الرئسيةسياسة

PPS: شعارات حكومية طموحة وإنجازات متواضعة و الدولة الاجتماعية تحول لشعار تسويقي

 

تحرير: جيهان مشكور

في سياق سياسي واجتماعي يزداد تعقيداً بفعل التحديات الاقتصادية التي تعيشها البلاد، عقد حزب التقدم والاشتراكية دورته الخامسة للجنة المركزية، حيث سلط الضوء على التناقض الواضح بين الشعارات الطموحة التي ترفعها الحكومة وواقع الإنجازات المتواضعة على الأرض. واعتبر الحزب أن مفهوم “الدولة الاجتماعية”، الذي يفترض أن يكون في صلب السياسات الحكومية، قد تحول إلى مجرد شعار تسويقي بعيد عن أي التزام حقيقي بالإصلاح والتغيير و يفتقر إلى الترجمة الفعلية على أرض الواقع، مما يُضعف ثقة المواطنين في الالتزامات الحكومية.

واعتبر حزب التقدم والاشتراكية في تقريره أن الدولة الاجتماعية لا يجب أن تختزل في وعود وأرقام مبالغ فيها، بل هي مشروع يستلزم أفعالاً حقيقية وسياسات واضحة تُحقق العدالة الاجتماعية و تضمن لجميع المواطنين وصولاً عادلاً إلى الخدمات الأساسية، وأشار إلى أن النهج الذي تعتمده الحكومة، والمبني على تضخيم الأرقام دون تحقيق ملموس للأهداف، يُضعف مصداقية المؤسسات ويُعمّق الشعور بالإحباط خاصة لدى الفئات الهشة التي تعاني من أوضاع صعبة وتتطلع إلى سياسات تُغير واقعها اليومي.

من هذا المنطلق، دعا الحزب إلى ضرورة إرساء قانون يُنظم تمويل الحماية الاجتماعية، بما يضمن الشفافية في تدبير الموارد ويكشف بوضوح حجم الإنفاق الفعلي مقارنةً مع ما يتم الإعلان عنه، كما واعتبر أن غياب إطار قانوني واضح يساهم في تعزيز الشكوك حول مدى جدية الحكومة في التزامها بمبادئ الدولة الاجتماعية، ويُعرّض المواطنين لخيبات أمل متكررة، ما يُهدد بتآكل الثقة في السياسات العامة.

الحزب استعرض أمثلة واقعية تعكس التناقض بين التصريحات الحكومية والتنفيذ الفعلي، أول هذه الأمثلة يتعلق ببرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز، حيث أعلنت الحكومة تخصيص 24 مليار درهم سنوياً على مدى خمس سنوات لهذا الغرض، غير أن المعطيات المتوفرة حتى أكتوبر 2024 تُظهر أن ما تم صرفه فعلياً لم يتجاوز 9.5 مليارات درهم، وهو ما يعكس تباطؤاً واضحاً في تنفيذ هذا المشروع الحيوي، كما شدد الحزب في تقريره على أن هذا الوضع يتطلب تسريع وتيرة الإنجاز مع تحسين آليات الحكامة لضمان فاعلية الإنفاق، مع توسيع نطاق البرنامج ليشمل جميع المناطق الجبلية التي تواجه أوضاعاً صعبة مشابهة.

المثال الثاني الذي استشهد به الحزب يرتبط ببرنامج دعم اقتناء السكن، حيث أعلنت الحكومة تخصيص حوالي 9.5 مليارات درهم سنوياً لهذا المشروع، إلا أن الواقع يُبرز أن حجم الإنفاق الفعلي لم يتجاوز 2.5 مليار درهم، وهو ما يعكس ضعفاً واضحاً في تحقيق الأهداف، كما أشار الحزب إلى أن التوزيع الجغرافي للاستفادة يعاني من اختلالات كبيرة، حيث تستفيد ثلاث جهات فقط من 80% من الموارد المخصصة. فيما دعا الحزب إلى إصلاح هذا الوضع عبر التصدي لظاهرة “النوار” وتشجيع المنعشين العقاريين على تقديم عروض سكنية مناسبة، إضافة إلى تعزيز التدخل العمومي لضمان توفير سكن ملائم وعادل لجميع المواطنين بمختلف مناطق البلاد.

حزب التقدم والاشتراكية خلُص إلى أن تضخيم الأرقام والإفراط في إطلاق الشعارات دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع يُفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة، ويُضعف مصداقية الدولة ككل، ومن هذا المنطلق، شدد الحزب على أن الدولة الاجتماعية ليست مجرد خطاب سياسي يُرفع في المناسبات، بل هي التزام فعلي يتطلب إرادة سياسية صادقة، وخططاً دقيقة، وتنفيذاً يضع مصلحة المواطنين على رأس الأولويات.

و أكد نبيل بن عبد الله تحقيق العدالة الاجتماعية لا يمكن أن يتم إلا من خلال سياسات تُعلي من قيم المساواة والإنصاف، وتُترجم إلى أفعال تعزز الثقة في مستقبل أفضل للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى