الرئسيةحول العالمفي الواجهة

المرأة في الخطوط الأمامية: تحدي الصورة النمطية من خلال العمل الإنساني في غزة

في خضم العدوان وحرب الابادة المستمرة في غزة، يبرز دور المرأة الفلسطينية بشكل لافت، حيث تقف في وجه التحديات اليومية وتتحدى الصورة النمطية التي قد تُنسب إليها في العديد من الثقافات.

نبال فرسخ، المتحدثة الرسمية باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تمثل أحد أبرز الأصوات التي تُسهم في تسليط الضوء على التضحيات التي تقدمها النساء العاملات في الميدان، نبال ليست مجرد مسؤولة إعلامية، بل هي إحدى الوجوه التي تنقل إلى العالم معاناة وأمل سكان غزة، وتعكس صورة المرأة التي لا تقتصر على أدوارها التقليدية بل تتجاوزها لتكون فاعلة في مجالات مختلفة، بما في ذلك في ظل أزمات إنسانية مرعبة.

في حديثها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، شددت نبال على الدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في الاستجابة الإنسانية، إذ تؤمن بقوة أن المرأة قادرة على مواجهة أصعب التحديات في حياتها اليومية وفي مجال عملها، وأنه لا يوجد شيء مستحيل أمام إرادتها.

نبال، الأم التي تعيش في ظروف صعبة مثل غيرها من الأسر الفلسطينية، توازن بين حياتها العائلية والمهنية، فهي متزوجة ولديها ولدان، ورغم ما تفرضه الحياة في غزة من تحديات، تشارك زوجها في المهام المنزلية وتحرص على تربية أطفالها على مبدأ المساواة بين الجنسين، بعيدًا عن الصور النمطية التي قد تؤثر على دور المرأة في الأسرة.

من الناحية المهنية، تساهم نبال بشكل كبير في تحطيم تلك الصور النمطية التي تربط المرأة بالضعف أو العجز. فبصفتها المسؤولة الإعلامية والمتحدثة الرسمية لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تؤدي دورًا محوريًا في توصيل الحقيقة للعالم، منذ بداية النزاع في غزة قبل أزيد من سنة ، فقد كانت تعمل بلا توقف، تُشارك في الإعلام، وتوثّق الأحداث المؤلمة في الميدان، وتساعد في نشر الأخبار ذات الصلة، وفي الوقت ذاته، كانت دائمًا حاضرة لتقديم الدعم العاطفي والنفسي لزملائها، مما يساهم في خلق بيئة من التضامن والروح الجماعية وسط المآسي التي يعاني منها الجميع.

تعتبر نبال وزميلاتها في الهلال الأحمر الفلسطيني مثالًا حيًا على قدرة النساء على التفوق في أوقات الأزمات،و تؤكد نبال أن النزاع في غزة جعلها تدرك بشكل أعمق دور المرأة المتطوعة في جمعيتها، واللاتي لا يترددن في تقديم تضحياتهن الشخصية والمهنية رغم المخاطر الجسيمة، فبعضهن يستمررن في تقديم الإسعافات حتى آخر لحظة رغم كل الظروف الصعبة.
واحدة من هؤلاء المسعفات، على سبيل المثال، واصلت عملها الميداني رغم اعتقال زوجها لفترة طويلة، ومع كل التحديات التي واجهتها بما في ذلك ضرورة تأمين الطعام والمياه الصالحة لأطفالها، أظهرت قوة وصلابة لا تُصدق في أداء مهامها الإنسانية.

تستذكر نبال أيضًا زميلتها هداية حمد، التي استشهدت أثناء أداء عملها في مستشفى الأمل، هداية، التي كانت تشغل منصب مديرة المتطوعين في الجمعية، كانت لا تزال تُساند المتطوعين وزملاءها في المستشفى حتى لحظاتها الأخيرة، إن تضحيات هداية تعكس ببراعة مدى التزام المرأة في العمل الإنساني، وكيف أنها لا تأخذ تراجعًا أمام التحديات مهما كانت شدة الظروف.

إن نبال وزميلاتها في الهلال الأحمر الفلسطيني، مثل هداية وغيرها، هنّ مثال حي على أن المرأة يمكن أن تحطم كل الصور النمطية التي قد تُصوّرها ككائن ضعيف. بل إن المرأة الفلسطينية تُظهر، في أصعب الأوقات، قوتها ومرونتها، مؤكدة أنها لا تقل شجاعة عن الرجل في التحديات التي تواجه المجتمع، في مشهد يعكس صورة المرأة المتجددة التي تقف على خط المواجهة، و تُساعد الآخرين وتُساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك، حتى في ظل أصعب الأوقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى