لايحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها لأنها قوة احتلال..فرانشيسكا ألبانيز امرأة عنيدة تقفز وسط حقول الألغام
تعد فرانشيسكا ألبانيز خبيرة مستقلة معينة من مجلس حقوق الإنسان في منصب شرفي غير تنفيذي لكنه مؤثر في توجيه الأمم المتحدة إلى الأماكن التي تنتهك فيها حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة.
منذ تعيينها في منصبها الحالي وهي تتلقى موجات من الهجمات الإسرائيلية بسبب تصريحاتها الداعمة للقضية الفلسطينية، وتوثيقها للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني.
حصلت فرانشيسكا ألبانيز، المولودة عام 1977، على شهادة في القانون مع مرتبة الشرف من جامعة “بيزا”، وماجستير في حقوق الإنسان من مدرسة “الدراسات الشرقية والإفريقية” في لندن، وهي تكمل الدكتوراه في القانون الدولي للاجئين في كلية الحقوق في “جامعة أمستردام”.
تعد باحثة منتسبة في معهد دراسة الهجرة الدولية بجامعة “جورجتاون”، ومستشارة أولى بشأن الهجرة والتهجير القسري في مؤسسة “النهضة العربية للديمقراطية والتنمية” غير الربحية، وشاركت في تأسيس الشبكة العالمية حول قضية فلسطين في “النهضة العربية”. وزميلة أبحاث في المعهد الدولي للدراسات الاجتماعية بجامعة “إيراسموس روتردام”.
عملت لمدة عشر سنوات كخبيرة في حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، بما في ذلك مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
أصدرت ألبانيز العديد من المنشورات عن الوضع القانوني في فلسطين المحتلة. وهي تلقي المحاضرات بشكل منتظم بشأن القانون الدولي والتشريد القسري في جامعات أوروبا والمنطقة العربية.
ويعرض كتابها الأخير الذي حمل عنوان “اللاجئون الفلسطينيون في القانون الدولي”، الصادر عن مطبعة جامعة أكسفورد، تحليلا قانونيا شاملا عن حالة اللاجئين الفلسطينيين، منذ اليوم الأول للاحتلال حتى ما يشهده عصرنا الحديث.
في عام 2022 انتخبت لمنصب المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وهي ثاني إيطالي بعد جورجيو جياكوميلي، وأول امرأة تشغل هذا المنصب.
أوصت ألبانيز في أول تقرير لها بأن تضع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة “خطة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني الاستعماري ونظام الفصل العنصري” حسب التقرير.
وخلص التقرير إلى أن “الانتهاكات الموصوفة في هذا التقرير تكشف طبيعة الاحتلال الإسرائيلي، أي طبيعة نظام الاستحواذ والعزل القمعي المتعمد الذي يهدف إلى منع تحقيق حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”.
والمقرر الخاص هو خبير مستقل يعينه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة كي يرصد حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويقدم التقارير بشأنها، وذلك عبر التعاون مع الحكومات والمجتمع المدني وغيرهما من الجهات الأخرى المعنية.
ولم يمر تعيينها في هذا المنصب الأممي مرور الكرام، فقد أثار جدلا بسبب تصريحاتها السابقة بشأن
“الهولوكوست و”اللوبي اليهودي” والتي أثارها البعض واتهموها بأنها “معادية للسامية”.
وفي فبراير الماضي دعت مجموعة مؤلفة من 18 عضوا في الكونغرس الأمريكي من الحزبين إلى عزل ألبانيز من منصبها بدعوى أنها أظهرت “تحيزا ثابتا ضد إسرائيل”.
لكن فرانشيسكا رفضت هذه الاتهامات جملة وتفصيلا وقالت إنها ليست معادية للسامية وأن انتقادها “مرتبط باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية”.
مما دفع 65 باحثا من المختصين في معاداة السامية والمحرقة والدراسات اليهودية إلى القول “من الواضح أن الحملة ضد ألبانيز لا تتعلق بمكافحة معاداة السامية.
ويتعلق الأمر بشكل أساسي بالجهود المبذولة لإسكاتها وتقويض تفويضها كمسؤول كبير في الأمم المتحدة يقدم تقارير عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الدولي”. حسب المختصين.
وبداية هذا العام أشاد بيان صادر عن 116 منظمة حقوقية ومجتمع مدني ومؤسسات وجماعات أكاديمية “بجهود ألبانيز الدؤوبة من أجل حماية حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة وزيادة الوعي بالانتهاكات اليومية المقلقة لحقوق الفلسطينيين”.
ولم يقف الأمر عند هذه الاتهامات فقد تعرضت لحملة إعلامية وتلفيق و”دعم الإرهاب” و”تلقي رشاوٍ وأموال مشبوهة من جماعات ضغط فلسطينية في أستراليا مقابل ترديد روايات تنتقد إسرائيل وتؤكد على حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم”. وفقا لمطلقي هذه المزاعم.
كل ذلك ثبت عدم صحته ولم يدم طويلا وكان أشبه بسحابة صيف فموقف ألبانيز كان انتصارا للقانون الدولي ولواجبها المنوط بها وأحد واجباتها القانونية، والتزاما باحترام معايير حقوق الإنسان التي من المفترض أن تدعمها وتتكامل معها كافة المنظمات الحقوقية الحكومية وغير الحكومية.
وكان كل تصريح عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي أدلت به مصحوبا بعشرات الأدلة وفي نطاق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وغيرهما من المعاهدات والقرارات الأممية.
ولم تثر الحملة الممنهجة ضدها خوف أو تراجع ألبانيز فقد شددت في تقريرها إلى الجمعية العامة في الأمم المتحدة على أن الاحتلال الذي تمارسه “إسرائيل أداة للاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفي وتنفيذ إعدامات بإجراءات موجزة ضد الشعب الفلسطيني”.
وقالت “إن إسرائيل ليس لها حق الدفاع عن النفس في قطاع غزة بسبب وضعها كقوة احتلال”.
وكات هاجمت المنظمة الإسرائيلية “المنتدى القانوني الدولي”، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز، مطالبة بإنهاء عملها.
ووجهت المنظمة الإسرائيلية التي تضم نشطاء ومحامين يهودا، وتسعى إلى تشكيل مجموعة ضغط على الدول الأوروبية والأمم المتحدة داعمة لدولة الاحتلال، ومحرضة على القضية الفلسطينية، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، تطالب فيها بطرد ألبانيز من منصبها.
ويأتي هذا التحريض المباشر على ألبانيز، عقب تصريحها الأخير الذي صدر عنها في الثامن من الشهر الجاري عبر “تويتر”، حيث قالت: “إن الخسائر في الأرواح في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل مدمرة، لا سيما في وقت ينبغي أن يكون فيه السلام للجميع، المسيحيين واليهود والمسلمين. لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها لا تستطيع المطالبة بذلك عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين تضطهدهم وتستعمر أراضيهم”.
وتدعي المنظمة الإسرائيلية المتطرفة، أن ألبانيز متحيزة لصالح القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة، مطالبة بحسب رسالتها “بضمان التزام الأمم المتحدة بقواعدها ومعاييرها من خلال طرد ألبانيز وإلغاء منصبها بالكامل”.
وعين مجلس حقوق الإنسان في ختام أعمال دورته الـ49 المنعقدة في جنيف في مارس 2022، فرانسيشكا ألبانيز مقررة خاصة لحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة في العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، خلفا للمقرر الخاص، البروفسور مايكل لينك، وتولت مهامها في 1 مايو 2022.
وكانت ألبانيز قالت في بيان صدر عنها في 30 مارس الماضي، إنه يتعين على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حازمة ومبدئيّة لحماية حقوق الإنسان وكرامة الفلسطينيين في “هذه الأوقات التي تشهد فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة تزايداً للعنف، مع تهديد الحكومة الإسرائيلية الجديدة بمزيد من ضم الأراضي”.
ورأت الخبيرة الدولية أن عدم محاسبة إسرائيل والافتقار إلى تدخل جاد، حيث تكتفي الدول في الغالب بإدانة رمزية وتقديم مساعدات إنسانية مؤقتة دون محاسبة فعلية، أدت إلى “تعزيز إسرائيل لاحتلالها واستحواذها القمعي”.
ومنذ تعيين فرانشيسكا ألبانيز، وهي تتلقى موجات من الهجمات الإسرائيلية عليها، وذلك بسبب تصريحاتها الدائمة الداعمة للقضية الفلسطينية، وتوثيقها للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني.
وقد رفضت إسرائيل التعيين الأولي لألبانيز، بعد أن زعمت سفيرة إسرائيل آنذاك في الأمم المتحدة ميراف إيلون شاهار، أنها “قارنت الهولوكوست بالنكبة”.
المصدر: وكالات+ عربي 21+وكالة القدس للأنباء