جدل حول تكريم سعد لمجرد…بين “الاحتفاء الجماهيري” وتطبيع مرفوض مع العنف ضد النساء

شهدت الساحة الحقوقية والإعلامية المغربية موجة من الجدل بعد الإعلان عن تكريم المغني سعد لمجرد خلال حفل “LOVE BRAND” الذي أقيم في الدار البيضاء، و أثار هذا الحدث استياءً واسعاً في أوساط المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، فقد رفعت أكثر من 25 جمعية نسائية، إلى جانب نحو 100 ناشط وناشطة من مختلف المجالات، أصواتهم احتجاجاً على منح الجائزة لفنان مدان قضائياً في قضية اغتصاب، معتبرين أن هذا التكريم يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب ويشكل تطبيعاً مرفوضاً مع العنف ضد النساء.

و في رسالة مفتوحة وُجهت إلى الجهة المنظمة، عبّر المحتجون عن رفضهم القاطع لهذه الخطوة، مشيرين إلى أن تكريم شخصية متورطة في قضية جنائية مرتبطة بالعنف الجنسي يبعث برسائل سلبية للمجتمع، خاصةً للشباب، حيث يُنظر إليه كاعتراف غير مباشر بتجاوزاته وإضفاء شرعية على أفعال تتنافى مع القيم الحقوقية.

وحملت الرسالة توقيعات شخصيات بارزة تنشط في مختلف المجالات، من صحافيات وطبيبات ومحاميات وأستاذات وفنانات وسيدات أعمال، إلى جانب أكاديميات وخبيرات وطلاب جامعيين، إضافة إلى عدد من الرجال الذين عبروا عن تضامنهم مع هذا الموقف.

المحتجون شددوا على أن الاحتفاء بمغني سبق أن أدين في قضية اغتصاب يسهم في نشر خطاب يستخف بجرائم العنف الجنسي ويشكك في شهادات الضحايا، مما يعزز ظاهرة التواطؤ الاجتماعي مع مرتكبي هذه الجرائم.

كما دعوا الجهة المنظمة إلى التراجع الفوري عن منح الجائزة وسحب جميع المواد الترويجية المتعلقة بهذا التكريم، مؤكدين على ضرورة احترام حرية التعبير، وتقبل الانتقادات بدل قمعها.

وفي سياق متصل، أبدى المحتجون استعدادهم للانخراط في حوار بناء لتعزيز ثقافة حقوقية قائمة على المساواة والاحترام، ودعوا وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على القضية لضمان نقاش مجتمعي واسع حول أهمية التصدي للعنف الجنسي وعدم التساهل مع مرتكبيه، بهدف خلق بيئة تحمي حقوق النساء وتصون كرامتهن.

يأتي هذا الجدل بعد الإعلان الرسمي، في أواخر يناير الماضي، عن الفائزين بجوائز “LOVE BRAND” ضمن فعاليات الدورة الثامنة من “Les Impériales 2025”. وقد استندت النتائج إلى دراسة استقصائية شملت 3600 شخص في ست مدن مغربية، هي الدار البيضاء والرباط وسلا وطنجة وفاس ومراكش، لتحديد العلامات التجارية والشخصيات الأكثر شعبية في المغرب، وأسفرت الدراسة عن اختيار كل من لاعب كرة القدم أشرف حكيمي، والبطل الأولمبي سفيان البقالي، والمغني سعد لمجرد، كأكثر الشخصيات المحبوبة لدى المغاربة، إلى جانب اختيار المؤثرين إلياس المالكي، و كوثر بامو، ومصطفى الفكاك (سوينغا) كأفضل صناع محتوى رقمي.

الجدير بالذكر أن دراسة “LOVE BRAND” تهدف إلى تزويد المعلنين والوكالات التجارية بمعطيات دقيقة حول العلامات التجارية والمشاهير الأكثر تأثيراً وشعبية لدى الجمهور المغربي، غير أن هذا التكريم الأخير كشف عن انقسام حاد بين القبول الجماهيري والنقد الحقوقي، مما يطرح تساؤلات حول المعايير المعتمدة في مثل هذه التصنيفات ومدى مراعاتها للبعد الأخلاقي والاجتماعي.