الرئسيةثقافة وفنوندابا tv

السينما و فيلم أعجبني….”شقراء”، سيرة مارلين مارلو التي طاردت الطمأنينة كخيط دخان في عالم الأضواء+ فيديو وصور

هذه المادة يتم إنجازها بشكل مشترك بين ّدابا بريس” ومجموعة عشاق الفن السابع التي يديرها الكاتب عبد العزيز كوكاس.

حلقة اليوم: “شقراء” سيرة مارلين مارلو التي طاردت الطمأنينة كخيط دخان في عالم الأضواء

 

تقول مارلين مونرو في منتصف فيلم “الشقراء Blonde “الصادر حديثا: “في الأفلام، يقطعونك إلى أجزاء صغيرة بحيث تبدو مثل أحجية الصور المقطوعة، لكنك لست من يعيد ترتيبها”، هكذا تبدو حياة نورما جين مورتنسون مثل شظايا آسرة ومرعبة. شخصية تم تقطيعها إلى أجزاء، والآخرون هم من يقومون بتجميعها محطمين الشخصية الأصلية تبعا لحاجياتهم وأنانياتهم ومصالحهم.. إنه فيلم عن خلق الهوية وتجزئتها إلى أطراف صغيرة.

الكوكاس
بقلم الاعلامي والكاتب عبدالعزيز كوكاس

يستند فيلم “الشقراء” إلى رواية جويس كارول أوتس، لا يزعم الفيلم أنه واقعي، بقدر ما هو رحلة منمنمة عبر حياة هذه الشخصية بحيث يصعب التوصل إلى أي مخطط زمني للسيرة الذاتية منها، لذلك سيصاب أولئك الذين يبحثون عن سيرة مارلين مونرو بخيبة أمل وبالكثير من الاستفزاز، تبدو مونرو ضائعة بين طفولة الحرمان وبين المصابيح الكاشفة والأضواء والكابلات المحيطة بها والثراء الكبير، والتي تفتح الفيلم على الأعمال الوحشية التي لا تنتهي على جسدها وروحها، في هوليوود القديمة حيث تواجه النجمة التي عشقها الملايين أهوالا لا توصف.

 


نسافر مع نورما جين عندما كانت فتاة صغيرة تخبرها أمها العازبة غلاديس الهشة عاطفيا والمدمنة على الكحول (التي أدت دورها الرائعة جوليان نيكولسون بشكل مذهل لا يُنسى أبدا) أن والدها الحقيقي كان رجلا مهما وله اسم وسمعة. حيث أهدتها صورة أنيقة له بمناسبة عيد ميلادها، صورة شخصية محطمة تعتلي قبعة وشارب خفيف، معلقة فوق سريرها. مسلّحة بحلم أن والدها شخصية كبيرة تعيش في تلال هوليوود، ستقضي نورما جين ما تبقى من أيامها في البحث عن هذا الرجل، سواء في العالم الحقيقي أو من خلال علاقاتها مع الرجال الذين تنادي الكثير منهم “أبي.” في لحظة انهيار عصبي ستحاول الأم قتل الطفلة الصغيرة التي ستجد نفسها في دار الأيتام.

وكان دخولها غمار هوليود من خلال اغتصاب مخرج لها بعنف، وعبر مسارها عانت من الإجهاض وموت الأجنة في بطنها، أصبحت أغنية Bye Baby” في فيلم “الرجال الأنيقون يفضلون الشقراوات” Gentlemen Prefer Blondes إشارة إلى الإجهاض الذي قامت به على مضض من أجل تصوير الفيلم ذاته.

وبرغم الشهرة وقصص العشق، عانت مارلين مونرو من القسوة والقلق النفسي والاغتصاب الوحشي الذي سيجعلها تنغمس في استهلاك الخمور والعقاقير ومحاولات الانتحار المتكررة.

فالعلاقات الرومانسية الثلاث التي ركز عليها الفيلم، علاقة ثلاثية ممتدة وممتعة مع سليلي هوليوود الرائعين ابن شارلي شابلن (كزافييه صموئيل) وإدوارد ج. روبنسون (إيفان ويليامز)، اللذين كانا يشعران بالضغط القمعي المتمثل في وجود آباء مشهورين، وزواج عنيف مسيء لها جسديا بسبب غيرة مفرطة للاعب البيسبول الشهير جو ديماجيو (بوبي كانافال) ثم زواج عاطفي رائع من الروائي العالمي آرثر ميلر (أدريان برودي الذي كان أداؤه مدهشا بشكل رائع)، الذي يحاول العثور على ماجدة المعشوقة التي كان يحبها في طفولته ووجدها في مارلين، التي يسميها “ماجدة” بينما وجدت مارلين نسخة أخرى من “أبي” فيه.

كلها علاقات ترسم جهودها المستمرة للتعريف بنفسها وفرض ذاتها في عالم الشهرة. لكن بالنسبة لنورما جين، يدعي هؤلاء الرجال جميعا أنواعا مختلفة من السلطة عليها. العشيقان الأولان يستكشفان ذاتها جنسيا. ديماجيو يستغلها لتحقيق الشهرة. في الوقت الذي يأخذ ميلر كلماتها ويضعها في مسرحياته دون إخبارها.

ظلت نورما جين لا تشعر بأمان الأرض تحت قدميها. يتم تقديمها دوما عبر سيلان اللعاب المستمر للرجال، الذين تأكل لحمها عيونهم الهائلة الشاهقة وأفواههم المحتقنة بشكل سريالي. عندما قدمت لرئيس الاستوديو Mr. Z (على الأرجح هو داريل زانوك)، يعريها على الفور ويغتصبها، فقالت عنه: “يزعجني أن ألقي التحية عليه”.

لاحقا، سيتم نقلها إلى غرفة فندق الريس الأمريكي جون كينيدي. وسلموها إليه حسب كلماتها مثل “قطعة لحم” الذي يمارس عليها الجنس الفموي بينما يشاهد تغطية الصواريخ النووية على التلفزيون ويستمع إلى مستشاره الذي يوبخ الرئيس عبر الهاتف لمزاعم ارتكاب مخالفات جنسية.


ما يجذبنا في فيلم “شقراء” هو الممثلة المبدعة آنا دي أرماس التي لا تلعب دور مارلين مونرو. بل إن مارلين مونرو هي التي تسكن آنا دي أرماس مثل روح معذبة. آنا دي أرماس تفوز بعواطفنا. أداؤها ليس تماما ما قد يتوقعه المرء. في دور يتطلب حضورا جسديا قويا وأطنانا من لقطات العري وأنهارا من الدموع. وهي تحاكي بمهارة أسلوب مونرو الذي يتسم بشد الأنفاس. مما يعطي الفيلم كله جودة أدائية محيرة حقا..

لن تحس أبدا بالملل وأنت تسافر في فيلم “شقراء”، يعمل خيال دومينيك المرئي والصوتي لتحويل كل تسلسل إلى رحلة تعبيرية تمزج الواقع بالخيال، حيث صورت خيالات أحلام المصنع الهوليودي بشكل رائع تنزلق فيه مونرو نحو المتاهة. قام المخرج ببناء الفيلم بشكل كبير عبر إعادة بناء صور من مسيرة مارلين المهنية، تمتلئ بالتسلسلات الجميلة تليها الصور التي تسبب ألما حقيقيا للمشاهد، حيث يحدق بمارلين مونرو بحر لا نهاية له من المصورين والمتفرجين.

لكنها تحس بالوحدة القاسية والقلق والدوخة المستمرة بل الانهيار العصبي أحيانا وهي فوق الخشبة، يطاردها رعب أن يكون جنون والدتها وراثيا. تسعى نورما جين إلى الحب والقبول من خلال صورة مارلين، والتي تتيح للجمهور بعد ذلك الوصول إلى أكثر زوايا حياتها حميمية. تصل الكاميرا إلى عنق رحمها لإظهار الإجهاض وحوارها مع الجنين.

موعدنا في القادم من الحلقات مع: فيلم ثيلما ولويز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى