الرئسيةصحةمجتمع

تلوث الهواء وسرطان الرئة..دراسة تكشف العلاقة بينهما

في كشف علمي يثير القلق، خلصت دراسة طبية حديثة إلى وجود علاقة وثيقة بين تلوث الهواء وطفرات جينية محددة ترتبط مباشرة بظهور سرطان الرئة، حتى لدى الأشخاص الذين لم يسبق لهم تدخين سيجارة واحدة في حياتهم.

الدراسة التي نشرت في إحدى المجلات العلمية المرموقة، اعتمدت على تحليل بيانات آلاف الأشخاص عبر مناطق مختلفة تعاني من مستويات متفاوتة من تلوث الهواء، مع التركيز على الجزيئات الدقيقة المعروفة بـ PM2.5، وهي جزيئات ملوثة لا ترى بالعين المجردة، لكنها قادرة على التسلل عميقًا إلى الرئتين، والتأثير على البنية الجينية لخلاياها.

طفرات الحمض النووي لدى المدخنين هي نفسها لمن تعرضوا لهواء ملوث

والمثير في نتائج البحث أن طفرات الحمض النووي المكتشفة لدى المصابين بسرطان الرئة في البيئات الملوثة، تشبه تلك التي تظهر لدى المدخنين، مما يعزز الفرضية بأن الهواء الملوث قد يكون “مدخنا صامتا” يهاجم الجسم دون أن يرى أو يُشم.

وأكد فريق البحث أن هذه الطفرات تؤثر تحديدًا على جين يُعرف بـ EGFR، وهو جين مرتبط بعدد من أنواع السرطان، مشيرين إلى أن نسبة معتبرة من المصابين بالسرطان في المدن الكبرى لم يكن لديهم أي تاريخ مع التدخين، ما يُرجّح أن يكون لتلوث الهواء الدور الأكبر في إصابتهم.

الاكثر المتضررين الاطفال وكبار السن والنساء

الوجه الصادم في هذا الاكتشاف، بحسب الباحثين، هو أن هذه الطفرات لا تحتاج إلى سنوات طويلة كي تتكوّن، بل يمكن أن تظهر نتيجة التعرض المزمن لتلوث الهواء في فترة قصيرة نسبيًا، خاصة لدى الفئات الأكثر هشاشة: الأطفال، كبار السن، والنساء.

النتائج تفتح الباب على مصراعيه لإعادة التفكير في مفهوم “السرطان المرتبط بالتدخين”، كما تدق ناقوس الخطر أمام السياسات البيئية، خصوصًا في المدن الكبرى والعواصم الصناعية التي تسجل مستويات مرتفعة من تلوث الهواء.

وقد دعت منظمة الصحة العالمية في أكثر من مناسبة إلى ضرورة اتخاذ تدابير صارمة للحد من الانبعاثات، معتبرة أن تلوث الهواء الخارجي يودي بحياة أكثر من 7 مليون شخص سنويا، ويتسبب في طيف واسع من الأمراض، أبرزها السرطان، وأمراض القلب، والجهاز التنفسي.

هل سنواصل غض الطرف عن الهواء الذي نتنفسه؟

وفي ضوء هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سنواصل غض الطرف عن الهواء الذي نتنفسه؟ أم أننا بحاجة إلى ثورة بيئية تُعيد للهواء نقاءه، وتحمي الأجيال القادمة من طفرات صامتة لكنها قاتلة؟

مثل هذه الدراسات، وفي ظل تسارع وتيرة التلوث، قد تفتح شهية الشركات لتحويل مشاهد الخيال العلمي إلى واقع ملموس: تسويق عبوات “هواء نقي” كمنتج فاخر. نعم، الهواء الذي كان يومًا حقًا مشاعًا للجميع، أصبح مهددًا بأن يُحوَّل إلى سلعة تُباع وتُشترى، في قنينات محكمة الإغلاق تستورد من الجبال النائية والغابات البكر، وتسوّق بعبارات من قبيل“الفرصة الأخيرة لتنفس طبيعي”، ومع هذا المنطق، قد لا نُفاجأ قريبا إن عُرض علينا اشتراك شهري في “هواء نظيف”، فيما يترك ملايين البشر يختنقون في صمت، بين دخان المصانع وعوادم السيارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى