في الواجهة

حديث في.. ما بين فراولة للا ميمونة ومسلخة ريضا-ويندنبروك بألمانيا

حميد باها

في بؤرة واحدة بمسلخة (گرنة) بألمانيا تم اكتشاف أزيد من 1000 حالة إصابة بفيروس كورونا، الرقم لا يمكن لقدرتنا على الفهم ان تستوعبه بالقياس إلى سلم العظمة فيما تعنيه “الگرنة” عندنا. ولا أحد أشار بسبابته جهة حكومة ميركل ، أو زايد عليها..

وأيضا ما جرى بإيطاليا وإسبانيا مع المسنين ودور العجزة يتحدى كل المعايير الإنسانية، وحتما ما من أحد أمكنه من قبل أن يتصور أن تصل الأطر الصحية إلى إنتهاج هكذا اختيار، واتخاذ القرار بنزع جهاز التنفس الاصطناعي عن وجه شخص مسن لتركيبه لمصاب شاب في حالة حرجة، ولا أعتقد أن الشخص الذي اضطر إلى اتخاذ قرار التضحية بعجوز لإنقاد حياة شاب، يمكنه ان يتعافى قريبا من عبء هذا القرار على ضميره المهني قبل ضميره القيمي والأخلاقي .. بل وثمة دور للعجزة “شطبت” عن آخرها باسبانيا وتمت التضحية بها للاعتبار ذاته بسبب نذرة المعدات …

ومع ذلك ، ما من أحد حاول أن يستثمر سياسيا في هذه المآسي، وإلا أصبحت السياسة مزايدة انتهازية، وعملية غش ومتاجرة في المآسي الإنسانية،
حالة للا ميمونة أكيد فيها من أوجه الخلل والمسؤوليات الكثير ، ونأمل أن يكشف عنها التحقيق عما قريب، لترتيب الجزاءات على كل من ثبت في حقه تقصير ما، وهذا هو المطلوب، لكن أن يتم القفز من هذا المستوى من إعمال مقتضيات الحق والقانون، بما تعنيه من مسؤوليات شخصية محددة، الى “الهضرة الغليضة” بربطها بآثار العولمة، والصراع الطبقي، والنظام المخزني، وادعاء ان البشر أصبح عند المسؤولين ارخص قيمة من الفراولة… إلخ. فمثل هذا الإسهال الذهني يبدو لي شخصيا أقرب إلى الهذيان.

فالصين التي انطلقت منها الجائحة ظلت آلتها الصناعية تشتغل بجزء كبير من طاقتها واستمرت تمول الأسواق العالمية.

وأنجلترا أبقت مؤسساتها الإنتاجية تواصل الاشتغال مع أن رئيس حكومتها أصيب بالفيروس كما وزير خارجيته وعدد من المسؤولين.

وميركل أجبرت على دخول الحجر الصحي حين ثبت بأنها خالطت أحد المصابين، ولم تتوقف ماكنتها الصناعية أبدا، ونفس الشيء بالنسبة للرئيس بوتين وجل البلدان الاوروبية ، لأنه من غير الممكن ولا المعقول أن تستمر الدورة الإنتاجية متوقفة إلى ما لا نهاية، وإلا أصبح الاستقرار مهددا وأضحت الدول عاجزة عن أداء وظائفها، هذا عدا عن كون الانتاج الفلاحي، والعمل الزراعي، والصناعات التحويلة الغذائية، لم تعرف التوقف تقريبا في أي مكان من العالم، لما للساكنة عموما من حاجيات حيوية متنوعة أولها تواصل عملية تموين الأسواق بالمواد الغذائية الضرورية،

فهل ننسى أن دولة كإيطاليا مع كل المعاناة القاسية التي مرت بها وصولا إلى انهيار منظومتها الصحية تقريبا، اضطرت إلى إطلاق الدورة الإنتاجية والاقتصادية في آخر المطاف وحتى قبل الآخرين ، وهو القرار الذي اتخذته فرنسا أيضا، وعملت به بلجيكا وهولندا والنامسا وغيرها من البداية ،،،، إلخ. مع التأكيد من طرفها جميعا على وجوب مواصلة الالتزام بالإجراءات الاحترازية وفي مقدمتها الحرص على التباعد الاجتماعي للتقليل من مخاطر الإصابة وانتقال الفيروس، على أن المسؤولية في الالتزام بهذه الإجراءات ليست شأنا خاصا بالدولة، وإنما هي تتقاسم مسؤولية الحرص عليها من طرف الوحدات الإنتاجية أيضا بتأمين إجراءات السلامة قدر الإمكان داخلها ، كما يتحمل المواطن بدوره القسط الأوفر منها، الأمر الذي جعل العديد من الدول تضع عقوبات وذعيرات زجرية غاية في التشدد في حالة تعمد خرق هذه الإجراءات .وبالمناسبة فالإجراءات الاحترازية المقررة عندنا لا تختلف عن مثيلاتها المعمول بها في كافة دول العالم، علما بأن منظمة الصحة العالمية هي من أوصت بأغلب هذه الإجراءات..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى