رحلة الجاز بطنجة.. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة
طنجة: صوفيا العوني (ومع)
اختيرت مدينة طنجة، المدينة الواقعة بين البحر والبر، مدينة مستضيفة عالمية لليوم الدولي لموسيقى الجاز 2024، الذي سيحتفل به يوم 30 أبريل القادم في أكثر من 190 دولة على أساس أن تكون مدينة البوغاز الرائدة في هذه الاحتفالات ورمزا حيا لتلاقح الثقافات.
وتم التخطيط لهذه الاحتفائية في مدينة شهدت أساطير موسيقى الجاز الباحثين عن الإلهام والتجديد عبر تاريخها، مثل عازف البيانو الجاز الموهوب أوسكار دينارد (1928 – 1960) أو عازف آلة الترومبيت الأمريكي الموهوب إدريس سليمان.
وفي يوليوز من سنة 1959، اختار أوسكار دينار المدينة البيضاء لتسجيل النسخة الأولى من ألبوم “رجال الجاز الأمريكيون الأربعة في طنجة”، في استوديو المنتج جاك مويال الذي كان يعمل آنذاك بإذاعة طنجة الدولية.
وأوضح مؤسس مهرجان طنجاز فيليب لورين ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن موسيقى الجاز أصبحت معروفة في مدينة طنجة في خمسينيات القرن الماضي بفضل جاك مويال الذي كان يشتغل بإذاعة طنجة الدولية وصمم برامج مخصصة لموسيقى الجاز، بالتعاون مع أحد مشاهير طنجة لطفي أقلعي.
وفي معرض الحديث عن المراحل المختلفة لموسيقى الجاز في طنجة، أوضح السيد لورين أن هذه الموسيقى، التي نشأت في جنوب الولايات المتحدة، شهدت أربع فترات متميزة في مدينة البوغاز . بادئ ذي بدء، مع وصول تسجيلات من نوع 78 دورة في الدقيقة من الولايات المتحدة الأمريكية عندما حلت طنجة محل تطوان كعاصمة دبلوماسية للمغرب. ثم، أثناء إنشاء المنطقة الدولية الحرة ، معفاة من الضرائب والرسوم، مواكبة للتنمية العالمية .
وأضاف أن “هذه الطفرة الثقافية جذبت الملحن وعازف البيانو الأمريكي راندي ويستون الذي بنى منزله في طنجة، وأسس نادي الإيقاع الأفريقي، فوق مبنى سينما موريتانيا”.
وأوضح “هكذا بدأ ويستون الدمج بين موسيقى الجاز والموسيقى المحلية، خاصة موسيقى كناوة برئاسة المعلم عبد الله الغورد”.
وقال المعلم عبد الله الغورد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء: “كان راندي ويستون شريكا عظيما، حيث تمكنت من تذوق موسيقى الجاز معه”.
وتابع المعلم عبد الله، في شهادته عن هذه الفترة، إنه اكتشف موسيقى الجاز بالصدفة ،وقال مازحا: “لم أكن أعرف شيئا عن الموسيقى الغربية”.
وأوضح: “بدوره، عرفني راندي على موسيقى الجاز، وأخذت الإيقاع وأضفت موسيقى آلة الجمبري والقراقيب والطبل، ومن هنا خلق التعايش والتمازج بين موسيقى كناوة والجاز”.
أما عن خصوصية كناوة طنجة، فقد أوضح المعلم عبد الله أن الاختلاف يكمن في تصنيف المرجع وعدد الطرح.
وقال: “التكناويت في الشمال لديها ذخيرة مرساوية بينما البقية غرباوية”.
من جانبه، أشار الموسيقي محسن هيشي ،في تصريح مماثل ، إلى أن الموسيقى الكناوية هي موسيقى جادة للغاية، ولها عدة أنواع من الموسيقى: بما في ذلك البامبارا، التي تحكي تاريخ العبيد، وبالتالي تغني نوعا من الحنين الكئيب، وأخرى أكثر روحانية، تلعب خلال الاحتفالات.
وبحسب هذا الموسيقي الذي قدم عروضا في مهرجانات و حفلات موسيقية مختلفة ، مثل مهرجان كناوة والموسيقى العالمية، فإن الدمج بين الجاز وكناوة هو سلس وطبيعي، لأن هذين الأسلوبين يشتركان في أصل أفريقي مشترك.
ويجمع اليوم الدولي لموسيقى الجاز، الذي أنشأه المؤتمر العام لليونسكو في عام 2011 واعترفت به الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالبلدان والمجتمعات من جميع أنحاء العالم في 30 أبريل من كل عام. ويسلط الضوء على قوة موسيقى الجاز ودورها في تعزيز السلام والحوار بين الثقافات والتنوع واحترام الكرامة الإنسانية.
ويصل اليوم الدولي لموسيقى الجاز إلى أكثر من ملياري شخص في جميع القارات كل عام، من خلال البرامج التعليمية والعروض وأنشطة التوعية المجتمعية والإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام عبر الإنترنت والصحافة المكتوبة والشبكات الاجتماعية.