سياسةمجتمعميديا وإعلام

جمعية نسائية غاضبة و”مستاءة ومنزعجة” من تقرير رسمي حول العنف الزوجي ضد الرجال

انتفضت فدرالية رابطة حقوق النساء ضد تقرير أعدته المندوبية السامية للتخطيط حول معدل انتشار العنف لدى الرجال في مختلف مجالات العيش، معتبرة، في بلاغ، أن هذا البحث ينم عن خلل كبير لديها، على مستوى الإطار المفاهيمي، والمنهجي لدراسة ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، وعدم وضوح الرؤية بخصوص تعريف العنف المبني على النوع، كما هو متعارف عليه على المستوى الدولي، من خلال المعايير الدولية للحقوق الإنسانية للنساء، التي تعرف العنف ضد النساء على أنه انتهاك لحقوق الإنسان، وإحدى صور التمييز ضد المرأة المبني على الجنس، وهو مجموعة من الانتهاكات القائمة على أساس نوع الجنس، وحرمان تعسفي للنساء للتمتع بحرياتهن الأساسية”.

وقالت فدرالية رابطة حقوق النساء إنها تابعت باستياء وانزعاج شديدين نتائج البحث الذي أعدته المندوبية السامية للتخطيط حول معدل انتشار العنف لدى الرجال في مختلف مجالات العيش.

يذكر أن بحث وطني حول العنف أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019 ، أنه خلال الإثني عشر شهر ا التي سبقت البحث، تعرض أزيد من 42 بالمائة من الرجال لفعل عنف واحد على الأقل.

وحسب البحث، الذي أجري لدى عينة مكونة من 3000 رجل تتراوح أعمارهم بين 15 و74 سنة، فإن هذه النسبة توزعت إلى 46 بالمائة في الوسط الحضري و35 بالمائة في الوسط القروي.

كما أفادت المندوبية أن 70 ٪ من الرجال تعرضوا لفعل عنف واحد على الأقل خلال حياتهم والذي قارب بشكل مخيف وخطير وغير مسبوق وغير مقبول لا من حيث المنهج العلمي، ولا الحقيقة المجتمعية بين العنف الذي تتعرض له النساء مع العنف الذي يتعرض له الرجال/ الخلافات الزوجية.

واعتبرت فدرالية رابطة حقوق النساء أن “نتائج هذا البحث تجعلنا نعتقد ان المغرب يعتبر ظاهرة عالمية منفردة، تستحق الدراسة، وأن المجتمع المغربي ليس مجتمعا أبويا، يسوده الفكر والهيمنة الذكورية، بل مجتمع تسدوه المساواة وعدم التمييز والعلاقات الاجتماعية المتكافئة، الشيء الذي لم تصله حتى الدول الإسكندنافية، المعروفة عالميا باحترامها الحقوق الإنسانية للنساء، بحيث مازالت تتبنى قوانين لمناهضة العنف ضد النساء، وتعمل على تطبيق اتفاقية إسطنبول الخاصة بذلك”.

وتابعت أن هذا الخلط المفاهيمي والمنهجي الناتج عن عدم وضوح الرؤية، في ما يخص تعريف العنف المبني على النوع جعل المندوبية السامية للتخطيط تنزلق في تصنيفات لبعض مظاهر الخلافات والنزعات التي تقع بين الأزواج وتعتبرها عنفا ضد الرجال من قبيل -كما ورد في البحث-بعض “مظاهر الغضب أو الغيرة من قبل المرأة عندما “يتحدث شريكها إلى امرأة أخرى”، أو “فرض طريقتها في إدارة وتسيير شؤون الأسرة”.

بل اعتبرت أن “لجوء المندوبية السامية للتخطيط إلى اخراج هذا البحث في هذه الظرفية العصيبة التي يمر منها المغرب والعالم برمته نتيجة جائحة كورونا وتداعياتها، والتي كانت النساء أول ضحاياها حسب دراسات عالمية، تؤكد على ارتفاع العنف ضد النساء بشكل مخيف”، يطرح أكثر من تساءل حول هذه “الدراسة”، وما هو المقصود بها والهدف منها؟ وهل تم فيها احترام معايير ومنهجية البحث العلمي؟ وما جدوى تخصيص يوم عالمي لمناهضة العنف ضد النساء؟ ولم إخراج قانون العنف ضد النساء؟”.

وفي المقابل دعت فدرالية رابطة حقوق النساء، المندوبية السامية للتخطيط إلى توضيح الهدف والغاية من هذا البحث، و لماذا استعملت مفاهيم تتعلق بعنف النوع، أو العنف المبني على الجنس و الذي يستهدف أساسا وغالبا النساء لكونهن نساء، و هو نتيجة للتمييز الجنسي المبني على هيمنة السلطة الذكورية المتجسدة في البنيات الاجتماعية، وفي علاقات النوع وفي تقسيم الأدوار بين النساء والرجال، وفي المنظومة العائلية وانعكاسات ذلك على المكانة الدونية للمرأة في مختلف المجالات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حفاظا على مصداقيتها كمؤسسة إحصائية وطنية تعتمد بحوثها كمراجع في البحث العلمي والاكاديمي.

وطالبت، أيضا، كل القوى التقدمية وجمعيات المجتمع المدني، وجميع الجهات المعنية المؤسساتية والمدنية المغربية، والحركة النسائية الحقوقية، وكذلك هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، الى التفاعل مع هذه الدراسة وابداء مواقفها ومساءلة المندوبية السامية للتخطيط، حول المنهجية والمعايير العلمية والمفاهيمية التي
ارتكزت عليها في اخراج هذه الدراسة، التي ستؤدي ال محالة إلى خلق البلبلة و الاستخفاف بخطورة ظاهرة العنف ضد النساء، وضرورة وضع استراتيجية متعددة المجالات للقضاء عليه، مادام أن هذا العنف متبادل، وتقريبا بنفس الحدة والخصائص حسب نتائج الدراسة”.

وناشدت وسائل الاعلام الوطنية والدولية، إلى تكثيف الجهود والبرامج من أجل فتح النقاش حول مفهوم العنف المبني على النوع، كما هو متعارف عليه دوليا، والتحسيس واتخاذ الحذر والتعامل بعقلانية وبمنهجية علمية وواقعية، مع نتائج هذه الدراسة المتحيزة للثقافة الذكورية، حتى لا تكرس نفس منهجية المندوبية السامية للتخطيط المتحيزة بشكل واضح وفاضح وصارخ للثقافة الذكورية، وتساهم في التطبيع والتسامح مع ظاهرة العنف ضد النساء”.

وطالبت، في الأخير، الحكومة بمراجعة قانون 13.103 لمناهضة العنف ضد النساء وتجويده وتعزيز مقتضياته، بما يتلاءم مع المعايير الدولية من حيث الوقاية والحماية، وعدم الإفلات من العقاب والتعويض، وجبر ضرر النساء المعنفات والناجيات من العنف.

يذكر أن بحثا وطنيا حول العنف أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019، أشار إلى أنه خلال الإثني عشر شهر ا التي سبقت البحث، تعرض أزيد من 42 بالمائة من الرجال لفعل عنف واحد على الأقل . وحسب البحث ، الذي أجري لدى عينة مكونة من 3000 رجل تتراوح أعمارهم بين 15 و74 سنة، فإن هذه النسبة توزعت إلى 46 بالمائة في الوسط الحضري و35 بالمائة في الوسط القروي .

وينتشر هذا العنف بشكل أكبر بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة (47٪ مقابل 29٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 60 و74 سنة)، وبين الرجال العزاب (46٪ مقابل 40٪ بين المتزوجين) وبين الحاصلين على مستوى تعليمي عال (46٪ مقابل 33٪ بين الرجال دون أي مستوى تعليمي).

وبينت نتائج البحث أن 70 ٪ من الرجال تعرضوا لفعل عنف واحد على الأقل خلال حياتهم ، 75 ٪ بين سكان المدن و61٪ بين سكان القرى .

ولفت البحث إلى أن العنف النفسي هو الشكل الأكثر شيوعا عند الرجال، والفضاء الزوجي هو الفضاء الأكثر اتساما بالعنف ، وفي التفاصيل فإن نتائج البحث تبين أن الفضاء الزوجي هو الفضاء المعيشي الأكثر اتساما بالعنف، حيث تعرض 31 ٪ من الرجال للعنف الممارس من طرف الزوجة أو الزوجة السابقة أو الخطيبة أو الشريكة الحميمة.

وفي الفضاءات المعيشية الأخرى، تعرض ما يقارب 12٪ من الرجال للعنف في الفضاء العائلي الذي يرتكبه أحد أفراد الأسرة من غير الزوجة، و10 ٪ في الأماكن العامة. كما عانى 16٪ من الرجال للعنف أثناء مزاولتهم لأنشطتهم المهنية و12٪ خلال دراستهم.

وباستثناء فضاء الدراسة والتكوين، فإن الرجال الحضريين هم الأكثر عرضة للعنف من نظرائهم القرويين في فضاءات العيش الأخرى.

وباعتبار أشكال العنف، فقد تعرض 37٪ من الرجال للعنف النفسي خلال الاثني عشر شهر ا التي سبقت البحث، بينما تعرض 11٪ منهم للعنف الجسدي، وعانى 2٪ من الرجال من العنف الجنسي ، و1٪ من العنف الاقتصادي.

وهكذا، فإن 73 ٪ من أشكال العنف التي يعاني منها الرجال هي نفسية .. 20 ٪ جسدية، 4٪ جنسية ، و3٪ اقتصادية.

ويختلف معدل انتشار العنف الزوجي، الذي تم تحديد نسبته في 31٪ خلال الإثني عشر شهرا السابقة للبحث، باختلاف الخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية لضحايا العنف من الذكور .

ويسجل معدل انتشار العنف الزوجي مستويات أعلى بين الرجال في المدن بنسبة 33 ٪ (27٪ في الوسط القروي)، وبين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة بنسبة 61٪ (24٪ ممن تتراوح أعمارهم بين 60 و74 سنة)، وبين الرجال ذوي مستوى تعليمي عال بنسبة 41٪ ( 24٪ بين أولئك الذين ليس لديهم أي مستوى تعليمي).

وتشير نتائج البحث إلى أن العنف الزوجي هو أكثر شيوعا في العلاقات خارج إطار الزواج ، حيث يصل معدل انتشاره إلى 54 ٪ لدى الرجال غير المتزوجين الذين لديهم أو كانت لديهم خطيبة أو شريكة حميمة خلال الاثني عشر شهرا التي سبقت البحث مقارنة مع نسبة 28٪ لدى الرجال المتزوجين.

وفي إطار العلاقات بين الشركاء الحميمين، يتجلى العنف، بالدرجة الأولى، في شكله النفسي، فقد صرح أكثر من 30٪ من الرجال بتعرضهم للعنف النفسي خلال الاثني عشر شهر ا التي سبقت البحث (32٪ من الرجال الحضريين مقابل 27٪ من القرويين)، 26٪ منهم عانوا من سلوكات مهيمنة تؤثر على حريتهم الفردية و13٪ من عنف عاطفي.

وتتجلى السلوكات المهيمنة، بالأساس، في مظاهر الغضب أو الغيرة من قبل المرأة عندما ” يتحدث شريكها إلى امرأة أخرى”، أو في “الإصرار المبالغ فيه على معرفة مكان تواجده” ، أو في ” فرض طريقتها في إدارة وتسيير شؤون الأسرة ” ، حيث تم التعبير عن هذه السلوكات من قبل 43 ٪، 31٪ و32٪ من الذكور ضحايا هذا النوع من العنف على التوالي .

بينما يتجلى العنف العاطفي، بشكل رئيسي، في “رفض الشريكة التحدث مع زوجها لعدة أيام” بحسب 75٪ من الرجال ضحايا هذا النوع من العنف ، و”إذلاله أو التقليل من شأنه من قبل الشريكة” بالنسبة ل 30٪ من الضحايا.

أما فيما يخص العنف الجسدي و/أو الجنسي، فقد تعرض له 2٪ من الرجال (1٪ منهم كانوا ضحايا للعنف الجسدي) بينما يؤثر العنف الاقتصادي، من جانبه، على أقل من 1٪ من الرجال في هذا الفضاء .

وتجدر الاشارة إلى أن المندوبية السامية للتخطيط أجرت خلال سنة 2019 البحث الوطني حول العنف ضد الفتيات والنساء لدى عينة مكونة من 12000 امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و74 سنة. وبالموازاة مع ذلك، تمت مقاربة العنف لدى الرجال، لدى عينة مكونة من 3000 رجل من نفس الفئة العمرية.

وينقسم تحليل نتائج الدراسة حول العنف لدى الرجال إلى جزئين، حيث يتناول الجزء الأول، الجوانب المرتبطة بالعنف الذي يعاني منه الرجال، ولاسيما معدلات انتشاره في مختلف فضاءات العيش وبأشكاله المختلفة وكذا محدداته.

وسيهتم الجزء الثاني، الذي سينشر لاحق ا، بتصورات الرجال لظاهرة العنف والتي من شأنها أن تسلط الضوء على بعض قضايا السلطة والسيطرة المرتبطة بالعلاقات القائمة على النوع الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى