الرئسيةحول العالمميديا وإعلام

إعلام عبري..«وثيقة الإيضاحات»: هكذا ينسف نتنياهو المفاوضات قبل انطلاقها!

سأل مسؤول كبير في إحدى دول الوساطة إسرائيلياً مُطلعاً على تفاصيل المفاوضات: “قل، لعلك تعرف من كل المحادثات التي أجريتها مع طاقم المفاوضات في إسرائيل، هل لديهم أي فكرة عما سيحصل في القمة في الدوحة؟ كيف سيتم التغلب على العوائق التي يعدها نتنياهو للاتفاق؟ سمعت أنكم تسمون هذه عندكم عنزات. لعلك تعرف لماذا يسمونها عنزات؟ فهذه حيوانات لطيفة أليس كذلك؟ فلماذا يُلصق بها وصف سلبي؟”.

بقلم: رونين بيرغمان والمصدر”يديعوت” وترجمة الأيام الفلسطنية

“الحقيقة هي أني لا أعرف الجواب عن السؤالين”، أجاب الإسرائيلي. “لا اعرف لماذا يسمونها عنزات، ولا عما سيتحدثون وكيف ستعالج هذه العنزات”.

فأجاب الوسيط: “هذا ما تخوفت منه. أن نصل إلى هناك لأنه من المهم تحريك وإدارة المفاوضات، لكن سرعان ما سنعلق لأنه توجد هنا سلسلة من المشاكل التي لا يمكن البناء عليها. لعل لدى الأميركيين أرنباً ما في القبعة، إذ بدونه ستعلق المفاوضات لزمن طويل آخر.

الوثيقة التي تعرض الاتصالات للخطر

الرأي الذي يقول، إن الوثيقة، التي تتكون من صفحتين، وسلمتها إسرائيل للوسطاء، تجعل المفاوضات تعلق تماما، تتشارك فيه الدول الوسيطة الثلاث، وفي الغالب أعضاء طاقم المفاوضات وكبار المسؤولين المشاركين فيها من إسرائيل.

هؤلاء الأشخاص، رجال مخابرات، دبلوماسية ومفاوضات كبار من اربع دول، يعتقدون بأن الوثيقة تتضمن إضافات أو تعديلات على المقترح الذي اقترحته إسرائيل، بعضها عودة إلى الوراء لأمور سبق أن تنازلت عنها.

وقالت محافل مقربة من المفاوضات في حديثها مع نتنياهو ومع صحافيين في الأسابيع الأخيرة، إن نتنياهو ادخل هذه الشروط الجديدة كي يعرقل المفاوضات؛ كي لا تنجح هذه إلى صفقة يخشاها كونه يفضل وحدة ائتلافه فوق حياة المخطوفين.

نفى نتنياهو هذه الادعاءات المرة تلو الأخرى. فبعد وقت قصير من نشر “نيويورك تايمز” الوثائق الداخلية في المفاوضات نشر مكتبه بالعبرية تصريحا سلم لـ”التايمز” بالانجليزية جاء فيه، إن “الادعاء بأن رئيس الوزراء نتنياهو أضاف مطالب جديدة لاتفاق الإطار في 27 ماي هو ادعاء كاذب.

فمسودة 27 يوليوز لا تتضمن شروطا جديدة ولا تتناقض مع اتفاق إطار 27 ماي، “حماس” هي التي طالبت بـ 29 تعديلاً، الأمر الذي رفضه رئيس الوزراء”.

هذا بيان غريب ليس فقط لأنه يتضمن ادعاءات “غير حقيقية” تثني عليه، وليس فقط لأنه يتجاهل بعض بنود الكتاب، بل أيضا لأنه يتناول ادعاءات لم تطرح في التقرير الصحافي أو في وسائل الإعلام.

“انظروا إليه كم يتعذب وهو يعرض هذه الأمور”، قال المصدر الكبير من إحدى الدول الوسيطة عن رئيس “الموساد”، دادي برنياع، حين بلغ قبل أسبوعين في قمة روما عن “إيضاحات” رئيس وزراء إسرائيل، وطلب رئيس الوزراء القطري من برنياع أن يضع ما قاله خطياً بأنه إذا لم تفعل إسرائيل ذلك فلا معنى للاستمرار.

ومن المشكوك فيه أن يكون للمخطوفين الأسابيع التي سيستغرقها وضع الوثيقة والمداولات التي ستتلوها. في إسرائيل، أخروا وضع الوثيقة وأملوا في أنه بضغط مشترك من الطاقم هنا، مع بايدن في واشنطن، سيتراجع نتنياهو عن الإضافات.

آمال عظام، بايدن وطاقمه أيضا أخذوا الانطباع بأن نتنياهو قبل بموقفهم، أما عمليا، ففي نهاية الأمر كانت نتائج الضغط صغيرة جدا حتى صفرية.

الكتاب لدول الوساطة، الذي يحمل عنوان “إيضاحات للمرحلة الأولى من تطبيق مسودة اتفاق 27/5″، فيه الكثير من الأمور، لكن الإيضاحات ليست هي البارزة فيه فقط.

القليلون الذين اطلعوا عليه فهموا على الفور أنه توجد في غالبيته العظمى أمور جديدة، إضافات وتعديلات وكل هذه على اتفاق الإطار الذي تقدمت به إسرائيل، أي الذي قالت إسرائيل، انه يمكن التوقيع عليه.

يمكن؟ ليس حقا إذ حتى قبل أن تحل بضع مشاكل صعبة متبقية، حتى بعد أن سحبت “حماس” معظم اعتراضاتها عليه، هبط “كتاب الإيضاحات”.

بين فيلادلفيا ونتساريم

هاكم نماذج عن “إيضاحات” ليست شروطا جديدة: في البند الأول، تعلن إسرائيل أنها ستنسحب من القطاع وفقا للخرائط المرفقة كملاحق.

طالبت “حماس” في الماضي بأن يُشار في المسودة صراحة إلى أن إسرائيل ستنسحب من محور فيلادلفيا. القطريون، استنادا إلى ما سمعوه من إسرائيل، قالوا، إنه لا حاجة لذكر اسم كل منطقة، يكفي أن يكون مكتوبا بأن إسرائيل ستنسحب من كل القطاع.

“لا تقلقوا، حين تتلقون الخرائط، في نهاية العملية، سترون أن إسرائيل انسحبت من محور فيلادلفيا”.

تظهر الخرائط هذا بالضبط، لكن العكس. في محيط نتنياهو يدعون بأن “إطار 27 ماي لم يتناول محور فيلادلفيا ومعبر رفح؛ لأن إسرائيل لم تكن هناك والموضوع لم يكن ذا صلة. هذا أيضا ليس حقا تماما، فعندما قدم اتفاق الإطار احتل معبر رفح منذ زمن بعيد إلى جانب معظم محور فيلادلفيا الذي اكتملت السيطرة عليه بعد يومين حسب الخطة.

سبق أن تنازلت إسرائيل عن تواجدها من كل محور نتساريم ووافقت على استبدال هذا بفيلادلفيا بترتيبات أمنية بضمانات أميركية وبموافقة مصرية بما في ذلك المجسات وباقي التكنولوجيات.

ليست إعادة الربط في الواقع، كما يخيل، هي التي أملت الحاجة للتراجع والمطالبة بتواجد في المحورين، بل إعلان الوزيرة ستروك انه بدون هذا التواجد سيفكك حزبها الائتلاف.

كانت مسألة نتساريم في مركز الخلاف لأشهر طويلة، حين طالبت “حماس” بعودة النازحين دون عراقيل وإزالة التواجد من جزء من المحور على الأقل.

في النهاية، قرر الجيش أن هذا ليس مهما جدا بحيث يعيق الصفقة، وان لديه ما يكفي من الحلول لمواجهة موضوع عودة النازحين إلى الشمال، فأزيلت كل المطالبات بالحواجز وبالتفتيشات.

في المقترح الإسرائيلي في 27 ماي، كتب فقط انه بعد أن تنسحب إسرائيل من جزء من المحور “تبدأ عودة النازحين إلى أماكن سكناهم (دون حمل سلاح في زمن العودة)”، جملة هي ليست حليباً ولا لحماً من نوع الصياغات التي تطرح في المفاوضات لإعطاء الطرفين إحساسا بأنهما كسبا شيئا ما، الوسطاء تنفسوا الصعداء. عائق جدي ازيل.

لكن في واقع الأمر لا، أعلن نتنياهو شفويا انه يطالب بإيجاد آلية رقابة وإشراف على العائدين، أي بالضبط الأمر الذي تنازل عنه من قبل. لاحقا، وافق نتنياهو على مطلب صريح “لإقامة آلية” تشرف على عودة النازحين شمالا.

ووافق نتنياهو على الاكتفاء بأن يكتب أن عودة النازحين بلا سلاح “تضمن وتطبق بشكل متفق عليه”. عمليا، لا معنى لذلك، لأن هذه الصيغة معناها عودة إلى الوراء إلى جدال لا حل له بين “حماس” وإسرائيل في الموضوع.

أول من أمس، بعد النشر في “التايمز”، لم ينجح مكتب نتنياهو في ضبط النفس وحتى هذا التنازل الصغير شطبه، وكتب أن وثيقة الإيضاحات هي عن “الحاجة إلى إقامة آلية فحص متفق عليها” وهنا “لا حقيقة” فقد اقترحت الولايات المتحدة مرتين هذا وفي واقع الأمر هذا كله “وفقا لما اقترح في اتفاق إطار 27 ماي”. لا، هي لم تقترح، وهذا ليس مكتوبا هناك على الإطلاق.

يمكن أن نواصل اكثر فأكثر في التجديدات وفي التراجعات التي يطالب بها كتاب “الإيضاحات”.

أشهر طويلة أخرت مسألة قوائم المحررين المفاوضات، مطلب طرحه نتنياهو و”حماس” رفضته.

في نهاية الأمر تراجعت إسرائيل عن هذا المطلب الذي كلف التأخير بسببه حياة غير قليل من المخطوفين.

لكنها تنازلت فقط كي تعود إليه في كتاب الإيضاحات – تدخل إسرائيل في الملحق الثاني قائمة كل من برأيها ينبغي أن يندرج في محرري المرحلة الأولى، المرحلة الإنسانية. “أين حيلة نتنياهو هنا؟”، يتساءل مصدر مطلع على التفاصيل، “انه لا جدال حول تعريف امرأة أو رجل فوق سن معين، لكن يوجد جدال حول من يعرف (مريضا)، (حماس) يمكنها أن تدعي بأن فلانا ليس مريضا برأيها أو ليس مريضا ما يكفي كي يدخل إلى القائمة، وإذا بك تعلق مرة أخرى لأسابيع واشهر من الجدالات”.

البند الأصعب هو البند الذي قيل فيه، انه “ستجرى ترتيبات إعادة فتح معبر رفح، لعبور المرضى والجرحى وعبور البضائع والتجارة”.

كلمة ترتيبات تتضمن مطلبا إسرائيليا بأن تتمكن من التأكد من ألا تدخل عبر المعبر وسائل قتالية وعتاد عسكري. لكن كل الجهات تفهم أن مصر و”حماس” لن توافقا على أن يكون في المعبر غير فلسطينيين.

ويقول المصدر الإسرائيلي، انه “توجد إمكانيتان، إما أن يكون هؤلاء من (حماس) أو أن يكونوا من السلطة الفلسطينية. وفي الحالتين نتنياهو غير مستعد لأن يوافق لأن ستروك وسموتريتش سيفككان الحكومة، وهذا عائق مطلق، غير قابل للعبور وهذا عالق تماما”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى