
تتوالى فصول المأساة التي هزت مدينة فاس ليلة أمس عقب انهيار منزل سكني بحي الحسني، حيث كشفت المعطيات الصادرة عن المندوبية الجهوية لوزارة الصحة تفاصيل صادمة عن عدد الضحايا والمصابين، في وقت ما تزال فيه فرق الإنقاذ تواصل جهودها في ظروف صعبة بحثاً عن مفقودين محتملين تحت الأنقاض.
وأكد مصدر مسؤول بالمندوبية أن مستعجلات مستشفى الغساني استقبلت أولى حالات الوفاة على الساعة الثانية عشرة وخمسين دقيقة ليلاً، مشيراً إلى أن حصيلة الضحايا ارتفعت لاحقاً إلى خمس وفيات، وهو ما يكرّس فداحة الحادث وعمق الصدمة التي يعيشها الحي والسكان.
الضحايا الذين لقوا حتفهم جراء هذا الانهيار المأساوي يشكلون جزءاً من مأساة أكبر، إذ استقبلت المستعجلات أيضاً سبع حالات إصابة متفاوتة الخطورة، من بينها إصابة طفل، في مشهد ينضح بالألم والارتباك ويعكس حجم الخسائر البشرية التي خلفتها الكارثة.
فيما تنوعت الإصابات المسجلة بين كسور وجروح عميقة تتطلب تدخلاً طبياً دقيقاً، وسط تعبئة طبية كبيرة داخل المرفق الاستشفائي.
في موقع الحادث، ما تزال عناصر الوقاية المدنية تباشر عمليات البحث تحت الأنقاض باستخدام معدات متخصصة وكلاب مدربة، في سباق مع الزمن لإنقاذ من يمكن إنقاذه أو لانتشال جثث محتملة، بينما يشهد المكان تطويقاً أمنياً واسعاً لاحتواء الوضع وتنظيم حركة المواطنين الذين احتشدوا بأعداد كبيرة، بعضهم بدافع الصدمة والبعض الآخر بدافع التضامن أو الاطمئنان على مصير أقرباء مفقودين.
تثير هذه الكارثة تساؤلات متجددة حول واقع البنايات الهشة بمدينة فاس، وخاصة في الأحياء القديمة أو الشعبية التي تعاني من تدهور البنية التحتية وغياب المراقبة المستمرة.
فالمشهد العام يعيد إلى الواجهة الحاجة الماسة إلى استراتيجية وطنية شاملة تروم ترميم الدور المهددة بالانهيار وتوفير بدائل آمنة لقاطنيها، قبل أن يتحول التهاون إلى مأساة حقيقية كما حدث في حي الحسنى، وبينما تعيش المدينة على وقع الصدمة، يبقى الأمل معلقاً في أن تتحول هذه الفاجعة إلى دافع لإعادة النظر في سياسات السكن ومعايير السلامة، بعيداً عن منطق التدخل بعد فوات الأوان.