سياسةميديا و أونلاين

ميديا: «ميدل إيست آي»… 10 أسباب لاستمرار ملك المغرب 20 عامًا في الحكم

على الرغم من الوضع الاجتماعي الاقتصادي غير المستدام، والاحتجاجات غير المسبوقة، تمكن ملك المغرب من البقاء في السلطة، لمدة عقدين من الزمان.

وفي هذا الصدد طرح أستاذ العلوم السياسية عزيز شهير – مؤلف كتاب «من يحكم المغرب؟»، 10 أسباب تفسر بقاء محمد السادس في العرش لمدة 20 عامًا، في  مقال نشره موقع “ميدل إيست آي”، الذي ترجمه فريق العمل، للموقع الإعلامي “ساسة بوست”، والذي تعيد “دابا بريس” نشره، لكل غاية مفيدة.

يستهل شهير المقال قائلًا: «أجاب الملك المغربي الراحل الحسن الثاني ذات مرة على سؤال حول علاقته بولي العهد بتلك العبارات: «يتغير الأسلوب بحسب صاحبه. لي أسلوبي، وله أسلوبه»، وكانت تلك طريقته الخاصة للقول إن حكم ابنه سيكون مختلفًا عن حكمه.

في الواقع إن الرجلين مختلفان بشكل واضح، لكن أساليبهما في الحكم لها أصل أيديولوجي مشترك يمنح امتيازًا لشخصنة الحكومة، وتركيز القوى، والهيمنة السياسية على المعارضين.

وتابع المقال: «لذلك، وعلى الرغم من الوعود العديدة بالإصلاح، فإن عهد الملك محمد السادس قد سلك في نهاية المطاف طريق “الاستبداد التجاري»، الذي خففته محاولات متفرقة لإرساء الديمقراطية”.

ورث محمد السادس، الابن الأكبر للحسن الثاني، العرش بعد وفاة والده. وولد محمد السادس عام 1963 في الرباط، وهو الملك الثالث والعشرون من الأسرة الحاكمة العلوية، والذي ظل في السلطة لمدة عقدين على الرغم من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخطيرة التي واجهتها البلاد.

ويسرد الكاتب عشرة عوامل قد تفسر مرونة الأسرة الحاكمة في المغرب :

 1/  السلطة الوراثية

في عام 1999، عزل محمد السادس وزير الداخلية السابق القوي، إدريس البصري، في إشارة إلى أنه يريد النأي بنفسه عن عهد والده الاستبدادي، وترسيخ سلطته على جهاز الدولة.

وبعد عشرين عامًا، يحاول الملك بشق الأنفس أن يحرر نفسه من ثقل التقليد  الوراثي الذي يتعهد بموجبه «الرعايا المسلمون» بالولاء لملكهم، بحسب شهير. وفي الشهر الماضي، أصدر القصر بيانًا أشار فيه إلى أنه لا يريد احتفالات  خاصة لعيد العرش في 30 يوليو، ذكرى اعتلاء الملك للعرش.

ومع ذلك، من الصعب تصديق أن الملك لا يلتزم بالنمط الوراثي للحكم. فمنذ عام 2011، كانت السلطات المغربية متحمسة بشكل خاص لجمع الحشود لحفل الولاء؛ مما يدل على أن النظام لا يزال ملتزمًا باستدامة التقاليد التي تحافظ على شرعية الملكية التاريخية.

2 / الوعود والآمال المزيفة

“التغيير في ظل الاستمرارية” هو أحد الثوابت السياسية التي دعا إليها محمد السادس، والتي ولدت الكثير من الأمل في الإصلاح.

في الواقع، بمجرد أن أصبح ملكًا، اعتقدت فئات كبيرة من سكان المغرب أنه سينأى بشكل ملحوظ عن حكم الحسن الثاني الاستبدادي.

بدا أن شباب الملك الجديد، وانفتاحه على المجتمع المدني وتعاطفه مع السكان المهمشين، مبشرًا بمستقبل ديمقراطي للمملكة. في ذلك الوقت، كان العديد من المراقبين يراهنون على التغيير «من الأعلى» الذي قد يؤدي إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام.

لكن بدلًا عن ذلك، وبعد 20 عامًا، وجد الملك الشاب نفسه محاصرا في تاريخ السلاطين العلويين الذين اعتبروا أنفسهم «ظلال الله في الأرض»، وفقًا للمقال.

3/ الثروة الملكية

بمجرد أن صعد إلى العرش، كشف محمد السادس عن نفسه كرجل أعمال محنك. وفي وقت مبكر جدًا، أعاد هيكلة مجموعة أومنيوم شمال أفريقيا (أونا)، وعين إدريس جطو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة سيجير القابضة – وهي شركة مملوكة للعائلة الملكية – رئيسًا جديدًا لها.

بعد ذلك بعامين، أصبح جطو رئيسًا للوزراء، مما أغضب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي فاز في الانتخابات التشريعية عام 2002. وفي عام 2010، اندمجت شركة أونا مع الشركة الوطنية للاستثمار، والتي تسيطر  شركة سيجير على أغلبيتها، وأصبحت اللاعب الاقتصادي الرئيسي في المملكة، والذي يطلق عليه الآن  “المدى”.

وفقًا لمجلة فوربس، تقدر ثروة محمد السادس بـ 5،7  مليار دولار. في الوقت ذاته، يزداد عدد السكان فقرًا. اعترف الملك نفسه في خطاب له  بأن “نموذجنا التنموي غير كافٍ وأصبح منهكًا… نحتاج بشكل عاجل إلى نموذج تنمية جديد”.

4 / ترسيخ المؤسسات الأمنية والقضائية

يرى الكاتب أن نظام الحسن الثاني اعتمد على جهاز أمني وحشي لتخويف المعارضين السياسيين وإسكاتهم. صحيح أنه قد أظهر استعداده للنأي بنفسه عن تراث والده القمعي – بعد توليه العرش – بتأكيده على «حماية الحريات والحفاظ على الحقوق». بيدَ أن هذا لم يأخذ في الاعتبار عناد المؤسسة الأمنية، التي سيستأنف مسؤولوها قريبًا ممارساتهم المستبدة القديمة.

ويستشهد الكاتب بما حدث بعد هجمات الدار البيضاء المميتة في عام 2003، حيث اعتقلت الدولة اعتباطًا آلاف الأشخاص بحجة مكافحة الإرهاب، وفي العام التالي، شجب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ” الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في المغرب”.

بعد الربيع العربي، كان نظام محمد السادس يهدف إلى تحييد الاحتجاجات الشعبية. قام رئيس الجهاز السري عبد اللطيف الحموشي بتنظيم  القمع الوحشي لحركة احتجاجات الحراك، التي بدأت في الريف بعد وفاة بائع سمك.

ويتابع التقرير: بعيدًا عن مبدأ «الفصل بين السلطات»، يسيطر الملك أيضًا على النظام القضائي؛ حيث يعين وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، الذي أنشئ في عام 2017. وفي المحاكمات الجائرة لنشطاء الحراك، من بين مشكلات أخرى، لم تحترم المحاكم حقوق المتهمين.

5 / تسخير الدين

يُقدم الملك باعتباره من نسل الرسول، وهو ما يمنحه «حقًا إلهيًا» يتجسد في قسم الولاء، وهو عقد أخلاقي يربط السلطان برعاياه، الذين من المفترض أن يطيعوه مقابل حمايته وبركاته.

ويتابع شهير: «بعد هجمات الدار البيضاء عام 2003، بدأ محمد السادس إصلاح المجال الديني، بهدف «محاربة التعصب والتطرف.

“وزاد هذا من قدرته على تحييد الإسلاميين، وخاصة السلفيين. في الوقت ذاته، تُمكن مبادرات العلمنة الملك من أن يستبدل بدوره كزعيم روحي دور زعيم سياسي يتمتع بسلطات كاملة”.

وغالبًا ما يرتبط البعد الديني للملكية بعمليات الدعاية التي تبرز البعد الأخلاقي لروح الملك المتعاطفة والخيرية والنبيلة. وقد نظم محمد السادس، المعروف باسم  “ملك الفقراء”، فعاليات عامة حيث يتفاعل «بشكل غير رسمي» مع شعبه.

وفي عام 2005، أطلق الملك المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف تحسين مستويات المعيشة. في الواقع، كان هدفها الرئيسي هو التنافس مع الإسلاميين في مجالات الرعاية الاجتماعية والجمعيات الخيرية. واليوم، تحتل المملكة المرتبة 123 في التنمية البشرية، من بين 189 دولة.

6 / الهوية الوطنية

يُعتبر ملك المغرب رمزًا للوحدة الوطنية المغربية وحاميًا لسلامة المملكة الإقليمية. ففي عام 2004 أطلق لجنة الإنصاف والمصالحة لاسترضاء ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المغاربة في عهد الحسن الثاني، لكنها واجهت انتقادات لفشلها في التصدي لمسؤولية الدولة عن جرائمها ضد المعارضين للنظام.

وتشير انتفاضات الحراك عام 2017 في الحسيمة إلى استمرار أزمة الهوية الوطنية في المغرب. حيث قمعت الاحتجاجات الشعبية بوحشية واحتجز قادتها.

وبعد أن اهتزت الملكية، سرعان ما حاولت حماية نفسها من خلال شجب ووصم «التجاوزات “الانفصالية” ،” لنشطاء الريف”، في محاولة لتصويرهم باعتبارهم يشكلون تهديدًا للوحدة الوطنية، بحسب شهير.

في عام 2011، استجاب محمد السادس لاحتجاجات الربيع العربي بطريقة استباقية، حيث قدم مراجعة “ملكية للدستور”، لم تقترب من سلطات الملك الكاملة، وإن قدمت بعض التنازلات التي لا يمكن إنكارها. وقد قلل النظام من خطر الفوضى والحرب الأهلية في جهوده لوقف  حركة 20 فبراير.

وفي عام 2017 شهد الحراك في الريف نهاية أسطورة ” الاستثناء المغربي”.

تمامًا مثل العديد من الدول العربية الاستبدادية، سيعود النظام قريبًا إلى عنف الشرطة والقمع القضائي لترويض نشطاء الريف وردع الاحتجاجات المحتملة الأخرى.

7 /  تحييد الأحزاب السياسية

يرى شهير أن الملكية دائمًا ما نظرت إلى الأحزاب السياسية على أنها تشكل خطرًا على النظام، وهناك أيضًا استراتيجية للتلاعب بالنخب السياسية.

تمكن حزب العدالة والتنمية الإسلامي حاليا من جعل نفسه حليفًا لا غنى عنه، والحزب الوحيد القوي بما يكفي لمساعدة النظام الملكي على مقاومة الاحتجاجات والأزمات التي تمزق البلاد. لكن لا ينبغي لأحد أن ينسى أن القصر يمكن أن يقرر إعادة بناء العلاقات مع  الأعداء السابقين في أي وقت، كما حدث مع أعضاء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وللحفاظ على السيطرة على الحياة السياسية في البلاد، يمكن للملك أن ينشط التحالفات القديمة من أجل إضعاف التحالفات الحديثة. على سبيل المثال، اختير عزيز أخنوش كرئيس جديد لحزب التجمع الوطني للأحرار؛ مما أثار جمودًا سياسيًا أدى إلى تسريع القرار الملكي باستبعاد رئيس الحكومة السابق، «المثير للشغب»، عبد الإله بن كيران.

8 / المشاركة في اختيار النخبة الفكرية والإعلامية

إذا كانت الملكية قد سعت دائمًا إلى اختيار النخب السياسية، فقد أحاط محمد السادس نفسه بفيلق من الموالين من الأوساط السياسية والفكرية والناشطة.

صحيح أن النظام انفتح سياسيًا إلى حد ما. ومع ذلك لا تزال حرية التعبير مفقودة، خاصة في مجال الصحافة، حيث يسيطر النظام أو رجال الأعمال المقربون من الملك على وسائل الإعلام إلى حد كبير.

وأوضح التقرير أن الدعاية الإعلامية، المخبأة وراء التسمية المضللة «الصحافة المستقلة»، غالبا ما تحظى بدعم السلطات، التي لا تتردد أبدًا في مكافأة أجهزة الصحافة الموالية، من خلال الإعانات العامة المربحة أو أموال الإعلانات. على النقيض من ذلك فإن النظام لا يرحم   الصحافيين الناقدين.

ويتابع التقرير: لا يجد بعض الأكاديميين والصحافيين وأعضاء المنظمات غير الحكومية مشكلة في الدفاع عن مواقف النظام وقراراته؛ مما يقلل جدًا من مساحة النقاش بين الآراء المتناقضة، وهو أمر ضروري للحياة الديمقراطية.

9 / البراجماتية الدبلوماسية

وجه محمد السادس سياسة بلاده الخارجية نحو القارة الأفريقية، ومهد الطريق لعودة سياسية إلى الاتحاد الأفريقي. وبعد غياب دام ثلاثة عقود، عاد   النظام بالفعل إلى الاتحاد في عام 2017، وكان هدفه جزئيًا تحسين سياسة المغرب الفوضوية بشأن الصحراء.

على الصعيد الدولي، روج الملك دائمًا لدبلوماسية تقوم على تعددية براجماتية. وعلى الرغم من أن محمد السادس مخلص لتحالفه مع فرنسا، فقد طلب مساعدة قوى عالمية أخرى، من روسيا إلى الصين.

ويتابع شهير قائلًا: «أكد ملك المغرب على وضعه ” كأمير المؤمنين” بهدف السيطرة على القيادة الدينية؛ وهي استراتيجية تتوافق مع السياسة الأمريكية، والتي تسعى إلى احتواء صعود الإسلام الشيعي في الشرق الأوسط.

“وقطع  المغرب بالفعل العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وكان للبلاد تمثيل في مؤتمر   المنامة بشأن (صفقة القرن) حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

في عام 1986 كان الحسن الثاني يتحدث بالفعل عن الفرص السياسية التي لا تقدر بثمن «للتطبيع الاقتصادي» بين إسرائيل والدول العربية. وبعد أكثر من ثلاثة عقود تُنعِش «صفقة القرن» تدريجيًا الفكرة ذاتها: أن السلام في الشرق الأوسط سيتطلب تنمية اقتصادية إقليمية. وهي الفلسفة التي تعكس قناعات محمد السادس.

10 :العائلة.. ملجأ الملك النهائي

كلما ظهر محمد السادس أمام الجمهور، فإنه يقدم صورة لملكٍ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعائلته، خاصة بعد طلاقه  غير المعلن من الأميرة للا سلمى.

يقول بعض مساعديه المقربين: إن علاقاته بأخواته وبناتهن تحظى بأهمية خاصة لديه. وإذا كانت عائلته تجلب له الراحة والسلوان والشعور بالأمان، على الرغم من اضطرابات البلاط الملكي، فمن المحتمل أن يجد الملك شغفه المهني الحقيقي في عالم الأعمال.

كمدير جيد كان دائمًا قادرًا على إيجاد الاستثمارات المالية الصحيحة والمربحة، على الرغم من أن بعض المعاملات كانت تحيط بها الشكوك.

لكنه نجح في بناء ثروته، حتى أثناء الأزمات الاقتصادية العالمية. ومع ذلك، فإن ذلك لم يترجم إلى تنمية اجتماعية واقتصادية للمغرب، ولم يساعد في استكمال عملية الانتقال الديمقراطي، حسبما أكد المقال.

 المضي قدمًا.. ماذا بعد؟

مر عقدان منذ صعود محمد السادس إلى العرش.ولم تزدد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في المغرب إلا سوءًا، وتفاقمت الاحتجاجات الشعبية. ولم يعد البعض يخجل من لوم النظام مباشرة.

استجابةً لهذا الوضع المضطرب، يمكن للملك مضاعفة المبادرات لاستعادة الصورة الملكية. ويمكنه أن يذهب إلى حد العفو عن قادة الريف، على أمل احتواء السخط الشعبي، لكن هل يكفي ذلك لكي ينسى المغاربة استخدام التعذيب والمحاكمات المفرطة ضد النشطاء؟

هل سيكون العاهل مستبصرًا بما يكفي ليترك سياسات الماضي وراءه بالفعل؟ هل سيكون محمد السادس على استعداد لإصلاح النظام سياسيًا وإتاحة المجال أمام خيار بديل؟

في ختام مقاله يعلق شهير على تلك الأسئلة قائلًا: “هذا هو المسار الوحيد الذي يمكن أن يسمح للملك بالبقاء في السلطة، ضمن إطار ديمقراطي جديد قائم على المواطنة وسيادة القانون”.

المصدر: ساسة بوست

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى