حواراتسياسة

المحلل السياسي عبادي: تشجيع المواطنين على الامتناع عن التصويت هو بمثابة دعوة إلى “العصيان المدني”

يسلط عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين السبع بالدار البيضاء، والمحلل السياسي، إدريس عبادي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية لثامن شتنبر، الضوء على التحديات المرتبطة بهذه الاستحقاقات، وتحديدا مسألة المشاركة الانتخابية.

1- يؤكد دعاة الديمقراطية التمثيلية أن ممارسة الحق في التصويت واجب وطني ووسيلة لممارسة المواطنة. فهل يمكن اعتبار الامتناع عن التصويت خللا في المواطنة أم أن الأمر يتعلق بطريقة للتعبير عن غياب عرض انتخابي مقنع؟

اليوم، في معظم دول العالم، وفي المغرب على وجه الخصوص، يفسر الامتناع عن التصويت بوجود عجز في أداء الفاعلين السياسيين المنتخبين وفي نشاطهم العمومي المقترن بأزمة قيم.

فالامتناع عن التصويت هو تعبير عن التآكل في ثقة المواطن في المؤسسات ورجال السياسة المنتخبين.

ثقة المواطن نتاج علاقة متداخلة بين المنتخبين والمواطنين، وبالتالي تعد نتيجة للتوافق بين اختيارات المواطن وأداء الشخص المنتخب في ما يتعلق بالسياسات العمومية.

من هذا المنظور، فإن علاقة الثقة السياسية ترتكز في المقام الأول على الترابط بين أداء المنتخبين ومطالب المواطنين.

ويمكن القول إن انعدام الثقة يزداد نتيجة لغياب الكفاءة في السياسات العامة للمنتخبين العاجزين عن حل قضايا تعتبر من صميم مسؤوليتهم، وبالتالي يتولد شعور بالخيبة لدى المواطنين. كما قد ينجم عن ازدياد مطالب المواطنين السياسية، لأنهم يطمحون دائما إلى المزيد.

2- استنادا إلى قاعدة أن التصويت أداة مشاركة سياسية يملكها المواطنون ليتمكنوا من الحكم بشكل إيجابي أو سلبي على الفاعلين السياسيين المسؤولين عن تدبير الشأن العمومي، هل يمكن اعتبار الامتناع عنه مظهرا من مظاهر تصدع الثقة بين المواطنين والفاعلين السياسيين؟

إنعدام الثقة لدى المواطنين يعكس تقييما سلبيا للسياسات العمومية، وهذا الوضع لا يتعارض مع الديمقراطية، بل يعد أحد ركائز الليبرالية السياسية المتوجسة من الدولة والمسارعة إلى مساءلة المسؤولين المنتخبين.

يجب التذكير بأن التصويت حق من الحقوق. تاريخيا، ناضل الرجال من أجل حق التصويت، والامتناع عن هذا الحق يدفع في اتجاه فقدانه. التصويت التزام أخلاقي وتصريح لدخول المجال العام. أما الامتناع فهو تعبير عن رأي معين، إذ لا يعني عدم التصويت غياب الرأي.

الممتنعون عن التصويت مواطنون سبق لهم أن شاركوا في الانتخابات، لكن تجربتهم ترافقت مع استياء عميق تجاه ممارسة هذا الحق. فعادة ما يكون الاختيار الانتخابي مصحوبا بمعلومات غير كافية، ما يجعل من الصعب الإحاطة بالعرض الانتخابي. وفضلا عن الصعوبة التي قد يواجهونها في فهم البرنامج الانتخابي، يصوت المواطنون على مترشح ما لكنهم لا يعرفون أبعاد ذلك، ما ينجم عنه فجوة بين العرض الانتخابي وانتظاراتهم، حيث يشعرون بأنهم يتخذون خيارات مقيدة. فإذا ما وجد الناخبون، على سبيل المثال، أن ليس كل وكلاء اللوائح يتماشون مع ما يرغبون فيه، فإنهم يجدون أنفسهم مضطرين للتصويت على من يعرفون: جارهم على سبيل المثال …

3- ما رأيكم في الدعوات التي تحث المواطنين على الامتناع عن التصويت؟

تشجيع المواطنين على الامتناع عن التصويت هو بمثابة دعوة إلى “العصيان المدني”، وأيضا بمثابة دعوة المواطنين إلى عدم السماح بتوجه أطفالهم إلى المدرسة وإبقائهم في المنزل لأنهم يعتقدون أن نظام التعليم فاشل، أو دعوتهم إلى عدم نقل المرضى إلى المستشفى وتركهم في المنزل وعلاجهم بوسائل أخرى اعتقادا منهم بأن المنظومة الصحية معطلة.

على العكس من ذلك، يجب على المحبطين من السياسة المشاركة في الانتخاب والتعبير عن آرائهم، ولو ببطاقة تصويت بيضاء تعبر عن عدم ثقتهم في أي مترشح، لكنها تعبر عن مشاركتهم المواطنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى