
في زاوية الشيخ، الجماعة الصغيرة الواقعة في منتصف الطريق بين بني ملال وخنيفرة، يتردد اسم يطو أوعمو كامرأة مؤثرة في المنطقة.
ذلك أن هذه السيدة اقترن اسمها بتعاونية (يامنة) التي أسستها سنة 2025 لتسويق المنتجات المجالية، لتواصل ترؤسها لها، وكتابة ، بالتالي ، قصة نجاح تؤرخ لنضال المرأة القروية، لاسيما في رقعة جغرافية يغلب عليها الطابع الجبلي.
فمن مجرد فكرة بسيطة، أسست يطو تعاونيتها التي انطلقت من تصنيع حوالي عشرة أصناف من الكسكس قبل أن تصبح ما عليه اليوم كعلامة تجارية تسم جهة بني ملال ـخنيفرة في المعارض الفلاحية الكبرى.
تقدم يطو ، التي تشع بالأناقة والهدوء والابتسامة الدائمة، نفسها امرأة جبلية تناضل ضد تهمش النساء في المناطق الجبلية، حيث سخرها القدر لتخليص قريناتها من واقع لازمهن كربات بيوت منهمكات كليا في القيام بمهام منزلية، عبر السهر على تكوينهن وتمكينهن من دخل يتيح لهن توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهن.
وتمكنت هذه المغربية، مدفوعة بإحساس عميق بالواجب، من تعبئة طاقات ومواهب النساء بجماعة زاوية الشيخ، لتعلن ميلاد تعاونية (يامنة) التي أتاحت الإصغاء إلى أصوات نسائية ظلت خافتة.
كانت الانطلاقة بتصنيع نوع من الكسكس، ليتوسع النشاط شاملا نحو 20 منتجا تمتزج فيها التقاليد بالحداثة، ضمنها حساء وأطباق حبوب ومنتجات أملو وبركوكش وسلو، أعدت جميعها ، بعناية ، من دقيق القمح الصلب والقمح اللين والذرة والشعير.
واليوم، تفخر التعاونية، المتسلحة بالعمل الجاد والمخلص، بعرض منتجاتها في أرقى المعارض التجارية في ألمانيا وفرنسا والإمارات العربية المتحدة، مبرزة في كل حدث مهارتها في مجال الصناعة الغذائية التقليدية.
“’لن أتراجع إلى الوراء”’ تقول يطو وهي تجيب على سؤال لوكالة المغرب العربي للأنباء حول سر نجاحها، في تحد “’للوضع الاجتماعي”’ الذي واجهته منذ صغرها كواقع فرضته أنماط الحياة في الجبال.
ومنذ إطلاق تعاونيتها بدعم قوي من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، قامت يطو بدمج نحو 50 سيدة في التعاونية، حيث يستفدن من راتب ثابت وتأمين إجباري على المرض.
وسرعان ما أخذت منتجات الكسكس لتعاونية (يامنة) طريقها نحو التصدير بفضل جودتها الاستثنائية التي تحرص عليها سيدة يمكن تستحق لقب “المرأة الحديدية” في جماعة زاوية الشيخ.
“’كانت فكرتي بسيطة، إدخال تحسينات على الكسكس الذي لامحيد عنه في المطبخ المغربي، للتعريف به وتصديره إلى مختلف بقاع المعمور”، تقول يطو الحائزة على العديد من الجوائز المرموقة منها ميدالية ذهبية في إحدى دورات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس.
وتشدد للوكالة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) على أن هدفها الرئيسي هو دعم نساء قريتها للتغلب على العقبات التي تعوق تمكينهن ومساعدة اللواتي تجتزن صعوبات مالية.
بالنسبة لها “طموحي كان وسيظل أن أقدم مساهمتي المتواضعة في تحسين الظروف المعيشية لنساء زاوية الشيخ من خلال تشجيعهن على الالتحاق بالتعاونيات، حتى يتمكن من تحقيق الاستقلال المالي والمشاركة في التنشيط الاقتصادي لقريتنا”. سر النجاح في نظرها الثقة بالنفس وإرادة مواجهة التحديات الجديدة، تكريما للمرأة المغربية والنهوض بقيم الإنصاف وتكافؤ الفرص، لا سيما في المناطق القروية.
وتخلص هذه الناشطة الاجتماعية والاقتصادية الى القول “نجاحي ليس نجاحا لشخصي، بل لجميع النساء اللواتي يثقن في إمكانياتهن ويجرأن على مواجهة التحديات”.