
أعاد المستشار البرلماني عبد الرحمان وافا فتح ملف حساس يهم صحة الأطفال المغاربة، موجها سؤالا كتابيا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول مدى حماية السوق الوطنية من أخطار المعادن الثقيلة الموجودة في التونة المعلبة.
هذه المادة الغذائية، التي أضحت جزءا لا يتجزأ من النظام الغذائي اليومي في بيوت المغاربة، تثير اليوم قلقا متزايدا بشأن انعكاساتها الصحية، خاصة على الفئات الهشة وفي مقدمتها الأطفال.
انتشار واسع واستهلاك يومي
التونة المعلبة لم تعد مجرد منتج غذائي سريع التحضير، بل أصبحت ركنا أساسيا في وجبات العديد من الأسر المغربية، فهي تقدم في السندويتشات، تدخل في السلطات، وتستعمل في الوجبات السريعة الموجهة للأطفال بحكم سهولة إعدادها وتكلفتها المقبولة، هذا الانتشار جعلها أيضا حاضرة في فضاءات الأكل الجماعي، من مطاعم ومقاهي إلى المقاصف المدرسية العامة والخاصة، ما يجعل الأطفال الفئة الأكثر تعرضا لها بشكل يومي، وبالتالي الأكثر عرضة لأي أخطار صحية مرتبطة بمكوناتها.
تجارب دولية دقت ناقوس الخطر
في معرض طرحه للسؤال، استحضر الوافا نتائج دراسات أجرتها منظمات دولية بفرنسا مثل BLOOM وFoodwatch، والتي كشفت وجود مستويات مرتفعة من الزئبق ومعادن ثقيلة أخرى في علب التونة المعلبة.. النتائج كانت صادمة إلى حد دفع السلطات الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات فورية، شملت سحب هذه المنتجات من المقاصف المدرسية في عدة مدن، حماية لصحة الأطفال وضمانا لنمو طبيعي وسليم لأجهزتهم العصبية. طرح هذا النموذج الأوروبي إشكالية حقيقية أمام المغرب، خاصة وأن جزءا كبيرا من التونة المستهلكة محليا يأتي من الاستيراد، ما يزيد الحاجة إلى مراقبة دقيقة وفعالة.
أسئلة برلمانية وإجراءات مطلوبة
انطلاقا من هذه المعطيات، شدد؛ المستشار البرلماني على ضرورة كشف الوزارة الوصية عن التدابير المعتمدة أو المزمع تفعيلها لضمان سلامة التونة المعلبة المتداولة في الأسواق المغربية، مؤكدا أن الأمر يتطلب اعتماد تحاليل دورية لعينات المستوردة والمحلية لرصد نسب الزئبق والمعادن الثقيلة، مع تحديد حدود قصوى لمحتواها بما يتماشى مع المعايير الصحية الدولية ويأخذ بعين الاعتبار الفئات الحساسة كالأطفال والحوامل.
كما دعا إلى إلزام الشركات المصنعة والمستوردة بوضع معطيات دقيقة وشفافة حول نسبة هذه المعادن على الملصقات، مع اعتماد تدابير وقائية في المؤسسات التعليمية لضمان سلامة الوجبات المقدمة للتلاميذ، إلى جانب إطلاق برامج توعوية موجهة للأسر تنبه إلى المخاطر الصحية المرتبطة بالاستهلاك المفرط لهذه المنتجات.
بين المسؤولية الصحية والحق في التغذية الآمنة
ملف التونة المعلبة لا يقتصر على بعد غذائي صرف، بل يرتبط مباشرة بحق الأطفال في تغذية آمنة تضمن لهم نموا سليما وتحميهم من مضاعفات صحية قد تمتد لسنوات، وهو ما يجعل تدخل السلطات أكثر من ضرورة، في ظل تزايد مؤشرات الاعتماد على هذه المادة في الحياة اليومية للمغاربة، السؤال البرلماني لعبد الرحمان وافا جاء ليضع هذا الملف على طاولة النقاش العمومي، وليعيد التأكيد على أن حماية صحة المواطن، وخاصة الأطفال، تظل أولوية لا يمكن التساهل فيها أمام ضغط الاستهلاك الواسع أو متطلبات السوق.