رأي/ كرونيكمجتمع

التدبير المفوض ونهج سياسية تفكيكية للخدمات اجتماعية تحت ضغد المؤسسات المالية الدولية

محمد العاوني

منذ ثمانينات القرن الماضي بدأت الدولة المغربية في نهج سياسة تفكيكية للخدمات الاجتماعية منفذة كل إملاءات المؤسسات المالية الدولية المانحة. وستزداد وتيرة الهجوم خلال فترة التسعينات بعد أن سمح المناخ الدولي المتغير في تحرر الاقتصاد أكثر وتمظهرت في توقيع المغرب لاتفاق عام حول تجارة الخدمات AGCS وعلى ضوئه سنت الدولة مجموعة من القوانين الملغية لعمومية الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة ونقل ونظافة…بدءا بالميثاق الجماعي ومرسوم 30مارس 1999 المتعلق بالخدمات الصحية، الميثاق الوطني للتربية والتكوين مرورا بقانون التدبير المفوض 2006 وصولا إلى مشروع قانون رقم 86-12 المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص PPP Partenariat Public Privé.

*التدبير المفوض

يمكن تعريف التدبير المفوض كآلية من آليات خوصصة القطاعات العمومية عن طريق اتفاق تفوض بموجبه جماعة محلية أو مؤسسة أو مقاولة عمومية صلاحية استغلال مرفق عمومي لفائدة القطاع الخاص، حسب شروط محددة في دفتر التحملات وذلك مقابل أداء مالي ووفق تشريعات منظمة (ميثاق الجماعة المحلية_قانون 05-54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية). كل هذه التشريعات الهدف منها هو تكييف القوانين مع متطلبات السوق.

*بين سوء التدبير والأرباح الطائلة

يتوزع الاستثمار في التدبير المفوض خلال خمس سنوات الأخيرة بأكثر من 10٪ في تدبيير النفايات المنزلية (تدبر شركات خاصة في 147 جماعة حضرية بواسطة 101 عقدا، 33 فقط منها بعد 2006 أي بعد إصدار القانون المنظم لتدبير المفوض) وبأكثر من 20٪ في مجال النقل الحضري (يدبره الخواص في 260 جماعة حضرية بواسطة 40 عقدا، 17 منها فقط بعد 2006) ويحظى تدبير قطاع الماء والكهرباء بحصة الأسد (أكثر من 77٪).
في ظل هذا التوغل الصارخ للشركات الخاصة في تدبير هذا القطاع، حققت هاته الشركات 9.2 مليار درهم سنة 2008 و11.2 مليار 2012 أي بزيادة واضحة تقارب 28٪. يقابل هذا التطور الواضح في الأرباح، سوء تدبير واضح للقطاع تتمثل في:
+تراكم النفايات على أرصفة الطريق مما يشكل خطرا على صحة المواطنين وعلى البيئة أيضا.

+انعدام الجدية لدى هاته الشركات في إنجاز مشاريع فعالة لإعادة تدوير النفايات.
+ارتفاع مهول لفواتير الماء والكهرباء والتطهير (شركة أمانديس بطنجة).
+وضع حواجز معدنية داخل الحافلات بمدينة فاس تمنع فئة كبيرة من المواطنين في وضعية إعاقة من حقها في التنقل، إضافة لذلك تشكل هاته الحواجز خطرا على سلامة المواطنين في حالة نشوب حريق…

*الجذور الخارجية للمشكل

استمرار المغرب في الاتفاق العام للتجارة والخدمات، إضافة إلى تفاقم المديونية بنسبة 92٪ يجعل الأبواب مفتوحة أمام كل أشكال الخوصصة للقطاعات الاجتماعية الحيوية.

*الجذور الداخلية للمشكل

فاستبداد أقلية بالقرار السياسي والاقتصادي داخل الجماعات المحلية ومجالس المدينة بغية تمرير صفقات مشبوهة تتخللها مجموعة من الخروقات القانونية وتفشي الفساد المالي في غياب حكامة رشيدة في تدبير الخدمات الاجتماعية للساكنة إضافة إلى انعدام حق المواطنين في القيام برقابة مباشرة على الكيفيات التي تمر بها الصفقات، كل هذه الأسباب تكرس كل المسؤولية في التعاطي مع هموم الساكنة في حقوقها من نقل حضري محترم وتدبير للنفايات يحفظ صحتها.

*أي حلول للمشكل؟

على كل الجمعيات وكل الأحزاب الجادة والنقابات الجادة فرض رقابة صارمة على شركات التدبير المفوض وعلى الجماعات المحلية ومجالس المدينة بإصدار تقارير دورية ترصد كل المنجزات والتجاوزات في تسيير قطاع النقل وتدبير النفايات وتوصيل الماء والكهرباء. تبقى مسؤولية الساكنة في حماية القطاع من العبث الذي مهمة، من خلال مناقشة ميزانية الجماعات المحلية وذلك بعقد تجمعات عامة في الأحياء لتدارسها وإيجاد حلول لها.
العمل الجماعي على تخفيض تدريجي لتفويت القطاعات العمومية في أفق إلغائها.

*المراجع المعتمدة
الموقع الرسمي للمجلس الأعلى للحسابات
‏http://www.courdescomptes.ma/ar
الموقع الرسمي لمنظمة التجارة العالمية
‏www.wto.org
الموقع الرسمي لجمعية أطاك المغرب
‏Www.attacmaroc.org

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى