الرئسيةدابا tvرأي/ كرونيك

منع محاضرة العثماني بتطوان…حرية تُمارس ضد الحرية+فيديو

منع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، من إلقاء محاضرة داخل فضاء جامعي بمدينة تطوان، يعيد إلى الواجهة نقاشًا حساسًا حول معنى الحرية وحدودها، الحدث بسيط من حيث الشكل، لكنه بالغ الدلالة من حيث السياق.

بقلم: بثينة المكودي

شهدت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، صباح اليوم الأربعاء،4 يونيو الجاري ، حالة من التوتر والاحتقان أثناء تنظيم ندوة لرئيس الحكومة السابق، سعد الدين العثماني، حول موضوع “الصحة النفسية”.

و تدخل عدد من طلبة فصيل “الطلبة القاعديين ” في محاولة لمنع انعقاد الندوة، ما دفع إدارة الكلية إلى نقل النشاط إلى قاعة مغلقة بجناح العمادة، مع فرض قيود على الحضور

في الظاهر على الفيديو اسفله ، نحن أمام مجموعة من الطلبة عبروا عن رفضهم لمشاركة شخصية سياسية كانوا، أو ما زالوا، يحملنها جزءًا من المسؤولية  في  توقيع المغرب على اتفاقية  التطبيع وفيما آلت إليه أوضاع البلاد.

الجامعة فضاء حر ومفتوح للنقاش والتعدد

وفي العمق، نحن أمام سؤال بديهي هل من حق فئة، أيا  كانت مرجعيتها، أن تمنع نشاطا فكريا باسم النضال؟ وهل بهذا الشكل تُمارس الديمقراطية في فضاء من المفترض أن يكون حرًا ومفتوحًا للنقاش والتعدد؟

تحمل الواقعة  في طياتها وجهين متناقضينن، الوجه الأول، لا يخلو من مفارقة  شبه إيجابية، في بلد مثل المغرب، يستطيع طلبة أن يمنعوا نشاطًا لشخصية من حجم العثماني دون أن تتدخل السلطات لقمعهم أو اعتقالهم، ،هل هذه فعلا مقاربة ام هي تلميع للصورة ولأنه اللامبة، وهي لامبالات بما يحدث في الجامعة  التي قد تشهر “الزبارات ” في وجوه المعارضين والمخالفين للرأي؟

لكن الوجه الآخر من الحادثة أكثر خطورة  هو أن الطلبة لم يختلفوا مع العثماني، بل ألغوا حضوره، لم يناقشوه، بل طردوه، ولم يطرحوا أسئلتهم، بل أغلقوا الباب قبل أن يُفتح.

هذا النوع من الممارسات لا يمكن اعتباره نضالاً، إنه شكل من أشكال العنف الرمزي، ومنع التعبير، والإلغاء المسبق للرأي الآخر،وهذا ليس من الديمقراطية في شيء.

الجامعة فضاء للجدل الحر، للعقل، للاختلاف المشروع، للمواجهة الفكرية والسياسية الراقية.

 

من حق الطلبة أن يرفضوا سياسات العثماني، لكن,,

إذا تحولت الجامعة إلى منصة لتصفية الحسابات بالقوة والقمع، أو إلى امتداد للصراعات الإيديولوجية، فإنها تفقد وظيفتها الأساسية.

من حق الطلبة أن يرفضوا سياسات العثماني، وأن يعارضوا تجربته، وأن يوجهو له انتقادات قاسية، لكن من واجبهم أيضًا أن يحمو حقه في الكلام، تمامًا كما يرغبون في أن يُحترم حقهم في المعارضة.

ما حدث في تطوان ليس معركة بين السلطة والمعارضة، بل لحظة كاشفة لمأزق ثقافي أعمق: الحرية التي نطالب بها تُصبح أداة نستخدمها ضد من نختلف معهم.

منع الطلبة للعثماني يكشف عن خلل في فهم جوهر حرية التعبير، التي يجب أن تُكفل للجميع، حتى لمن نختلف معهم ،لا يمكن أن نرفض القمع من جهة ونمارسه من جهة أخرى، وإلا وقعنا في التناقض.، الموقف المبدئي ضد القمع لا يتجزأ، فلا يحق لأي طرف أن يصادر رأي الآخر أو يمنعه من الكلام لمجرد أنه لا يوافقه، مواجهة الأفكار تكون بالنقاش والرد، لا بالصراخ والمنع، فالديمقراطية التي ننشدها لا تُبنى على الانتقائية، بل على احترام الحق في الاختلاف.

في نهاية المطاف، لا ديمقراطية بدون احترام متبادل، ولا حرية بدون قبول بالاختلاف. وما حدث في تطوان يعكس تراجعًا خطيرًا في هذا الفهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى