الرئسيةحوادثمجتمع

تزايد العدوانية بالطرق: طريق،أم ساحة.. فمعركة!

سلوك يومي مقلق على الطرقات

تشهد الطرق المغربية تزايدًا ملحوظًا في مظاهر السلوك العدواني لدى السائقين، بدءًا من استعمال مفرط لأبواق التنبيه، مرورًا بالشتائم والتصرفات الاستفزازية، وصولًا إلى الاحتكاك الجسدي في بعض الأحيان. هذه التصرفات لم تعد حالات فردية معزولة، بل باتت ظاهرة تعكس ارتفاع منسوب التوتر وانخفاض منسوب الاحترام المتبادل على الطريق.

أرقام تكشف الواقع

 

بحسب دراسة علمية ، فإن 88% من السائقين المغاربة صرحوا بأنهم شعروا بالخوف نتيجة تصرفات عدوانية من سائقين آخرين،و65% منهم يستخدمون المنبه الصوتي (الكلاكسون) بشكل مفرط عند الغضب، بينما نصف السائقين تقريباً (50%) اعترفوا بأنهم أهانوا سائقين آخرين في لحظات توتر.

هذه الأرقام لا تترك مجالاً للشك، العدوانية في السياقة بالمغرب ظاهرة منتشرة بشكل واسع، وتتغذى من عوامل متعددة.

البعد النفسي: حين يقود التوتر السيارة

 

تقول الدكتورة مريم الاهصائية النفسية أن الازدحام المروري والإحباط الناتج عنه يعتبران أبرز محركات العدوانية في السياقة، “حين يُحاصر السائق لساعات في الزحام، وسط منبهات مزعجة وسلوكيات متهورة، يتحوّل الشعور بالضيق إلى توتر، ثم إلى انفجار لفظي أو حتى جسدي”.

وتضيف أن الضغط النفسي اليومي، والوضعية الاقتصادية المتقلبة، وضعف البنية التحتية، كلها عوامل تغذي هذا التوتر الجماعي على الطرق.

حين تُصبح الطريق اختباراً للأعصاب

 

لا يمكن عزل العدوانية على الطرق عن العوامل النفسية والسلوكية، فحسب دراسات حديثة:

  • 39% من السائقين يعتبرون النعاس أحد الأسباب الكبرى للحوادث.
  • 28% اعترفوا بأنهم غفوا لبضع ثوان أثناء القيادة.
  • 55% قادوا سياراتهم رغم شعورهم بالإرهاق الشديد.

إلى جانب ذلك، هناك سائقون يشعرون أنهم يسيطرون تماماً على الطريق، مما يجعلهم يقللون من تقدير المخاطر ويتصرفون بثقة زائدة.

مخالفات تُشعل نار الطريق

من بين أبرز السلوكيات التي تؤدي إلى توتر السائقين وارتفاع منسوب العدوانية،56% يتجاوزون السرعة القانونية،38% لا يستعملون إشارات تغيير الاتجاه،37% لا يحترمون مسافة الأمان،و30% لا يبطئون عند الاقتراب من مناطق الأشغال، اضافة الى 25% لا يربطون حزام الأمان.

هذه المخالفات لا تؤدي فقط إلى ارتفاع وتيرة الغضب بين السائقين، بل تُضاعف من خطر الحوادث المرورية.

ضريبة الدم: أرقام الحوادث

 

خلف هذه العدوانية المتفشية، يدفع المغاربة ثمناً باهظاً كل سنة: “اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير
• أكثر من 96,800 حادثة سير في المناطق الحضرية سنة 2024، بزيادة 14% عن السنة التي قبلها.
• 1,063 وفاة مسجلة.
• أكثر من 5,000 إصابة خطيرة، و126,000 إصابة خفيفة.

هذه الأرقام المؤلمة تطرح أسئلة عميقة؛ ما الذي يدفع السائق المغربي إلى هذا القدر من التهور؟ وهل أصبح الطريق مرآة تعكس وضعاً اجتماعياً محتقناً؟

كل هذه المعطيات تفرض الحاجة إلى تدخل متعدد المستويات.
فالحل لا يكمن فقط في العقوبات، بل يتطلب مقاربة شاملة تشمل التوعية، وتحسين البنية التحتية، وتكثيف المراقبة، وتعزيز برامج الصحة النفسية الموجهة إلى السائقين، خاصة أولئك الذين يقضون ساعات طويلة على الطريق.

School crossing guard (Hispanic mature woman, 50s) helping children walk across street. Focus on woman.

إن بناء ثقافة طرقية سليمة يبدأ من المدرسة، ويمتد إلى حملات التحسيس، ولا يمكن أن ينجح إلا إذا أصبح احترام الآخر خلف المقود جزءًا من السلوك اليومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى