“غلاء الأسعار في المغرب: أزمة معيشة أم سياسات اقتصادية؟”
16/03/2025
0
بقلم: إيمان الرازي
التقينا اليوم في لحظة فارقة تتجاوز مجرد النقاش الأكاديمي حول غلاء الأسعار إلى مواجهةٍ مع واقعٍ اجتماعي يزداد ُ احتدامًا، إذ لم تعد الأزمة مجرد مؤشرات اقتصادية باردة، بل بات لها انعكاس في تفاصيل الحياة اليومية للمغاربة، في أنين الطبقات الوسطى التي تتلاشى، وتعالي أصوات الفئات الهشة التي استنزفتها آلة السوق المتوحشة.
إننا أمام معادلة يتشابك فيها الاقتصاد بالسياسة، حيث تغدو القدرة الشرائية للمواطن مقياسًا صريحًا لمدى حضور الفاعل الحكومي كمهندس مسؤول، أو انسحابه لصالح منطق ” اليد الخفية: التي تدير السوق بآليات الاحتكار والمضاربة والتواطؤ الضمني، بل أقول: التواطؤ الصريح
لم يعد الغلاء اليوم مجرد متغير عابر، بل أصبح سمة بنيوية مهيكلة تؤطر المشهد الاقتصادي والاجتماعي، في ظل سياسة حكومية تبدو أقرب إلى اللا مبالاة المؤسسية، تغيب فيها حتى القرارات الشكلية في إدارة الأزمة، أما البحث عن حلول جذرية، فذلك ضرب من الخيال. وبينما تتضخم هوامش الأرباح في دوائر محددة، تتآكل هوامش تصرف الملايين من المغاربة الذين لم يعودوا قادرين على مسايرة هذا الانفلات السعري.
وقد تساءلت بهذه المائدة المستديرة، ما إذا كان هذا الغلاء المتصاعد مجرد أزمة معيشية أم أنه سياسة اقتصادية قصدية عن سابق إصرار وترصد.
ستسمح مقاربات الخبراء المتدخلين في هذه المائدة المستديرة بتشخيص الأزمة، وتسليط الضوء على أسباب تهاوي مؤشرات القدرة الشرائية.
ثم، هل يمكن الاستمرار في قبول منطق يقوم على أطروحة “السوق الحُر” حينما يكون المواطن مكبلاً أمام لوبيات لا تخضع إلا لمنطق الربح الأقصى ولو على حساب استقراره الاجتماعي والنفسي؟
في سياق كهذا الذي أوردناه سلفا، حيث الغضب الشعبي يتصاعد وحيث الهوة بين خطاب الحكومة وواقع الناس تتنامى، تبرز ضرورة إعادة التفكير في السياسات الاقتصادية برؤية نقدية تضع الإنسان في صلب المعادلة، بل وتضع الاستقرار الاجتماعي كمحدد أساس، بعيدا عن اختزالات تكنوقراطية تتوسل بقواميس التقشف والتوازنات الماكرو-اقتصادية.
فالاقتصاد، ليس مجرد سوق، بل علاقة اجتماعية تعكس طبيعة العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها.
لهذه الاعتبارات، فإن مائدتنا المستديرة اليوم طمحت إلى أن تتجاوز كونها مساحة للنقاش، إلى فرصة لطرح الأسئلة العميقة: هل نحن أمام اقتصادٍ يخدم الجميع أم يخدم قلةً محظوظة؟ هل تخلّت الدولة عن وظيفتها الحمائية لصالح أقلية متغلبة اقتصاديا وما البدائل الممكنة أمام هذا الانسداد الذي لم يعد فقط اقتصاديًا، بل أصبح أيضًا سياسيًا واجتماعيًا؟
فتحنا إذن هذا النقاش، ليس بحثًا عن إجابات جاهزة، بل سعيًا لتفكيك المسلمات، وإعادة مساءلة هذا النظام الاقتصادي الذي حول حياة الناس إلى معركة يومية ضد الأسعار، في ظل صمت حكومي يوشك أن يتحول إلى تواطؤ غير معلن.
وهذا الملف الحارق يجب معاينته بعيدًا عن الشعارات المهدئة، وقريبًا من الحقيقة الموجعة.
سررت اليوم بشرف المساهمة في أشغال المائدة المستديرة المنظمة من طرف منتدى المبادرات الشبابية ومركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي حول موضوع ارتفاع الأسعار: أزمة معيشة أم سياسات اقتصادية
سررت بالكم الشبابي الحاضر معنا الذي التزم بمسؤولية وتفاعل بإيجابية وأصغى بإمعان للسادة الأساتذة المتدخلين د. بدر الزاهر الأزهر وهو أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني ود. خالد أشيبان المحلل والباحث في الاقتصاد وختامه مسك مع العزيز علي الغنبوري رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي والذي أصر على انتشالي اليوم من براثن الحزن والحسرة.