
مهرجان ازان الوطني للفيلم التربوي بتيزنيت
في تيزنيت ” مدينة مغربية وعاصمة إقليم تيزنيت، المدينة التي تتنفس من رئة التراث الامازيغي وتنبض بروح التجديد، لم يكن مساء يومه الجمعة 16 ماي الجاري عاديا، فقد تحول المعهد الموسيقي والفن الكوريغرافي الرايس الحاج بلعيد الى فضاء يحتفي بالفن الهادف، بافتتاح الدورة الثالثة من مهرجان ازان الوطني للفيلم التربوي، وسط حضور وازن لمهنيي السينما والتربية، ونخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والتربوي.
بعيدا عن اضواء البهرجة والاستعراض، اختار المهرجان ان يوجه بوصلته نحو قضية اكثر عمقا ، حول دور الفيلم التربوي في بناء الانسان قبل كل شيء.
الفن السابع وسيلة بيداغوجية ورافعة للتغيير المجتمعي
فالفن السابع، كما بدا من روح هذه الدورة، لم يعد مجرد اداة ترفيه، بل تحول الى وسيلة بيداغوجية ورافعة للتغيير المجتمعي، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها المتغيرات التكنولوجية والتواصلية.
وقد راهنت الجهات المنظمة، وعلى راسها المجلس الجماعي لتيزنيت وبدعم من المجلس الاقليمي لتيزنيت وجهة سوس ماسة والمركز السينمائي المغربي، على ان تجعل من هذا المهرجان موعدا سنويا لاعادة الاعتبار للفيلم التربوي، ليس فقط بوصفه منتجا فنيا، بل كاداة تعليمية، وجسرا بين المدرسة والمجتمع، ووسيلة لتعزيز القيم الايجابية والانفتاح على قضايا المواطنة، البيئة، والهوية.
وقد حمل المشاركون في الدورة الثالثة معهم رؤى وتجارب مختلفة، لكنهم اجتمعوا حول قناعة واحدة وهي ان التربية لم تعد مسؤولية المدرسة وحدها، وان السينما قادرة على لعب دور مركزي في اعادة تشكيل الوعي الجماعي، وذلك من خلال عروض افلام ونقاشات مفتوحة، بدا واضحا ان هناك تعطش حقيقي لمحتوى بصري يراعي خصوصيات المجتمع المغربي، ويخاطب الناشئة بلغة الجمال والمعنى.
ولان تيزنيت ” على بعد 690 كلم جنوب العاصمة الرباط“، ليست مجرد خلفية جغرافية لهذا الحدث، بل طرف اساسي فيه، فقد اضفى السياق المحلي للمهرجان طابعا خاصا على النقاش؛ فالمدينة التي تعرف بهويتها الثقافية المتجذرة وانفتاحها على المبادرات الابداعية، بدت وكأنها تعيد تعريف علاقتها بالسينما، لا كمشهد خارجي، بل كجزء من بنيتها المجتمعية ومساهمتها في التنمية الثقافية.
مهرجان ازان للفيلم التربوي، في دورته الثالثة، قد لا يملك بعد صخب المهرجانات الكبرى، لكنه يملك شيئا اكثر ندرة، انه وضوح الرؤية، وصدق الغاية، واستثمار الفن في تربية الذوق وصناعة الوعي.