قطع الأشجار بمدينة فاس… سوء التسيير والتدبير للبجيدي إلى متى؟
فاس مدينة تاريخية وعريقة، يزيد وجودها عن 12 قرنا، وهي العاصمة العلمية للمغرب، هي مدينة الثقافة والأنوار بوطننا، مدينة تزخر بثروات طبيعية هائلة، لكن سوء التدبير من طرف المسؤولين يجعلها تبدو كمدينة مهمشة، ومهجورة تعود إلى القرون الوسطى.
ليلة 26 غشت 2019 تم محو جزء من تاريخ المدينة، حيث أصبح مجرد ذكرى. بدم بارد تم قطع أشجار شارع محمد الخامس التي يفوق عمرها القرن، وكأن البيئة آخر اهتمامات من انتخبوا لتسيير المدينة، أ هكذا يكون التسيير، بتجريد مدينة من تاريخها؟
من المعروف، أنه يقوم تسيير المدينة على تدبير عقلاني، ينبني على الحفاظ على الموارد الطبيعية لأي مدينة، وإشراك السكان في اتخاذ القرارات، مراعاة صحة الإنسان وجعلها أولوية، الحفاظ على الذاكرة والتراث، التشبث بتاريخ المدينة، تطوير البنية التحتية مع ما يراعي التطورات التي يعرفها العالم، احترام حريات السكان، خلق متنفسات طبيعية يفجرون فيها طاقتهم السلبية، توفير الشغل للمواطنات والمواطنين وبناء مجمعات سكنية تحفظ كرامة المواطنين…
ما ذكرناه هو جزء من التسيير الذي تقوم به مدن تحترم ذكاء ساكنتها، تشركهم في الحياة العامة، ومواطنو مدينة فاس لا يقلون ذكاء عن باقي مواطني العالم، ولهذا من حقهم العيش في مدينة يجدون فيها أبسط حقوقهم على الأقل. فبعد إعدام أشجار الدردار التاريخية بشارع الجيش الملكي، و إرجاع وادي فاس مجرد ذكرى سنة 2014، واستمرار تقليص غابة عين الشقف آخر متنفس طبيعي بالمدينة، اليوم نستفيق على قطع أشجار شارع محمد الخامس، ولا ندري غدا ما الذي سيحدث؟. من الممكن ألا نجد أي متنفس طبيعي بالمدينة. ومع البطالة المرتفعة والإجرام الذي يتطور يوما بعد يوم، لا نستطيع استيعاب حجم الكارثة وانعكاستها على نفسية المواطن بمدينة يمكن أن تلقب منذ الآن فصاعدا بمدينة الأشباح.
العالم بأسره يحتج ويندد بالكوارث التي تستمر من حرق واجتثاث المزيد من الغطاء الغابوي، وآخرها احتراق غابة الأمازون، وما لهاته الحرائق من انعكاسات خطيرة على الكائنات الحية، والذي يصل إلى تهديد مستقبل الأرض، ليكون رد مجلسنا المسير تحت قيادة حزب العدالة والتنمية هو قطع الأشجار بكامل إرادتهم. ألا يقرأ مسؤولونا التطورات العالمية؟ ألا يتابعون النقاشات العالمية حول البيئة؟ ألا يعرفون التقنيات التي تسهل نقل الأشجار وإعادة غرسها والحفاظ عليها بدل تحطيمها؟ ألهذه الدرجة صار المسؤول بمدينة فاس لا يفهم كيف يسير العالم في القرن 21؟ مدينة تزخر بمثقفين ومهندسين وأطباء وأساتذة ومحامين… يسيرها من لا يفقه أبجديات التدبير العقلاني، وإلى أين يسير العالم، كيف نبني مدينة تراعي المستجدات البيئية…
كرد بسيط على هذا العبث، الذي قام به مجلس مدينة فاس، يجب أن نشجع على التشجير بطريقة منظمة تساهم في المحافظة على المدينة، الدفاع عن عين الشقف آخر متنفس طبيعي بفاس، زرع وعي بيئي داخل المدينة، التشجيع على النقاش الإيكولوجي بفاس، الانفتاح على جمعيات المجتمع المدني التي تهتم بالمجال الأخضر بالمدينة.
ويظل الموقف الذي سجله الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة بجهة فاس مكناس موقفا مهما، حين حاول من خلال بيانه توضيح هول الكارثة التي يمكن أن لا تفهم الآن، لكن انعكاستها المستقبلية ستجعلنا ننتقل من التفكير كيف تطور آليات عيش الإنسان إلى أين سيعيش الإنسان؟ أصبحنا في حاجة ملحة إلى وعي إيكولوجي، وأصبحت مدينتنا في حاجة ماسة إلى مسؤولين يواكبون تطورات العصر.