رأي/ كرونيك

كرة القدم المغربية : واقع أليم ومستقبل وخيم

مبالغ مالية ضخمة تلتهمها منظومة كرة القدم المغربية، فميزانية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هي أكبر ميزانية في القارة الإفريقية، ولكن معظم مداخيلها من دافعي الضرائب ؛ لأن الممول الرئيسي للنشاط الكروي في البلاد هي الدولة عبر مؤسساتها المركزية ( الوزارات ) واللامركزية ( مجالس جهوية وإقليمية وبلدية وقروية )، ناهيك عن احتضان العديد من الفرق من بعض المؤسسات الإنتاجية والمالية العمومية.
ورغم ضخامة المبالغ المصروفة حتى لا نقول المهدورة، فإن النتائج المتوخاة من الممارسة الكروية تبدو هزيلة وأحيانا منعدمة ، علما بأن المطلوب لم يكن فقط هو النتائج الرياضية. نعم لقد تحققت بعض النتائج ولكنها أقل من الانتظارات ( تأهل لكأس العالم انتهى بنقطة يتيمة ) ، وذلك بفضل أبناء الجالية المغربية في الخارج الذين بتنا نستنجد بهم حتى في الفئات الصغرى كدليل على إفلاس التكوين الداخلي الذي استنزف أموالا طائلة.
أما المطلوب كما جاءت به الرسالة الملكية للمناظرة الوطنية للرياضة سنة 2008، فهو أن تشكل كرة القدم قاطرة الريادة للرياضة الوطنية، فتساهم هي الأخرى اقتصاديا واجتماعيا في :
*خلق الفرجة لتصبح الملاعب ساحة ترفيه مجتمعي على غرار ما هو موجود في الكثير من الملاعب الأوروبية والآسيوية.
*إحداث رواج اقتصادي بجعل الكرة مجال استقطاب للاستثمارات الداخلية والخارجية بما يساعد على خلق قيمة مضافة وإحداث مناصب شغل قارة.
أين نحن من كل هذا ؟
لا شيء تحقق، ولكن بدلا من أن تقوم الأجهزة المشرفة على كرة القدم الوطنية مباشرة أو من خلال الوصاية القانونية بتحمل مسؤولياتها، وإجراء نقد موضوعي لأسباب الفشل والاستعانة بذوي الاختصاص والغيورين ممن لهم خبرة في المجال، سارعت إلى سياسة النعامة بدفن الرؤوس في الرمال، ومحاولة تعويم الإخفاقات، والهروب إلى الأمام.
إن اكبر دليل على الهروب إلى الأمام هو هذا الإصرار الغريب على ضرورة إحداث الشركات الرياضية وفقا للقانون 30/09 لدرجة أن رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم هدد بعدم السماح بالمشاركة في البطولة الاحترافبة لأي فريق لم يحدث شركة رياضية، لكأن غياب هذه الشركات هو السبب الوحيد في الإخفاقات المتوالية للمنتخبات الوطنية كبيرها وصغيرها.
وها هو الموسم الجديد عل الأبواب وما يزال إحداث الشركات الرياضية في علم الغيب. فالمعلومات تشير إلى أن ثلاثة أندية فقط من الدوري الممتاز هي من وضعت ملفات الشركات لدى الوزارة الوصية قصد المصادقة عليها، وأن الجمعية الرياضية للقوات المسلحة الملكية FAR أعلنت صراحة رفضها تأسيس شركة لأنها ترى نفسها معفية بموجب الفصل 115 من قانون التربية البدنية والرياضية 30 / 09.
فماذا ستفعل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إزاء هذا الواقع هل تنفذ تهديدها، أم ستواصل الهروب إلى الأمام هذه المرة أيضا، منتظرة أن يقوم النسيان بدوره في طي الموضوع عندما سينغمس الجميع في متاهة مباريات البطولة وما تؤججه من حزازات مناطقية وجهوية غدت تمثل هواجس أمنية كبيرة، والأمن الوطني بكافة أجهزته هو من يدفع ثمنها.
إن المصلحة الوطنية العامة تقتضي فتح نقاش وطني واسع حول المراد من ممارسة كرة القدم لأن التكلفة باهظة والمردودية مزرية، ومع كل خيبة يزداد الإحباط ويتفاقم الاحتقان.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى