
انطلقت مساء أمس الجمعة بمدينة الجديدة فعاليات الجامعة الربيعية التي تنظمها فيدرالية اليسار الديمقراطي تحت شعار “إعادة التفكير في الديمقراطية: على ضوء الحراكات الاجتماعية والفكرة الديكولونيالية”.
وافتتح عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، حيث أكد، أن هذه الجامعة يراد منها “أن تكون فضاء للنقاش العميق، وتشريحا للبنيات المعرفية وتحليلا لواقعنا الافتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي بمرجعية التقييم التنويري والعقلاني، واستراتيجية النقد البناء، وإبداعات الفكر المتحرر”، مؤكدا “رفض أن يكون المستقبل مجرد نسخة من الماضي ما يتطلب فكرا تحرريا، وثقافة عقلانية نقدية، وديمقراطية لا تختزل في صناديق الاقتراع، بل تبنى يوميا من خلال النقاشات الجريئة، والمقاومات الشعبية، والأفكار التي تزعزع اليقينيات”.
وأضاف عبدالسلام العزيز بعد أن تطرق لواقع الفساد وتراجع الحريات وتبرير ذلك بوجود دواعي أمنية، أن وحدة اليسار المغربي ستظل على رأس الأولويات، وأن حزبه سيظل منفتحا على كل صيغ العمل الوحدوي مع كل القوى اليسارية والديمقراطية، لأننا يقول: نؤمن أن المعركة ضد الاستبداد والفساد مازالت تتطلب تكتلا واسعا يقوم على البرامج المشتركة والنضال الجماعي، وفي هذا الإطار يضيف العزيز، نذكر بمبادرة حزب الفيدرالية ضد الفساد، التي نرمي من خلالها خلق تكتل واسع يضم فعاليات نقابية وحقوقية وسياسية وجمعوية، وكل الفعاليات التي تتقاسم معنا تقدير أن هذه الافة المستشرية تعمقت وتمددت واصبحت عائقا في وجه أي انتقال ديمقراطي وتنمية اقتصادية، بل أصبح الفساد يهدد مستقبل المغرب والمغاربة.
ومباشرة بعد كلمة الافتتاح للجامعة، قدم منتصر ساخي وجمال العمراني من اللجنة العلمية للجامعة عرضا حول منهجية العمل وأهداف هذه الدورة، ليترأس بعد ذلك محمد الساسي، الأستاذ الجامعي وعضو المكتب السياسي للفيدرالية، الجلسة الأولى التي تضمنت ثلاث مداخلات رئيسية.
القيادي اليساري محمد الساسي وفي معرض تقديم مداخلة أحد رموز ثورة الياسمين بتونس، منصف المرزوقي، تحدث، عن بدائل اليسار، والذي اعتبر أنه ليس من حق الحزب أن يحتكر طرحها، بل يجب وضعها في إطار حوار يهم المناضلون ويهم المغاربة، ويهم كل الحراكات في عموم البلاد.
هذا وشارك في هذه الجلسة الأولى، أحد قادة ثورة تونس 2011، منصف المرزوقي عن بعد، حيث وجه الشكر للشعب المغربي، الذي وصفه بالشعب العظيم، وبكونه الشعب العربي الواحيد الذي لم يتوقف عن التظاهر تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وضد الإبادة في غزة، منذ بدء العدوان إلى اليوم، معتبرا أن غزة اليوم هي بيت القصيد.
المتحدث ذاته، ربط بين ما يحدث في غزة، وبين فشل الربيع العربي، معتبرا بهذا الخصوص أن مأساة غزة ما كانت ستكون بما هي عليها اليوم، لو كان محمد مرسي لازال حيا و الذي أتت به الانتخابات في سياق الربيع العربي، قبل أن يقع الانقلاب على نتائجه ويجري الإتيان بالجنرال عبدالفتاح السيسي على رأس الحكم بمصر.
وشدد المرزوقي التاكيد، أن مأساة غزة بدأت بالأساس بالثورات المضادة في مصر والإتيان بالجنرال عبد الفتاح السيسي الذي أحكم الحصار على غزة، مؤكدا أن الواقع الفعلي أن الحصار على غزة يشارك فيه أيضا النظام المصري.
واعتبر أن نجاح الثورة المضادة في مصر وخنق غزة هو الذي أوصل للنتيجة التي نعيشها اليوم، لذلك ما نراه اليوم هو أحد تبعات إفشال الربيع العربي.
وفي معرض حديثه عن تونس، قال المرزوقي إنه كان دائما يعتبر أن الديمقراطية في تونس لا يمكنها أن تحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، باعتبار تونس دولة صغيرة وبها موارد محدودة، لذلك كان دائما يكرر دعواته من أجل فضاء عربي ومغاربي وتكتلات اقتصادية، مشددا على أن الدول الاستبدادية لا تتحد بل تتحارب فيما بينها.
وأوضح في السياق ذاته، أنه لا طالما ليست هناك دول ديمقراطية في منطقة المغرب الكبير فلا يمكن لأن نحلم بأي اتحاد، باعتبار أن الديكتاتوريات لا تتحد بل تتحارب فيما بينها وهذا ما نعيشه اليوم.
لينتظم بعد ذلك المشاركات والمشاركين، في ورشات عمل تفاعلية حول موضوع “يسار متجدد في مواجهة السياسات القمعية بمنطقة البحر الأبيض المتوسط”، وفيها تناولت الورشة الأولى تجربة النضال الاشتراكي في إيطاليا تحت الحكومات المحافظة، بإشراف الباحثة الإيطالية جاسمين إيوزيلي من جامعة تورينو. بينما ركزت الورشة الثانية على وضعية المهاجرين غير القانونيين وعائلاتهم، بتأطير المحامية والباحثة سارة سوجار.
أما الورشة الثالثة فناقشت السرديات والممارسات النضالية في المغرب بإشراف الباحثين جمال العمراني وآني شارلوت جوست أوليفييه.
يتبع…