الرئسيةسياسةمجتمع

رحاب: “نعتبر الملكية المغربية ليس فقط حليفا موضوعيا في معركة إقرار المساواة الشاملة، بل نعتبرها قائدة لهذا المشروع”

قالت القيادية بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حنان رحاب، إن منظمة النساء الاتحاديات “تعتبر الملكية المغربية ليس فقط حليفا موضوعيا في معركة إقرار المساواة الشاملة، بل تعتبرها قائدة لهذا المشروع”.

وأكدت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، على ضرورة “تصحيح بعض التنميطات الاستشراقية، التي تتوهم أن هناك مركزية غربية للتقدم والتحديث”، داعية إلى “تأمل هذه المفارقة، ففي الوقت الذي كان الاستعمار الفرنسي، مثلا، يتحالف مع بنيات مغرقة في التقليد من قواد وفقهاء متشددين، كان الملك محمد الخامس يتحالف مع الحركة الوطنية ذات الأفق التحديثي، ويدعو إلى تدريس النساء ومنحهن حقوقهن المدنية والسياسية والثقافية”. ولذلك توضح حنان رحاب، “إننا نعتبر الملكية المغربية ليس فقط حليفا موضوعيا في معركة إقرار المساواة الشاملة، بل نعتبرها قائدة لهذا المشروع”.

وأشارت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، في مداخلة، حول موضوع “المساواة الشاملة وتحدي التنمية المستديمة”، خلال اشغال المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين، المنعقد بمراكش، والمنظم من قبل الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، إلى أن “منظمة النساء الاتحاديات، وهي منظمة نسائية تجمع نساء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تخوض، منذ مؤتمرها الأخير، في أكتوبر 2022، معركة الترافع والتعبئة من أجل تعديل مدونة الأسرة المغربية في أفق المناصفة والمساواة، وهذه السيرورة الترافعية والنضالية جعلت المنظمة في طليعة النضال النسائي من أجل الحقوق والحريات والإنصاف”، داعية إلى الاطلاع على هذه التجربة، التي وصفتها بـ”الرائدة في هذه المرحلة المفصلية وطنيا وإقليميا وعالميا”.

وكانت رحاب توجهت، في بداية مداخلتها بالشكر للفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، والشبيبة الاتحادية، ومنظمة مينا لاتينا على دعوتها، مع متمنياتها بنجاح أشغال هذا الملتقى، وأن يشكل إضافة نوعية إلى العمل البرلماني لعموم الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين في العالم، مرحبة باسم منظمة النساء الاتحاديات بكل ضيوف هذا الملتقى على أرض المغرب، أرض لقاء الثقافات والحضارات والشعوب.

وقالت رحاب “إننا كجزء من الأممية الاشتراكية، ومن تيار الاشتراكيات الديموقراطيات، لا نجد أي حرج في الانطلاق من قرارات الأمم المتحدة الساعية إلى تكريس المساواة والإنصاف، ولذلك فقد اعتمدنا في مرجعياتنا وثيقة: أهداف التنمية المستدامة، والمعروفة بـ+تغيير عالمنا+ والصادرة عن الأمم المتحدة في 25 شتنبر 2015، والتي تم إدراجها في خطة التنمية المستدامة 2030 في فاتح يناير 2016، وهي الخطة التي جعلت المساواة هدفا خامسا ضمن رزنامة 17 هدفا”.

وعليه، تضيف الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات “لا نعتبر المساواة بين الجنسين حقا من حقوق الإنسان فقط، يجب النضال من أجل تحقيقه، بل نعتبر المساواة القاعدة الأساس لعالم متقدم يوفر الرفاهية والعيش الكريم لكل مكوناته، فلا تقدم بدون مساواة، حتى ولو تحقق ازدهار اقتصادي، فسيكون خادعا، مادام أن جزء كبيرا من المجتمع ممثلا في النساء سيكون محروما من عائداته”.

وأضافت “إذا عدنا إلى تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإننا نجد أن الدول التي تصنف في أعلى الهرم، هي تلك التي حققت وراكمت حصيلة متقدمة على مستوى المساواة بين الجنسين، وتحديدا الدول الاسكندنافية”.

وقالت “طبعا، لا يمكن أن ننكر أن أوضاع النساء في العالم قد تطورت، نسبيا، على مستوى التعليم والشغل والصحة وخصوصا الصحة الإنجابية”، قبل أن تستدرطك “لكن هذه المكتسبات تعرف تفاوتات رهيبة بين دول الشمال ودول الجنوب، إذ في الوقت الذي تخوض فيه النساء في أوروبا وأمريكا الشمالية معارك من أجل تحسين تمثيليتهن السياسية أو من أجل تجويد النصوص المتعلقة بقوانين الشغل أو مناهضة التنميطات المتعلقة بصورة المرأة في وسائل الإعلام والإشهار، فإن نساء عديدات في دول إفريقية وآسيوية لازلن يعشن أوضاعا مأسوية، من قبيل الزواج المبكر، وعدم تثمين مجموعة من الأشغال الشاقة من قبيل الاحتطاب والزراعة في ظروف خطيرة، هذا فضلا على أن الصراعات المسلحة والحروب الأهلية تكون لها انعكاسات سلبية أكبر على النساء والأطفال، وتؤدي حتى إلى تراجع النزر القليل من المكتسبات المرتبطة بالدراسة والصحة”.

وقالت رحاب إن “الفقر وغياب العدالة الاجتماعية يوفر بيئة خطيرة لإنتاج أوضاع غير مقبولة في القرن الواحد والعشرين من قبيل الاتجار في البشر، والعمالة الجنسية المنظمة من قبل مافيات الجريمة العابرة للقارات، وأشكال العبودية الجديدة، ولقد أبرزت جائحة كوفيد أن النساء يبقين في مقدمة ضحايا كل أشكال الكوارث، سواء الطبيعية أو الوبائية، أو تلك الناتجة عن النزاعات المسلحة، والتهجير القسري، وحتى تدمير البيئة”.

واستدركت رحاب قائلة “غير أن هذه الصورة الكارثية لا يجب أن تكون فرصة لأنواع من التضامن المتجاوز، الذي لا يعدو بيانات الشجب والاستنكار، أو تقديم معونات عابرة، أو التعبير عن الأسف، بل يجب أن يتم تطوير أشكال التضامن الأممي، لتكون أكثر فاعلية، ولنتذكر أن جدار الفصل العنصري في بريتوريا، ما كان ممكنا سقوطه بغير التضامن الأممي”.

ولذلك، تؤكد حنان رحاب أن “بلدان وحكومات الشمال مسؤولة بشكل أو بآخر عن استدامة الفقر والتسلط والتخلف في دول الجنوب، ليس فقط بسبب إرثها الاستعماري الكولونيالي، بل كذلك لأن العديد منها فضلت دعم حكومات غير ديموقراطية ودموية حفاظا على مصالحها الاقتصادية، بل إن بعضها ساهم في حصار وعرقلة عمل دول تسعى للتحرر من الهيمنة، وبناء نماذجها الخاصة في التنمية، وسعيها إلى عالم متعدد ومتضامن”.

وقالت رحاب إن “النخب والمناضلات والمناضلين وعموم الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين عليهم مسؤولية دعم النضالات النسائية من أجل التحرر والمساواة والإنصاف، وعليهم الانتباه إلى سلسلة التقاطعات التي يجب استحضارها أثناء دعم الديناميات النسائية”، موضحة أن “اضطهاد النساء في بعض الجغرافيات يتقاطع مع أشكال أخرى من الاضطهاد بسبب اللون أو الطبقة الاجتماعية أو الاختيارات الجنسية أو الانتماء الديني أو الإثني أو العرقي”.

وتابعت أنه “لا يجب أن يفهم أن هذه التقاطعات هي محصورة في جغرافيات إفريقية أو آسيوية أو شرق أوسطية فقط، بل إن هذا التقاطعات موجودة حتى في الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية، وخصوصا في أوساط المهاجرين والمغتربين والأقليات”.

وباعتبارها تمثل منظمة النساء الاتحاديات، التي هي جزء من نسيج المنظمات النسائية المغربية، التي “تعمل منذ استقلال المغرب على تطوير مكانة النساء في كل المجالات”، قالت حنان رحاب “لا يسعني من موقع المسؤولية إلا تسجيل التقدم المطرد على مستوى الحقوق والحريات التي لها علاقة بجدلية المساواة والتنمية”، موضحة “وهنا يجب الإشارة إلى الدعم الذي وجدته المناضلات والمناضلون من أجل المساواة من طرف أعلى سلطة في البلاد، ممثلة في جلالة الملك، الذي وظف اختصاصاته الدستورية، ورمزيته الروحية، لدعم الديناميات النسائية الحداثية والديموقراطية”، وقالت “لا نبالغ إذا قلنا إنه يقود ثورة هادئة في محيطنا الإقليمي سواء الشرق أوسطي أو الشمال إفريقي من أجل دفع الديناميات المجتمعية نحو الانعتاق من إرث تاريخي كان ينطلق من تراتبيات تؤبد هيمنة ذكورية على الأنساق المجتمعية”، وهنا، تضيف رحاب “يجب التذكير أن الاستعمار، للأسف، رغم كل ادعاءاته بأنه كان يحمل رسالة التحديث، فإنه على العكس من ذلك، كان يدعم كل أنساق التقليد والمحافظة لأنها كانت تخدم مصالحه، ويمكن العودة إلى أعداد النساء اللواتي استفدن من تعليم عصري أثناء فترة الاستعمار، وأعدادهن في السنوات الأولى للاستقلال، ليتبين أن بناء مجتمع الحداثة والتقدم لم ينطلق إلا مع انتهاء البنيات الاستعمارية”.

ومناسبة هذا التذكير، تشير حنان رحاب، هو “تصحيح بعض التنميطات الاستشراقية التي تتوهم أن هناك مركزية غربية للتقدم والتحديث”، وهنا دعت إلى “تأمل هذه المفارقة، إذ في الوقت الذي كان الاستعمار الفرنسي مثلا يتحالف مع بنيات مغرقة في التقليد من قواد وفقهاء متشددين، كان الملك محمد الخامس يتحالف مع الحركة الوطنية ذات الأفق التحديثي ويدعو إلى تدريس النساء ومنحهن حقوقهن المدنية والسياسية والثقافية”. ولذلك تقول رحاب “نعتبر الملكية المغربية ليس فقط حليفا موضوعيا في معركة إقرار المساواة الشاملة، بل نعتبرها قائدة لهذا المشروع”.

وفي ختام مداخلتها، أعادت حنان رحاب التذكير بالخلاصات التالية، أنه “لا توجد تنمية دون مساواة شاملة”، وأن “كل ازدهار اقتصادي دون ذلك، هو شكل من أشكال التنمية المزيفة التي لا تضمن الاستدامة”. وأن “اشكال اضطهاد النساء التي تعوق المساواة متعددة، ومنطبعة بخصوصيات محلية، ولذك فإن تضامن نساء العالم وكل الديموقراطيات والديموقراطيين هو ضروري، ولكن دون وصاية أو ارتكان إلى توهم تفوق”. وأن “الطريق نحو التحرر والمساواة والتنمية المستدامة له مداخل متعددة، وإن الخصوصيات المحلية يمكن أن تكون رافدا مهما في مسيرة المساواة إذا تم استثمارها بتأويل حداثي، وكانت وراءها إرادة سياسية داعمة”.

وبعد توجيه الشكر للجميع قالت “معا وسويا من أجل عالم خال من كل أشكال الاضطهاد والحروب وتسليع القيم وتدمير الأرض والبيئة، عالم المساواة والتحرر والعدالة الاجتماعية والرفاهية والتضامن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى