ثقافة وفنون

رمضانيات: كتاب أثار جدلا “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”..الخلافة ليست من الدين هي خطط سياسيةصرفة الحلقة 3

تزامن صدور هذا الكتاب “أصول الحكم في الإسلام” للشيخ الأزهري علي عبدالرازق مع انهيار الخلافة العثمانية، وسقوط الدول العربية تباعا تحت النفوذ الأوروبي، ونشطت يومها محاولات لإعادة إحياء الخلافة الإسلامية كنوع من الجواب على التردي العام الذي لحق هذه الدول، في هذا السياق سيدلي علي عبدالرزاق برأيه في الموضوع الشائك القديم والمتجدد، هل يوجد شيء اسمه الخلافة في الإسلام؟.. وهي من القضايا التي تضعها جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية على رأس جدول أعمالها اليوم أي قضية الخلافة، إن الشيخ الأزهري، في كتابه “أصول الحكم في الإسلام”، سينتصر للمواقف التالية: “الإسلام دين روحي لا دخل له في السياسة”، “السياسة أمر دنيوي يعود للناس اختيار وسائله ومبادئه. في هذه السلسة سنبحر في القضايا التي أثارها الكتاب، وسنقدم أهم محاوره.

الخلافة ليست من الدين إنما هي خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها

“والحق أن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون، وبريء من كل ما هيأوا حولها من رغبة ورهبة، ومن عز وقوة. الخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية. كلا، ولا القضاء ولا وظائف الحكم ومراكز الدولة، إنما تلك خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع منها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة. كما أن تدبير الجيوش الإسلامية وعمارة المدن والثغور، ونظام الدواوين لا شأن للدين بها، إنما يرجع الأمر فيها إلى العقل والتجريب، أو إلى قواعد الحروب أو هندسة المباني وآراء العارفين. لا شيء في الدين يمنع المسلمين من أن يسابقوا الأمم الأخرى في علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلّوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكوماتهم على أحدث ما أنتجت العقول البشرية، وأمتن ما دلّت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم». هذه الفقرات البسيطة لكنها الدالة، والتي قد تعتبر بديهية ومنطقية وتنتصر للعقل بدون أدنى تردد، لكنها في نفس الآن لا تعادي الدين ولاتمس بأبعاده الروحية والأخلاقية، لكنها جرت على صاحبه حروبا لم تكن كلها نظيفة، وتسببت له عزلة عاشها حتى آخر لحظة من حياته، حدث ذلك في عام 1925، في سياق محاولة نهوض بعد محنة الخلافة التركية، ومحنة التأخر التاريخي التي ستعاني منه المنطقة العربية والإسلامية، والتي سيحكم عليها جميعا بالاستعمار.

يقول إبراهيم العريس في إحدى مقالاته التي سبق ونشرتها جريدة الحياة اللندنية تحت عنوان “الإسلام وأصول الحكم” لعلي عبدالرازق معركة حول قضية الخلافة”: “في شكل أكثر هدوءاً وعقلانية، كان «الإسلام وأصول الحكم» أول محاولة من نوعها لتحديد أسس الحكم في الإسلام والبحث عن دولة مدنية عصرية تنهض بديلاً من دولة الخلافة التي كانت قد أثبتت فشلها، على الأقل خلال العقود الأخيرة من حكم العثمانيين. من هنا، لم يكن صدور الكتاب «بريئاً» في ذلك الحين. بمعنى أن المعركة التي فُتحت ضده وضد مؤلفه وانهزما فيها، لم تكن وليدة الصدفة. ففي ذلك الحين، وبعد انفراط عقد الدولة العثمانية، ودخول «ممتلكات رجل أوروبا المريض» العصور الحديثة، ومن بينها المناطق العربية، كان المفكرون العرب يعيشون سباقاً مع الزمن من أجل إيجاد الصيغ الفكرانية التي تهتم برسم مسيرة الحكم والإصلاح وطرح إشكالياتهما”.

بوضوح تام حسم علي عبدالرازق في كتابه المثير للجدل في إشكالية تتجدد، إشكالية الخلافة وقال:”إن نوعاً من السلطة ضروري «ولكن ليس من الضروري أن تكون من نوع معيّن. فعندما زالت الخلافة عملياً في عصر المماليك، لم يتبين أن لزوالها أثراً في العبادة أو الخير العام في البلدان الإسلامية، بل بالعكس، كانت سلطة الخلافة في ذلك الحين مضرّة بالإسلام بل نكبة على الإسلام والمسلمين وينبوع شرّ وفساد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى