رأي/ كرونيك

إنه الخوف!

من اللافت للنظر غياب تحقيقات في الصحافة المغربية ومقالات التحليل الرصينة وكذا الافتتاحيات حول ما يقع الآن.

هجرة غير نظامية، فيما يشبه الفرار الجماعي، بمعالم جديدة وغير مسبوقة. فئات عريضة من الفقراء تواجه مصيرها وحدها أمام جرافات تهدم جدران البيوت وآخرون يواجهون سيوف المنحرفين، الذين دفعتهم ظروفهم البئيسة الى حمل الضغينة بدل الأمل. ناهيك عن معتقلي الرأي المودعين في المؤسسات السجنية بعدما اقترفوا جريرة “الانتماء للوطن”.

يجمع المعارض والوزير والغفير وحامل البندير على أن ما يشهده البلد له تفسير سياسي ظاهر يتقاسمه الأستاذ الباحث في العلوم السياسية والعساس الواقف على باب القيصارية وأن التخلف الإقتصادي والعطب الإجتماعي ما هو الا توابع لتدبير سياسي فوقي، ممركز وغير موفق لكنه ورغم إخفاقه نجح في أسكات المعارضين والرفع من صوت جوقة المطبلين، وسط نخبة إنتهازية لا ضمير لها ترى أن حال المغرب أفضل من فرنسا وأننا نمودج وجب الاحتفاء به بل وتصديره لأفريقيا مع العلم أن مؤشرات رواندا الخارجة من حرب أهلية طاحنة أفضل بكثير من مؤشرات المغرب على سلم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

لقد حولت الوصولية والخوف الصحافة في المغرب الى مقاولات تجارية تبيع الوهم و “الكليك” وتزيد من الأزمة القيمية داخل المجتمع وترسخ الجهل والركون عبر فيديوهات تحول فيها الصحافي الى مجرد حامل للميكروفون يسأل المواطن اليتيم عن يتيم بعيدا عن تجليات اليتم الحقيقي والمثملة في موت الدولة الأم_الأب وترك اليتامى بلا بوصلة بعضهم في العراء قرب أطلال كاريان الواسطي وآخرون تطلاتمهم أمواج المتوسط وهم يجذفون بأيديهم العارية نحو المجهول.

إن مصلحة الوطن اليوم تقتضي _من بين مقتضيات أخرى_ ملئ قرطاس الصحافيين بالمهنية والأخلاق وطرد الخوف من هيئات التحرير والمساهمة في نقاش عمومي عماده الإعلام ليس خدمة للديمقراطية وحقوق الإنسان _فهذا حلم بعيد المنال_ بل خدمة للاستقرار.

إن الاستقرار _بالمفهوم السطحي للكلمة_ هو آخر ما تملكون وما نملك إن كنا نرغب، جميعا، في الاستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى