محمد حفيظ يكتب: فعلا على هذه الأرض ما يستحق الحياة
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة”
محمود درويش
سجل الجميع بإيجابية إقدام الدولة المغربية على اتخاذ إجراءات استباقية، مقارنة مع إيطاليا وإسبانيا وفرنسا. وبدا واضحا أنها استفادت من أخطاء هذه الدول الأوروبية التي استهانت في البداية بتفشي ڤيروس كورونا، حتى وجدت نفسها في وضعية تتجاوز قدراتها الطبية، رغم تقدم منظومتها الصحية بالمقارنة مع منظومتنا الصحية الهشة جدا.
وإذا كانت الإجراءات التي اتخذتها الدولة، بدءا بتوقيف الدراسة وإغلاق المقاهي والمطاعم والقاعات السينمائية والمسارح…
ومرورا بإلغاء العديد من الفعاليات الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والثقافية، وصولا إلى إعلان حالة “الطوارئ الصحية” وما بعدها، إذا كانت هذه الإجراءات قاسية ومؤلمة اقتصاديا واجتماعيا، فإنها كانت ضرورية لتجنيب بلدنا ومواطنينا الأسوأ في ظل منظومة صحية تتسم بالهشاشة على مختلف المستويات.
وقد ظهر بالملموس أن مواجهة هذا الوباء هي معركة الدولة والمجتمع، إذ ليس كافيا أن تعتمد الدولة استراتيجية استباقية وتتخذ إجراءات وتدابير مهما كانت جيدة وناجعة، بل لا بد أن يشارك المواطن في إنجاح الاستراتيجية بالتجاوب الإيجابي والانخراط في تنفيذ الإجراءات المتخذة. وهو ما يمكن أن نسجله إلى حد الآن من خلال نظرة إجمالية.
وفي جميع الأحوال، فإنه لا يمكن أن نخفي أننا مقبلون على مرحلة أو مراحل أصعب، سواء خلال فترة مواجهة هذه الجائحة بالحد من انتشار الوباء والتحكم فيه، أو بعدها بمقاومة تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية…
إنه بالإضافة إلى التفاعل المسؤول للمواطنات والمواطنين مع الإجراءات المتخذة، والمتمثلة أساسا بالتزامهم جميعهم بالمكوث في بيوتهم ومساكنهم خلال فترة “الحجر الصحي”، فإن هناك مهام يمكن أن يقوم بها بعض الأفراد، في إطار الوحدة والتضامن، للدعم الميداني وتخفيف العبء الثقيل على العناصر التي توجد في ساحة المعركة، من أطر طبية وإدارية في المستشفيات، وسلطات محلية وأجهزة أمنية في المدن والقرى. فقد تحتاج بلادنا إلى بعض أفراد المجتمع من ذوي القدرة، استعدادا وتجربة وخبرة، للتطوع في الدعم والمساعدة، مثل التوعية والتحسيس، والتنظيم والتأطير، والاعتناء بالفئات الهشة، عبر توصيل الدعم أو المرافقة، ومساعدة الأطر الطبية والإدارية،… ومختلف المهام التي يقوم بها عادة المتطوعون في مثل هذه الأوضاع.
إن المعركة اليوم معركة الدولة والمجتمع. وإذا كانت قيادة هذه المعركة، في هذه الظرفية، بيد الدولة بمختلف مؤسساتها وأجهزتها، فإن خوضها يقوم به المجتمع بالتفاعل الحضاري لجميع المواطنات والمواطنين مع الإجراءات التي تتخذها الدولة، وأيضا بتطوع بعض أفراده لإنجاز مهام الدعم والتضامن في الميدان.
لنعمل جميعا من أجل الانتصار في هذه المعركة المصيرية. فـ”على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.