
دخل مشروع القانون رقم 16.22 المنظم لمهنة العدول مرحلة المصادقة الحكومية وسط جدل واسع، بعدما عبّرت الجمعية المغربية لصوت المرأة العدل عن “تخوفاتها العميقة” من مضامينه، معتبرة أنه لا يستجيب لروح الإصلاح ولا يرقى إلى انتظارات مهنيي التوثيق العدلي، بل يحمل في طياته تراجعًا مقلقًا عن المكتسبات التي حققتها المرأة داخل هذه المهنة خلال السنوات الأخيرة.
مشروع القانون الجديد جاء “مخيّبًا للآمال”
وقالت الجمعية، في بيان صادر بالرباط بتاريخ 26 نونبر 2025، إن مشروع القانون الجديد جاء “مخيّبًا للآمال”، وإنه يتناقض مع المسار الذي بُني على الاعتراف الرسمي بولوج المرأة إلى مهنة العدول، والذي تحقق بقرار ملكي شكّل منعطفًا تاريخيًا في مسار المساواة المهنية في المغرب.
وأكدت “صوت المرأة العدل” أن المشروع، بصيغته الحالية، لا يُنصف المرأة العدل ولا يكرّس مبدأ المساواة داخل المهنة، بل يتضمن مقتضيات تحدّ من صلاحياتها وتضع عراقيل إضافية أمام مسارها المهني، معتبرة أن القانون المقترح بدل أن يرفع التمييز، يعيد إنتاجه بشكل جديد.
انتقاد ما سمي ب”الإقصاء المنهجي” للمرأة العدل
وانتقدت الجمعية ما وصفته بـ”الإقصاء المنهجي” للمرأة العدل خلال مراحل إعداد المشروع، مشيرة إلى غياب المقاربة التشاركية وعدم إشراك ممثلات المهنة في بلورة النصوص التنظيمية، وعدم الأخذ بمقترحاتهن داخل لجنة الحوار، وهو ما اعتبرته إخلالًا بالمنهجية الديمقراطية في إعداد القوانين.
وسجل البيان أن مشروع القانون يتجاهل المكتسبات الدستورية التي جاءت بها وثيقة دستور 2011، خاصة ما يتعلق بالمناصفة وتكافؤ الفرص والمقاربة التشاركية، مشددًا على أن أي إصلاح قانوني لا يستند إلى هذه المبادئ يظل ناقصًا ويفتقد للشرعية الحقوقية.
ودعت الجمعية كافة الجهات المكلفة بالتشريع، وعلى رأسها البرلمان، إلى إعادة النظر في المشروع، وإدخال تعديلات حقيقية تضمن حضور الكفاءات النسائية داخل المهنة، وتحافظ على الدور الاعتباري للمرأة العدل، وتوفر لها نفس شروط العمل التي يتمتع بها زملاؤها الذكور.
مطالبة بمراجعة بعض المواد التي اعتبرت “تمييزية”
كما طالبت بمراجعة بعض المواد التي اعتبرتها “تمييزية” سواء على مستوى شروط المسار المهني أو على مستوى ولوج المسؤوليات داخل المجالس الجهوية والوطنية، مشيرة إلى أن اشتراط مدد زمنية طويلة لشغل بعض المناصب يضرب مبدأ تكافؤ الفرص ويمثّل، بشكل غير مباشر، إقصاءً ممنهجًا للمرأة.
وفي لهجة تحذيرية، اعتبرت الجمعية أن تمرير هذا المشروع دون مراجعة جوهرية سيكون بمثابة “نكسة حقوقية” داخل مهنة التوثيق العدلي، مؤكدة أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتم في غياب الاعتراف المتكافئ بالمرأة، ولا في ظل قوانين تُفرغ مبدأ المساواة من محتواه.
وختمت الجمعية بيانها بالتأكيد على أن عدم إدماج المرأة العدل في تصور تشريعي منصف يطرح تساؤلًا مركزيًا حول معنى الإصلاح في هذا القطاع، معتبرة أن الإبقاء على القانون الحالي 16.03 سيكون أقل ضررًا من تمرير نص جديد يكرّس التمييز تحت غطاء التحديث




