتجديد وفق نفس المسطرة.

يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن هذه البطاقة من تحقيق نقلة نوعية في حياة الأشخاص في وضعية إعاقة؟ أم أنها ستظل مجرد إطار تنظيمي لا ينعكس فعليًا على أرض الواقع؟ نجاح هذا المشروع سيعتمد على مدى التزام الحكومة بتوفير إجراءات مرافقة حقيقية، تشمل تحفيزات مادية، تحسين الخدمات الصحية، وتطوير بنية تحتية تستجيب لاحتياجات هذه الفئة، حتى لا تتحول هذه البطاقة إلى وعد غير محقق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى