وكأنها سلمت تماما أن ليس من حقها الحديث في القضايا العالمية…جليل طليمات: ماذا تفعل الأحزاب السياسية ضمن “معركة الوعي” في عالمنا اليوم
من المثير جدا، والمقلق كذلك، أن معظم المقابلات والحوارات الصحفية مع قادة الأحزاب، وبيانات أجهزتها الوطنية، تخلو من اي تحليل ومواقف، أو حتى إشارة إلى القضايا العالمية الكبرى: الدولية والجهوية والإقليمية، وإذا ما حدث إشارة خفيفة إليها، فلكي تكرر العبارات الدبلوماسية الرسمية المسكوكة .
أكيد أن السياسة الخارجية لبلدنا واستراتيجياتها، هي من الصلاحيات الدستورية للملك، لكن ذلك لا يعني استقالة الفاعل الحزبي منها، وعدم مناقشتها لانضاج موقف مستقل، في الخطاب والتصورحولها (و ليس بالضرورة،أن يكون دائما معارضا لها، فقد يكون اغناء، وتفعيلا، وتقويما لها ..)؟
إن الدستور لاينزع من الأحزاب هذا الحق في نقد و تقييم حصيلة الدبلوماسية المغربية ، و في ارساء اليات دبلوماسية حزبية، برلمانية وشعبية، ولا حقها في الانخراط في مناصرة القضية الوطنية لبلدنا، و في التضامن مع القضايا العادلة لشعوب فضائنا العربي والاسلامي، ومع نضال شعوب العالم دفاعا عن استقلالها وسيادتها الوطنية.
يحق اليوم أن تساءل أحزابنا، على اختلاف منشئها ومرجعياتها ومواقعها، حول ماقامت به من مبادرات و تظاهرات، وندوات تاطيرية تكوينية ضمن ” معركة الوعي” في عالم تواصلي يضج بالتزييف والاضاليل، وحول دورها الفعلي المستقل في إسناد مقاومة الشعب الفلسطيني للابادة الجماعية الجارية منذ ما يناهز العام، وذلك خارج حدود ومفردات المفهوم الرسمي للتضامن كما يعكسه الإعلام الرسمي، و طابور من “محلليه ” ببؤس وبخل مخجلين !..
غياب هذه القضايا، وتهميشها في” أدبيات”، وفعل الأحزاب التاطيري المفترض، يساهم بقوة في إفقار السياسة، و في تسطيح الوعي السياسي العام ، و في تعميق اللاتسيس، كما يساهم في تكريس “وعي محلوي “، انعزالي، قاصر على استيعاب تحولات محيطنا الإقليمي والعالمي في زمن “عسكرة العولمة “، والتوحش النيوليبيرالي..