ثقافة وفنون

مفتش تعليم بسطات..بعد فضحه أمام الجمهور.. هرب مهرولا.. الرجل الذي فَقَدَ عقله

في حلقة جديدة من حلقات الأدب الرديء التي تنعقد من حين لآخر بالدار البيضاء، كان الموعد هذه المرة يوم السبت 20 يوليوز2019 بالمركب الاجتماعي الفردوس بالبرنوصي، مع نموذج لرجل التربية الذي يمثل حالة الرداءة من خلال شهرته المرضية بالنميمة والسباب اليومي في الثقافة والمثقفين برؤية عدمية وتفكير انهزامي، كما يمثل نموذج رجل التربية الذي يمارس سلوكات شائنة وفاضحة مع رجال ونساء التعليم بمدينة سطات حيث يشتغل مفتشا تربويا وهو ما صار حديث الخاصة والعامة.

وقد جاءت هذه المبادرة من أجل إبراز المفارقة في نموذج من أخلاق النفاق حيث كيف يمكن لشخص يتحدث عن التربية والقيم بلغة عجيبة وهو يمارس أرذل القيم يوميا؟

في مفتتح هذا اللقاء اعتبر الشريشي المعاشي ( منسق الجلسة) أن مقام الخطاب يستدعي مقولة مركزية ضمن النسق الفكري التربوي للمفكر إدغار موران في سياق حديثه عن الطبيعة البشرية حيث لخصها في خمسة أوصاف أكثر تأثيرا وأكثر سوداوية “فالإنسان ذو قطبين إنه حكيم ومتعقب وفي الشق الآخر هو شيطاني وهذياني هو مخترع ومبدع للأدوات تقني ولكنه أيضا متدين ومقيد بمجموعة من الأساطير، إنه مقتصد يبحث عن مصالحه ولكنه لاعن ولعوب، ثم إن الطبيعة البشرية ثلاثية الأبعاد إنها بشكل غير منفصل بيولوجية اجتماعية وفردية…” ومن هذا المنطلق اعتبر الشريشي أن التربية في مفترق صعب وخطير فالحياة لا ترتكز على منطق واحد؛ ذلك أن العقل بمفرده له وجود بارد وجامد، والعاطفة وحدها تصبح عمياء. كما أن الكائن البشري توجد بداخله حاجة للعيش ضمن جماعة وحاجته إلى الحب وإلى اللعب وإلى الانفعال الإستيطيقي والحكمة من التربية ومقاصدها تنحو منحى الانخراط الحر والواعي في الحياة. ينبغي والتربية أن تمنح الأدوات الفكرية والأخلاقية لكي نعيش بشكل أفضل مصيرنا الإنساني.

وعبر الضيف المحاضر نور الدين موعابيد، في مستهل كلمته عن سعادته بهذا التوريط الذي عده توريطا جميلا، وقد تحدث عن القيم سواء في السياق الوطني والدولي، ثم عن مفهوم القيمة وخصائصه. وأكد على غياب إرادة سياسية واضحة تبرزها إرادة شعبية، وعلى غياب الديمقراطية المتمثل في إلغاء مجانية التعليم وحرمان أبناء الكادحين من التعلم الذي عده حقا وليس امتيازا، مشيرا أيضا إلى تبني الدولة الخصخصة. كما أشار إلى غياب الديمقراطية من الخطاب الرسمي، واعتبر أن المغرب قد تحفظ على اتفاقات دولية؛ منها: القضاء على أشكال التمييز كلها التي تكون ضد المرأة فلم يصادق عليها وقد تحفظ أيضا على المادة الثانية، وتحفظ على حقوق المرأة السياسية، فالمغرب لا يقبل أن تحكمه امرأة. وقد انتقد أيضا قرارات المجلس الأعلى للتربية والتعليم حيث قرأ بعض المكاسب التي عدها هراء، منتقدا أيضا ما جاء به ميثاق التربية والتعليم من مرتكزات ومشيرا إلى الحضور القوي للسياسة ضمن تلك المرتكزات.

في تفاعل مع الحضور عبر المتدخلون على أن نمط الخطاب المعتمد -خطاب موعابيد- يتسم بعدم الانسجام؛ فالانسجام على مستوى وجهة النظر فالمتكلم يتماهى مع مرجعيات محددة وينوع منها ولكن في المقابل إذا نُظر إلى هذه المرجعيات بشكل مفرد قد تصبح دالة على الاختلاف، وقد بدا أن الموضوع الذي تحدث فيه موعابيد هلامي وغير محدد فخطابه حول القيم أزّمه وجعله أكثر غموضا والتباسا. واعتبروا أن التصريحات التي قدمها موعابيد تمتلك قوة الاستفزاز، ومؤثرة، وقابلة للنقاش، ونسبية في مداها… ولكن تمتلك شرعية التداول.

ابتدأ متدخل آخر، وهو الباحث أحمد الدكالي تعقيبه بالانطلاق من الكلمة الأخيرة التي أنهى بها المحاضر مداخلته، التي قال فيها، بأنه لم يشأ أن يُمَطْرق الحضور بمداخلة أخرى عن المواطنة والتربية على القيم. واعتبر أحمد الدكالي أن المحاضر مَطْرَق بالفعل الحضور، من خلال اعتماد خطاب استعلائي إقصائي، يفتقد أدبيات الاختلاف، أولا: في محاضرة من المفترض أنها مخصصة للقيم، وثانيا: من خلال وضع مجموعة من الكلمات بين مزدوجتين كـ”الوطني” و”المجلس الأعلى” و”الترسيخ” دون أن يبين سبب هذا التحفظ هل يعود إلى التشكيك أم إلى عدم الاتفاق؟. وثالثا: من خلال التنصيص على مجموعة من تصويبه أخطاء لغوية لأعداء مفترضين يقومون بها. وقد بين أحمد الدكالي أن المحاضر ارتكب مجموعة من الأخطاء التي لا ينبغي له أن يقع فيها وهو مفتش تربوي، خاصة أنه يركز على استعمال لغة سليمة، ويضع نفسه موضع المصوبين والمدققين اللغويين، ومن بينها: استعمال لفظة “قَضَّيت” بتضعيف الضاد في حين أن المقصود هو قَضَيْت مخففة الضاد، واستعماله “يُبَنْوِنُ” عوض يُبَنْيِّن السليمة، واستعماله “القضى” في العينين بالتفخيم بدل “القذى” في العينين، وتنصيصه على استعمال “الوَجْدانية” بفتح الواو، بل إنه أكد على أنها الأسلم في نظره لأنها من الوَجْد، وقد أوضح له أحمد الدكالي أن الوِجْدانية مصدر صناعي من وِجدان بينما المصدر الصناعي من وَجْد هو وَجْدانية، وهذا معروف في الاستعمال.

ثم انتقل أحمد الدكالي بعد ذلك إلى إبراز عدم تناسق خطاب المحاضر وانسجامه، بنفي الخصوصية المحلية للقيم والانتصار لما يسمى بالقيم الكونية، وهو ما دعاه المحاضر بالمشترك وقد بين أحمد الدكالي تهافت هذه الدعوى بكون القيم المشتركة ينبغي أولا أن تحيل على القيم المحلية التي يعتبر الدين أهم مصدر لها. وأعطى مثالا بالتربية الدينية في المنهاج الكندي باعتبار أن النظام التربوي الكندي يعتبر من أهم الأنظمة التربوية العالمية، ويركز في كفايته الأولى على إقدار المتعلم على تبين أهمية الإنجيل في حياة الإنسان المعاصر.

وفي الأخير قدم خلاصة تلخص خطاب المحاضر الذي يغص بالكليشهات الثقافية والأحكام النمطية والمصادرات الأيديولوجية، وأن المحاضرة لا تمت بصلة لخطاب العقل أو العلم أو الحق، وقد يكون الأمر مقبولا لو تعلق الأمر بخطاب سياسي نقابي لا بمحاضرة علمية ينبغي أن تخضع لقيم الأمانة والأصالة بدل الاعتماد على أسلوب تلفيقي التفافي يجمع بين هذا وذاك دون أن يجمع بين ذلك رابط.

في آخر تدخل لمنسق الجلسة ذ/ شريشي، أزال ورقة التوت عن كلمة نور الدين موعابيد بحيث أبرز وجه المفارقة بين الخطاب والواقع، هذا الواقع الذي يمارس فيه المفتش التربوي استبداده اللاأخلاقي من خلال حالات موثقة ومن خلاله لسانه الذي ينطق بالكلام البذيء والساقط وهو ما يتنافى مع القيم النبيلة التي يحملها رجال ونساء التعليم. إنها حالة شاذة، يقول الأستاذ موجها كلامه بشكل مباشر للسيد موعابيد، وتحتاج إلى أجوبة نفسانية وقانونية لتعالج هذا السلوك المنحرف.

وفي هذه اللحظة استشاط السيد نور الدين موعابيد غضبا وشرع يسب الجميع بكلام يندى له الجبين ثم قام في حالة هيستيرية هاربا لا يلتفت وقد فقد ما تبقى من عقله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى