سياسةميديا و أونلاينميديا وإعلام

الساسي: لا أستطيع استيعاب ما يقع ببلادي و أطروحة الانتقال الديمقراطي باتت محط سخرية الناس والصحافيون/ات..يعملون كإرهابيين جدد

قال محمد الساسي: “أنا شخصيا مصاب بإحباط، أعترف لكم اليوم أنني لا أستطيع استيعاب ما يقع في بلادي، وبوصفي معارضا معتدلا في بلادي، فإن ما يقع في مواجهة الفكر والمعارضة والنقد والرأي، يجعل أطروحاتنا المتعلقة بالانتقال الديمقراطي وبالتطور التدريجي محط سخرية من الناس”.

وأضاف القيادي بالاشتراكي الموحد، في شهادة أدلى بها ليومية “أخبار اليوم” في عدد آخر الأسبوع، الذي نودعه، إن هناك البعض الذي يريد أن يقنعنا أن الوسيلة الجيدة هي اغتيال الديمقراطية وقمع الأًصوات المعارضة والتضييق على الأقلام وسد ولجم الأفواه وتضييق الهوامش المتاحة، لدرجة يصبح هناك تساؤل مشروع عن مدى بقاء “هامش ” ديمقراطي، والهامش الديمقراطي ليس هو الديمقراطية طبعا، مشيرا وفق المصدر ذاته، أننا يقول نتسأل اليوم عن مصير هذا الهامش، نعم الحرب ضد الإرهاب حققت نتائج لا يمكن نكرانها أبدا، لكن ما نراه اليوم هو أن هذا النجاح بموجبه يتم الانتقال إلى حرب ثانية يعامل فيها الصحافيون(ات) وحملة الأقلام والكتاب والمدونون كإرهابين جدد.

إلى ذلك تسأل الباحث والفاعل السياسي، كيف يعاقب الصحافيون بعقوبات توازي العقوبات التي تصدر في حق الإرهابين ؟ وعندما أتحدث عن صحافي، فأنا أتحدث عنه بالمعنى الواسع للصحافة سواء كان صاحب موقع أو جريدة أو كاتب عمود أو رأي، أتساءل هل يمكن لشخص أن ينفي أنه لدينا من الصحافيين البارزين المعتقلين أكثر مما كان لدينا في أي لحظة من لحظات تاريخ المغرب، حتى في سنوات الرصاص.

في السياق ذاته، عرج الساسي ليحدث مقارنة ويتوقف عند محاكمة 1977 التي جرى فيها محاكمة عشرات الشباب والمثقفين الماركسيين، مقصود بهم مناضلي اليسار السبعيني، حيث تمت متابعتهم في إطار تكوين منظمة سرية ماركسية، مستدركا هؤلاء على سبيل المثال جرت حاكمتهم كفاعلين في منظمات ضد النظام، في حين نخن اليوم نتحدث عن صحافيين هم فقط يكتبون ، ويعبرون فقط، دون أن يكونوا فاعلين في تنظيمات وهذه التنظيمات بصورة جماعية تتعبأ في مواجهة الدولة، لم يكن في تاريخ المغرب كله هذا العدد من الصحافيين المعتقلين، لنتذكر المحاكمات الصحافية الكبرى التي تعرضت لها بعض الأسماء المعروفة، في الماضي كان الصحافيون المعروفون في الأغلب لا يكملون عقوبتهم النافذة المحكوم بها، رغم سواد وقتامة المرحلة السابقة كانوا يخرجون بعفو.

محمد الساسي، واستنادا للمصدر ذاته، أشار، انه و رغم التنديد بالاعتقالات التي تطال الصحافيين فنحن نلاحظ مثلا بالنسبة لمدير أحد أكبر المواقع الإلكترونية وسبقه مدير أحد أكبر الجرائد الورقية أنهم أكملوا مدة الحكم عليهم، مؤكدا أننا يقول الساسي مررنا من ثلاثة مراحل: من مرحلة كانت تفتعل فيها صعوبات للصحافة مما أدى إلى إيقاف عدد من المنابر، ويمكن أن نربط تلك الصعوبات بالمواقف النقدية لتلك المقاولات، لكن هناك صعوبات خاصة وجهت لنوع من الصحافة المزعجة، إذن في المرحلة الأولى تمت عرقلة عمل الصحافة..في المرحلة الثانية أًصبح عدد من الصحافيين والكتاب الذين يمارسون النقد يضطرون للهجرة، وهذه الهجرة لم يختاروها طوعا، فهناك من منع من الكتابة ببلده ومثال ذلك الصحافي علي المرابط، وقد تزايد عدد الصحافيين المنفيين، في سنة 1994، أًصدر الملك الحسن الثاني عفوه على المعتقلين وعن المنفيين السياسيي، اليوم تحولنا إلى ظاهرة الصحافيين المنفيين ..ما معنى أن يكون في هذه المرحلة صحافييون منفيون مثلما كان لنا سياسيون منفيون ؟ وما معنى أنه اليوم أصبحنا نهدد حتى هؤلاء المنفيين بمتابعتهم في البلدان التي يعيشون بها، هذا غريب، فالآلة القمعية لم تكتف بعرقلة العمل الصحفي بل يتم تهديده وهو في الخارج.

الساسي، أكد أن المرحلة الثالثة اتسمت بملفات لم نعتدها، ملفات جنسية ومالية تحوم حولها العديد من الشكوك وتطرح عليها أكثر من علامة استفهام، ولا يمكن لأحد أن يفصل المتابعات الجارية عن سياقها السياسي، وأصبحنا أمام محاكمات غريبة جدا، فعندما يتابع توفيق بوعشرين بجرائم جنسية بناء على شكايات، ويكون عدد الشكايات كبير، وحينما تبدأ المحاكمة نصبح كما لو أننا أمام عقد ينفرط، المشتكية الأولى ثم الثانية ثم الثالثة .يكفي أن مشتكية واحدة تقف أمام القاضي وتنفي ما جاء في المحاضر لكي ينفرط العقد كله من الناحية القانونية، فهذا بناء، المحاكمة بناء، ويكفي أن يسقط أحد الأعمدة حتى تصير منهارة..

الساسي عدد وفق المصدر ذاته، القضايا ذات الصلة بالصحافة، منها قضية الصحافي حميد المهداوي الذي تلقى مكالمة هاتفية بناء عليها تحول إلى متابع بتهمة عدم التبليغ ..في هذا المجال لا يمكن أن نتابع الشخص عن عدم التبليغ إلا عندما يتأكد هو بصورة قطعية من جدية المشروع الإجرامي، وإلا فإنه في هذه الحالات يصبح أمام القضاء إمكانية الزج بأي مغربي في السجن، ثم بعد ذلك نبحث عن أي نص من النصوص، القاضي ليس حرا في التأويل والتفسير.

في قضية الأستاذ المعطي منجب، فالعالم كله تابع وليس فقط المغرب كله تابع، سلسلة المضايقات والتشهير وجلسات المحاكمات والاستنطاقات إلى أن تم الوصول إلى المتابعة الحالية ..هل يمكن لعاقل أن يخرج هذه المتابعة من هذا السياق، الذي يظهر منه أنه كان هناك تفكير مسبق لاعتقال هذا الشخص ، وهناك جهة معينة بدأت في الحديث عن تبرير الاعتقال فوجدت صعوبة وتوقفت ثم عاودت.. هذا السياق من المتابعات والملاحقات يسمح لنا بأن نصل إلى الاقتناع أن هناك إرادة مسبقة لاعتقال المعطي منجب وهذا التحول يسمح لنا بافتراض وجود إٍرادة مسبقة للمعاقبة والاضطهاد وكبت الحريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى