الرئسيةسياسة

عصيد: هناك إقرار بالبنوة الثقافية لفرنسا من طرف المغاربة غير أنه مصاحب بنقد لسلوكها الاستغلالي وانتمائها للاستعمار الجديد

قال الباحث أحمد عصيد، إن النقاش الحالي والمتعلق بكيف نعيد التفكير في علاقتنا بفرنسا، يأتي في سياق يعرف توثرات إقليمية، ونوع من التصعيد على مستوى شمال إفريقيا، بين المغرب والجزائر وتونس، و يعرف أيضا توثرا بين فرنسا ودول جنوب الصحراء وخاصة مالي والنيجر، ويعرف توثرا في علاقة المغرب مع فرنسا.

جاء ذلك، في إطار الندوة التي نظمتها “مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد” مساء الجمعة 30 شتنبر حول موضوع العلاقات المغربية الفرنسية، حيث أكد، أن ما يلاحظ اليوم هو نوع من تصاعد خطاب إفريقي يطالب بإعادة تأسيس أو إعادة النظر في علاقة فرنسا بإفريقيا، وأتذكر هنا، يضيف عصيد لقاء جد مهم جرى بين الشباب الإفريقي، وبحضور الرئيس الفرنسي، وكانت كلماتهم خلال هذا اللقاء في غاية القوة والعمق والدقة، والتوثر أيضا واستمع لها ما كرون بإمعان، وأعتقد أن أصوات الشباب الذي عبروا حينها عن مواقفهم، كانوا يعبرون عن تصور إفريقيا لمستقبلها باعتبار أن لديها طاقات هائلة، لكنها مكبوحة في ظل منظومة علاقات لم تعد مرضية بالنسبة للأفارقة.

في السياق ذاته، أشار عصيد أن الاتفاقية الثلاثية التي وقعها المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لها دور كبير في توثر العلاقة بين المغرب وفرنسا، خاصة بعد أن تلاها نوع من التفاهم بين المغرب وإسبانيا بالشكل الذي تبعتموه، والذي جعل فرنسا تشعر بأنها لم تعد في طليعة المشهد في علاقة المغرب بالخارج، إذ رتب المغرب علاقته مع هولاندا ورتب علاقته مع ألمانيا، ورغم التصعيد مع الجارة الشرقية الجزائر، فإن فرسنا شعرت بأنها بالنسبة لتاريخ علاقتها بالمغرب، وتاريخ التبادلات مع المغرب،توجد هزة كبيرة طرأت.

المتحدث ذاته، اشار أن مسلسل التوثر الفرنسي المغربي فيه، أن المغرب رفض استقبال المغاربة المطرودين من فرنسا وهم في وضعية غير نظامية، قرار فرنسا حرمان 50 في المائة والتي أصبخت حاليا 70 في المائة من تأشيرة الدخول لأراضيها، الاتفاقية الثلاثية التي أزعحت فرنسا، تقارب الرباط ومدريد، والذي جعل المبادلات مع فرنسا تتراجع مقارنة مع إسبانيا، تسوية الخلاف مع ألمانيا وهولاندا، ثم زيارة ماكرون الأخيرة للجزائر، وأيضا منافسات الشركات المغربية للشركات الفرنسية في إفريقيا، بحيث تقول بعض الأرقام أنه في ثمانية دول إفريقية، ثلاثة بنوك مغربية تستحود على 21 في المائة من سوقها، وفي مالي وخدها البنوك الثلاثة تستحود على ما بين 45 و50 في المائة.

وأضاف عصيد خلال المداخلة ذاتها، أن كل ذلك سيزعج الرأسمال الفرنسي والشركات الفرنسية، خاصة مع تزايد الوعي بالاستغلال الذي تمارسه الشركات الفرنسية، فضلا عن ما نشر مؤخرا من معطيات سلبية في وسائل الإعلام حول المغرب، ومن أخطرها الترويج أن الفوسفاط المغربي توجد به مواد سامة.

عصيد اعتبر أنه في ظل هذا الوضع للنخب الحكيمة دورا يمكن أن تلعبه للحد من هذا التوثر، ومنها التفكير في بدائل للتصعيد، والحاجة أن تعيد فرنسا النظر في علاقتها بمستعمراتها القديمة، والتحاوب مع تصفية ماض فيه السلبيات وفيه أيضا الإيجابيات، ثم يجب الانتباه أنه يوجد اليوم نقدا للنموذج الفرنسي سواء الاقتصادي، أو السياسي أو الثقافي.

وتابع عصيد أن المغرب تبنى النموذج الفرسي الجاكوبان في فترة الاستقلال، وكان هذا النموذج بالنسبة للمغرب مهما، بحيث أن المغرب كان بلد “السيبة” وصراع بين بعض القبائل والمخزن المركزي، وتأتي الدولة بمؤسساتها الحديثة من 1912 ختى 1956، وبالنموذج الفرنسي، بالطبع يضيف عصيد، تقوية الدولة المركزية الوطنية ذات النتاج التقليدي كان مهما في وقته، لكن مع مرور العقود بدأ يظهر بأن هذا النموذج لا يطابق حقيقة المغرب لا في التاريخ ولا في الواقع، إذ دستور فرنسا يقول الفرنسية هي لغة فرنسا، في حين دستور المغرب هو بلد التعددية ليس في اللغات فقط بل وفي الديانات وفي الثقافات وفي عناصر الحضارة المختلفة، ما أدى لتأزم النموذج الفرنسي للدولة في أدهان النخب المغربية، وبدأ النقد يوجه لنموذج في التعليم، والنموذج الاقتصادي، وفي المقاولة، ولعل النخبة الفرنسية يشير عصيد، شعرت بذلك، لأن خطاب ما كرون أمام سفراء فرنسا عبر العالم، والذي فسر أنه رد على النقد الذي بات يوجه للنموذج الفرنسي، غير أنه يوجد ما يمكن اعتباره أبوة ثقافية فرنسية والتي يشعر بها المغاربة سواء معربين أو فرنكوفيين، لأننا بنوة فلسفة الأنوار، تعلمنا من ديكارت الشيء الكثير، مونتسكيو، ديدرو..والذين تركوا فينا بصمات قوية في أذهاننا وشخصياتنا ونظرتنا للعالم.

في السياق ذاته، أكد عصيد أن الفلسفة الفرنسية كانه لها تأثير كبير على تعليمنا في الجامعات والمدارس، وكان لها تأثير على ظهور نخبة مغربية ختى في المجال الأدبي، والتي أبدعت الكثير في الثقافة المغربية رغم كتابتها باللغة الفرنسية، إذا هناك نوع من الإقرار بالبنوة الثقافية مع فرنسا، لكنه مصاحب بالنقد لسلوكها الاستغلالي ولما يعتبر استعمارا جديدا يمارس من طرفها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى