وفاة ما لايقل عن 75 شخص كحصيلة أولية على إثر الفيضانات التاريخية التي تشهدها إسبانيا
شهدت منطقة فالنسيا الإسبانية مأساةً كبيرة إثر العاصفة "دانا" التي اجتاحت المنطقة بقوة، متسببة في أضرار فادحة وخسائر بشرية ومادية غير مسبوقة.
ووفقاً لجهاز الإنقاذ الإسباني، فقد أدت العاصفة إلى وفاة 75 شخصاً وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية والممتلكات، مما يضع المنطقة أمام تحديات كبيرة لإعادة الإعمار والتعافي من هذه الكارثة.
في نفس السياق، سجلت المنطقة كميات هائلة من الأمطار تجاوزت 500 ملمتر خلال فترة قصيرة، حيث تدفقت المياه بغزارة، لتغمر الشوارع والمنازل وتقطع الطرق الرئيسية، وأكد جهاز الإنقاذ أن الأمطار المفاجئة والسيول الناتجة عنها جعلت الإنقاذ والإجلاء أمراً صعباً للغاية، خاصة مع سرعة الرياح التي تجاوزت 100 كيلومتر في الساعة. وأسهمت هذه الظروف المناخية في خلق بيئة غير آمنة للمواطنين، إذ غمرت المياه الطرق والمنازل وألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية، مثل شبكات الصرف الصحي، والجسور، وأنظمة النقل العامة.
هذا و أعلنت السلطات المحلية أن العاصفة خلفت 75 قتيلاً وعدداً من المفقودين الذين يجري البحث عنهم. ووفقًا لتصريحات كارلوس مازون مسؤول بالمنطقة للصحفيين، إن السلطات لا تزال عاجزة عن الوصول إلى بعض الضحايا، مشيرًا إلى أنه تم العثور على عدد من الجثث، لكنه لم يقدم أراقمًا دقيقة احترامًا لذوي الضحايا، و أشار إلى أن فرق الإنقاذ ما زالت تعمل على البحث عن ناجين وإجلاء المتضررين من المناطق المنكوبة.
ورغم جهود الإنقاذ المتواصلة، فإن التضاريس الصعبة وحجم الدمار الكبير يعوقان العمل ويؤديان إلى بطء عمليات البحث عن الضحايا والمفقودين.
من جهة أخرى، لم تقتصر خسائر العاصفة “دانا” على الأرواح فقط، بل شملت أيضاً ممتلكات وأصول اقتصادية مهمة في فالنسيا، فقد دمرت السيول العديد من المنازل والمرافق العامة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمراكز التجارية، كما تضررت الزراعة بشكل كبير حيث جرفت المياه الأراضي الزراعية وأتلفت المحاصيل، مما سيؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة في المنطقة، وتُقدر الخسائر المادية بملايين اليوروهات، حيث أن إعادة إعمار البنية التحتية وإصلاح الأضرار سيستغرق وقتاً طويلاً وجهوداً كبيرة من الحكومة وسلطات الطوارئ.
تجدر الإشارة أن الحكومة الإسبانية أعلنت حالة الطوارئ في فالنسيا والمناطق المحيطة بها، حيث جرى نشر فرق طوارئ إضافية، كما تم تفعيل خطط طوارئ للاستجابة السريعة، وشرعت السلطات في عمليات إجلاء واسعة للأسر المتضررة وتوفير مراكز إيواء مؤقتة لهم، إلى جانب تقديم الدعم الصحي والنفسي للمصابين وأسر الضحايا.
وأشار رئيس الوزراء الإسباني إلى أهمية تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية لمواجهة الكوارث المناخية مستقبلاً، في ظل ارتفاع وتيرة العواصف وتكرارها في السنوات الأخيرة، حيث تشهد إسبانيا موجات طقس قاسية بسبب التغيرات المناخية.
و يعزو الخبراء ارتفاع وتيرة العواصف والأمطار الغزيرة في إسبانيا إلى التغيرات المناخية التي تؤثر على نمط الطقس في المنطقة المتوسطية، وتشير الدراسات إلى أن ظواهر مناخية مثل عاصفة “دانا” قد تصبح أكثر تكراراً وشدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية وزيادة معدلات التبخر وتكون السحب، مما يزيد من احتمال هطول أمطار غزيرة ومفاجئة.
ختاماً، و في مواجهة هذه الكارثة، تجد فالنسيا نفسها أمام تحديات كبيرة لإعادة الإعمار واستعادة الحياة الطبيعية. وقد أطلقت السلطات المحلية نداءً للمجتمع الدولي لتقديم المساعدة والمشاركة في جهود الإغاثة. وبينما تعكف فرق الإغاثة على مساعدة المتضررين وإصلاح الأضرار، يبقى السؤال حول قدرة فالنسيا وإسبانيا بشكل عام على التكيف مع التغيرات المناخية، التي تفرض نفسها كعامل لا يمكن تجاهله مستقبلاً.