تم الإعلان عن تأسيس تنسيقية الكرامة واليقظة للعدالة الانتقالية يوم 23 نوفمبر 2024، في خطوة تعكس تطوراً نوعياً في المشهد الحقوقي المغربي، وتهدف هذه التنسيقية إلى تعزيز الالتزام بالقيم والمبادئ التي تصون الكرامة الإنسانية، ورد الاعتبار للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وضحايا الحراكات الاجتماعية السلمية.
و جاء تأسيس هذه التنسيقية في وقت حساس حيث يسعى المغرب إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية بعد سنوات من الانتهاكات التي طالت العديد من الأفراد، حيث تستهدف التنسيقية في عملها تعزيز حقوق هؤلاء المعتقلين الذين تعرضوا للظلم، والمساهمة في تطوير المسار الحقوقي بالمغرب من خلال إجراءات ملموسة.
و حسب البلاغ الصادر عن التنسيقية، الذي توصلت “دابا بريس” بنسخة منه، فإن هذه المباردة الحقوقية تسعى للعمل على جبر الضرر لضحايا الاعتقال السياسي، وضمان احترام حقوق الإنسان على جميع الأصعدة، حيث اعتبر ذلك من بين الأولويات المسطرة.
في نفس السياق، سيركز عمل التنسيقية على تلبية مطالب وحقوق المعتقلين السياسيين والمفرج عنهم من معتقلي الرأي والمشاركين في الحراكات الاجتماعية السلمية، إلى جانب العمل على الطي النهائي لصفحة الاعتقال السياسي في البلاد،
ودعا البلاغ ذاته، إلى إغلاق ملف الاعتقال السياسي بشكل نهائي، وهو ما سيساهم في تعزيز ثقافة المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي.
من جهة أخرى، تشمل أهداف التنسيقية أيضًا نشر ثقافة الذاكرة الجماعية، وذلك بهدف منع تكرار التجاوزات والانتهاكات التي قد تحدث مستقبلاً، فالحفاظ على الذاكرة الجماعية للمغرب يشكل حجر الزاوية في الإصلاحات الهيكلية والسياسية المطلوبة، حيث تسعى التنسيقية إلى تعزيز ثقافة المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي من خلال مبادرات تستهدف تقوية النسيج المجتمعي ودعم الجهود الرامية إلى معالجة آثار الماضي، مع التركيز على الدفع نحو إصلاحات هيكلية وسياسية وتشريعية تسهم في تعزيز العدالة الانتقالية وضمان شفافيتها ومصداقيتها.
وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف، ستعمل التنسيقية على تقديم الدعم لبرامج إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني للمعتقلين المفرج عنهم، وضمان الرعاية اللاحقة التي تعزز اندماجهم في المجتمع.
هذا و أكد هذا المولود الحقوقي الجديد الذي يضم في صفوفه مكونات مجتمعية متعددة المشارب، على أهمية إصلاح المؤسسات المسؤولة عن الانتهاكات السابقة، بما يضمن عدم تكرار الانتهاكات وترسيخ مبادئ المساءلة والشفافية.
فيما على الصعيد التنظيمي، أعلنت التنسيقية عن تشكيل سكرتارية وطنية جديدة تضم مجموعة من الأسماء اللامعة في مجال الحقوق والسياسة، وسييتولى قيادة هذه السكرتارية المنسق الوطني، ذ. العلمي الحروني، مع نائبين له، هما ذ. أحمد المرزوقي وذة. سعيدة العلمي، بالإضافة إلى أمين وطني هو ذ. حسن حسني العلوي، فضلا عن مستشارين مختصين في مختلف المجالات مثل الإعلام والتواصل، والرصد والتتبع، والعلاقات مع الهيئات والمنظمات.
و تتطلع التنسيقية من خلال هذه السكرتارية إلى تنظيم ندوة صحافية قريبا للإعلان عن نفسها بشكل رسمي، ولعرض برنامج عملها الذي يتضمن مختلف المحاور المتعلقة بالقيم الحقوقية، العدل، والمصالحة الوطنية. ومن خلال هذه الندوة، تأمل التنسيقية في إشراك أكبر عدد ممكن من الفاعلين الحقوقيين والسياسيين لدعم وتحقيق أهدافها في خطوة تعكس نهج التنسيقية في الشفافية وإشراك الرأي العام في رؤيتها وطموحاتها.
هذا و تُعتبر هذه الخطوة بداية لمبادرات عملية تهدف إلى معالجة جراح الماضي، وفتح صفحة جديدة في سجل المصالحة الوطنية، بما يعزز مسار المغرب نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية.
إن هذا التأسيس سيشكل محطة بارزة في مسار تعزيز الحقوق والحريات بالمغرب، وهو يجسد وعياً متزايداً بأهمية الشراكة المجتمعية والسياسية لتحقيق التغيير المنشود.