الحكم بالسجن 5 سنوات ضد الصحافي سليمان الريسوني في قضية “اعتداء جنسي”
في جلسة غاب المتهم عن محاكمته، بسبب إضراب متواصل عن الطعام، منذ 93 يوما، قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الجمعة، بسجن الصحافي سليمان الريسوني خمسة أعوام لإدانته بـ”اعتداء جنسي” في حق شاب.
واعتقل الريسوني (49 عاما) في مايو 2020، في قضية يعتبرها “مفبركة” بسبب آرائه.
وطالبت منظمات حقوقية، محلية ودولية، وأحزاب سياسية، ومثقفون، في عرائض وبيانات سابقة، بالإفراج عنه، بينما تشدد السلطات في مواجهة هذه المطالب على استقلالية القضاء وسلامة إجراءات المحاكمة.
وغاب الريسوني عن الجلسات الأخيرة من محاكمته منذ منتصف يونيو، مؤكدا في الوقت نفسه على لسان دفاعه “تشبثه بالحضور شريطة نقله في سيارة إسعاف وتمكينه من كرسي متحرك”، وسط مخاوف المتضامنين معه من تدهور صحته.
لكن المحكمة قررت المواصلة في غيابه، ليحتج دفاعه بالانسحاب من الجلسات الأخيرة.
الجمعة، أيضا، أعلن القاضي أمرا بإحضار الصحافي الذي اشتهر بافتتاحياته ذات النبرة النقدية، لكنه رفض، ليتم النطق بالحكم في غيابه. وينص الحكم أيضا على أداء تعويض نحو 11 ألف دولار لفائدة المشتكي.
من جهتها طالبت النيابة العامة بإدانته بأقصى العقوبات، مؤكدة أن “تصريحات الشاكي به منسجمة ومنطقية”، واعتبرت غياب الصحافي “بمثابة عصيان” أوامر قضائية.
إضراب عن الطعام
وقال محاميه ميلود قنديل لوكالة الأنباء الفرنسية “هذه مجزرة قضائية. كيف يمكن إدانة متهم في غيابه وغياب دفاعه؟ هذا غير مسبوق”.
وأكد الشاكي روايته أمام المحكمة، نافيا أن يكون طرفا في أي “استهداف سياسي” ضد الصحافي، وفق ما أوضح محاميه عمر ألوان لفرانس برس.
يثير استمرار الريسوني في إضرابه عن الطعام قلقا بالغا لدى عائلته والمتضامنين معه، حيث ناشد دفاعه المحكمة في جلسة سابقة الثلاثاء نقله إلى المستشفى “لإنقاذ حياته”، مؤكدين أنه “محب للحياة، لم يختر الإضراب عن الطعام، لكنه فرض عليه بسبب إحساسه بظلم فظيع”.
في المقابل قللت إدارة السجون المغربية في مناسبات عدة من خطورة الوضع، وأكدت لوكالة الأنباء المغربية، الثلاثاء، أن “الإضراب المزعوم عن الطعام (…) مناورة تكتيكية يروم من ورائها دفع القضاء إلى إطلاق سراحه”، و”استدرار تعاطف الرأي العام”.
وكان الريسوني ظهر آخر مرة في المحكمة مطلع يونيو حيث دخل القاعة متمايلا لا يقوى على المشي، وبدا نحيلا، ما أثار ذهول الحاضرين وبكاء أفراد عائلته.
وجاء اعتقاله بعدما نشر المشتكي، وهو ناشط في الدفاع عن حقوق أفراد “مجتمع الميم” (المثليون والمثليات ومزدوجو الميول الجنسية ومتحولو النوع الاجتماعي)، تدوينة على فيسبوك يتهمه فيها بالاعتداء عليه جنسيا.
وقررت النيابة العامة ملاحقته بتهمة “هتك عرض شخص باستعمال العنف والاحتجاز”، بعدما تم الاستماع للمشتكي.
وظل رهن الاعتقال على ذمة التحقيق لتبدأ محاكمته في فبراير.
“انفراج حقوقي”
على أثر اعتقاله، طالب متضامنون معه، بينهم نشطاء حقوقيون ومثقفون وسياسيون من مشارب مختلفة، بالإفراج عنه منددين في عريضة “بأسلوب استهداف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان المنتقدين للسلطة الذي أصبح نمطا قائم الذات، لارتكازه على تهم الاعتداء الجنسي بشكل متكرر”.
وأكد المشتكي في مناسبات عدة “عدالة قضيته”، وأنها “لا تحتمل التوظيف، ولا المزايدة من طرف أية جهة كانت، وهو ما لن أكون مسؤولا عنه في حال حدوثه”.
وتزامنت محاكمة الريسوني مع محاكمة أخرى، يمثل فيها زميله الصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي (34 عاما) بتهمتي “تخابر” و”اعتداء جنسي”، بعد شكاية قدمتها ضده زميلة له في العمل.
وتواصلت هذه الأخيرة الجمعة في جلسة مغلقة على أن تستأنف الثلاثاء.
وخلال الأشهر الفائتة انضمت أحزاب سياسية، بينها حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الائتلاف الحكومي، إلى المطالبين بالإفراج عن “الصحافيين المعتقلين”، داعية إلى تحقيق “انفراج في أوضاع حقوق الإنسان” بالمملكة.
أثناء اعتقال الريسوني، توقفت صحيفة “أخبار اليوم”، التي كان يرأس تحريرها، عن الصدور لأسباب مالية في مارس.
كما سبق أن دينت الصحافية في الجريدة نفسها هاجر الريسوني، وهي قريبة سليمان، العام 2018 بالسجن عاما بتهمة الإجهاض وإقامة علاقة غير شرعية، في قضية أثارت ضجة كبيرة قبل أن يتم الإفراج عنها بموجب عفو ملكي.
أما مؤسس ومدير هذه الصحيفة، توفيق بوعشرين، فدين هو الآخر بتهم “اعتداءات جنسية” و”اتجار بالبشر” بحق ثماني ضحايا، في قضية قسمت الرأي العام. وظل بوعشرين ينفي هذه التهم، في حين أكدت السلطات سلامة إجراءات المحاكمة.
ويقضي منذ اعتقاله في 2018 عقوبة بالسجن شددت في الاستئناف من 12 إلى 15 عاما.