الغلوسي: لوبي زواج السلطة بالمال يكبل النيابة العامة في تحريك الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في جرائم المال العام
اعتبر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن لوبي الإثراء غير المشروع وزواج السلطة بالمال يكبل النيابة العامة في تحريك الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في جرائم المال العام (اي بالتحديد جرائم تبديد واختلاس المال العام طبقا للفصل 241 من القانون الجنائي ).
وأضاف الغلوسي في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك، أن لوبي الفساد والتغول على المجتمع والدولة يقول لرئيس النيابة العامة من خلال المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية، إياك أن تقترب من جرائم المال العام، فنحن، يضيف الغلوسي، كلفنا جهات أخرى لتحيل عليك مايجب أن تقوم به من خلال التقارير التي ستنجزها، وإذا لم تنجز تلك التقارير، أو أنجزتها ولم تحلها عليك، فذاك ليس شأنك واستقلالية النيابة العامة مجرد شعار، إياك أيها الرئيس ان تصدق مايقال.
وتابع في التدوينة ذاتها، أن لوبي الفساد، يقول لرئيس النيابة العامة، إنا أعفيناك من هذه المهمة الشاقة، ويمكنك كرئيس للنيابة العامة وباقي مرؤوسيك أن تعتمدوا الوشايات والمحاضر في الجرائم التي يرتكبها العوام، أما جرائم المال العام فترتكبها النخبة التي نحن جزء منها، فداك امر لايعنيك ولن نقبل أن نكون مثل العوام، لأننا نعتبر سواسية الناس امام القانون مجرد حكاية تروى.
في السياق ذاته، اعتبر المتحدث نفسه، أن لوبي الفساد يتحدث بصريح العبارة عن تحصين مجال الصفقات العمومية وتسييج الفساد بها، لأنها المجال الأكثر فسادا ،وهو المجال الذي يتصور فيه ارتكاب جرائم المال العام تبديد واختلاس المال العام، مؤكدا، أن
مجال الصفقات العمومية هو الذي يزود النخبة الحزبية الفاسدة بالدعم المالي بشكل سخي ويوفر لها منتخبين من طينة خاصة، لذلك يتعين طمأنتهم وتحصينهم من الملاحقات القضائية وضغوط الرأي العام.
يشار في هذا الصدد، أن وزير العدل عبداللطيف وهبي سبق له وأن أطلق وعيدا يتم بموجبه حرمان جمعيات حماية المال العام من وضع شكايات ضد المنتخبين وشخصيات تمارس مهام عمومية بتهم تتعلق بالفساد ونهب المال العام، وجعلها حصرية في وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات ومفتشي الضرائب وهيئة مراقبة الرشوة، وكان ربط ذلك بأن الذي من حقه هو من يمتلك ذلك المال وهو وزير الداخلية، وبأنه لا حق لأحد لوضع شكايات إلا إذا كان مصدر المال من عنده، قافزا على أن الأمر يتعلق بمال عام مال كافة المغاربة.
وهاهو الوزير يستغل فرصة وضع مشروع قانون يخص المسطرة الجنائية لينزل المادة الثالثة فيه، والتي تنص على حصر وضع شكايات ضد الفساد وناهبي المال العام، ومنع الجمعيات المعنية بمحاربة هدر المال العام من ذلك.
اقرأ أيضا….
و في خطوة تصعيدية لافتة، كانت تقدمت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بشكوى رسمية إلى الديوان الملكي ضد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، متهمة إياه بمحاولة تقليص دور جمعيات حماية المال العام ومنظمات المجتمع المدني في ملاحقة الفساد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
و تأتي هذه الشكوى في أعقاب تقديم الوزير وهبي لمجموعة من التعديلات المثيرة للجدل ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، وهو القانون الذي يعيد تشكيل ملامح العدالة الجنائية في المغرب بعد مرور أكثر من عقدين على إصدار القانون الأصلي، و من بين أكثر التعديلات إثارة للجدل، تلك التي تمنع جمعيات حماية المال العام من تقديم شكاوى قضائية ضد رؤساء الجماعات وموظفي الدولة، وهو ما تعتبره الأمانة العامة للمنظمة محاولة لتفريغ مفهوم الحكامة الجيدة من محتواه.
يشار أيضا بهذا الخصوص، ان المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي صادقت عليه الحكومة، تشير بأنه “لا يمكن اجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك، وهو ما تعتبره جمعيات من المجتمع المدني ومنها الجمعية المغربية لحماية المال العام، والتي اعتبرته يعني عمليا تطبيق الوعد الذي كان تحدث فيه وزير العدل عن منع جمعيات المجتمع المدني من إقامة دعاوى ضد المفسدين وسراق المال العام.