الرئسيةمجتمع

ارتفاع أسعار الطماطم في المغرب.. بين تداعيات السوق وضغوط التصدير والمناخ

تشهد الأسواق المغربية خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا حادًا في أسعار الطماطم، حيث تجاوز الكيلوغرام الواحد حاجز 10 دراهم في بعض المدن، وسط توقعات بوصوله إلى 20 درهمًا خلال الأيام المقبلة.

هذا الارتفاع المقلق يأتي في توقيت حساس، إذ يستعد المغاربة لاستقبال شهر رمضان، الذي يعرف زيادة استثنائية في الطلب على هذه المادة الأساسية في المائدة اليومية، ورغم أن الغلاء يبدو ظاهرة موسمية، إلا أن جذور الأزمة تمتد إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والمناخية والتجارية التي تجعل من التحكم في الأسعار تحديًا معقدًا أمام الجهات المسؤولة.

أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الارتفاع هو المضاربة التي يمارسها بعض التجار، حيث يتم تخزين كميات ضخمة من الطماطم بهدف طرحها بأسعار مضاعفة مع اقتراب شهر رمضان، مستغلين زيادة الاستهلاك خلال هذه الفترة.

هذه الممارسات الاحتكارية تخلق اضطرابًا واضحًا في التوازن بين العرض والطلب، ما يؤدي إلى تضخم الأسعار بشكل غير مبرر، ويدفع المستهلكين إلى تحمل أعباء مالية إضافية في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعاني منها العديد من الأسر المغربية.

إلى جانب المضاربة، ساهمت الأحوال الجوية السيئة في تفاقم الأزمة، فقد أثرت موجات البرد القارس، التي ضربت بعض المناطق الزراعية الرئيسية، على الإنتاج المحلي للطماطم، مما أدى إلى تراجع كمياته المتوفرة في الأسواق، هذا التأثير المناخي لا يقتصر على المغرب وحده، بل يشكل تحديًا عالميًا في ظل التغيرات المناخية التي تؤثر على الإنتاج الزراعي بصفة عامة.

ويؤكد الفلاحون أن انخفاض درجات الحرارة خلال الفترة الأخيرة أثر بشكل كبير على نضج المحصول، مما تسبب في تأخر عمليات الجني وتقليص الكميات المعروضة في السوق الوطنية.

على الجانب الآخر، لعب التصدير بدوره دورًا كبيرًا في هذه الأزمة، حيث يسجل المغرب ارتفاعًا ملحوظًا في صادرات الطماطم إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية، ما أدى إلى تقليص الكميات الموجهة للسوق المحلية.

في هذا السياق، أفاد موقع “hortoinfo” الإسباني، أن المغرب احتل الرتبة الثالثة كمورد للطماطم إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث تم بيع 419.87 مليون كيلوغرام من الطماطم بين يناير وأكتوبر 2024 في الأسواق الأوروبية، ما يمثل 17.63 في المائة من إجمالي الطماطم المباعة داخل الاتحاد.

وأضاف المصدر ذاته، أن صادرات المغرب شهدت زيادة بنسبة 72.71 في المائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2015، مما يقترب بشكل متزايد من الأرقام الإسبانية.

وأورد أن المغرب باع منتجاته في الأسواق الأوروبية بقيمة 764.76 مليون يورو، بسعر متوسط قدره 1.82 يورو للكيلوغرام، وهو الأعلى بين أكبر ثلاثة دول موردة للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن الأثر الأكبر كان على المستهلك المغربي، الذي وجد نفسه في مواجهة أسعار ملتهبة بسبب توجيه جزء كبير من الإنتاج نحو التصدير بدلاً من تغطية الاحتياجات المحلية.

ارتفاع الأسعار دفع المواطنين إلى التعبير عن استيائهم، حيث أصبح من الصعب على العديد من الأسر المغربية اقتناء الطماطم بأسعار معقولة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعًا في استهلاك هذه المادة الأساسية.
من جهتها أصدرت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بيانًا تطالب فيه بتشديد الرقابة على الأسواق، والتصدي لعمليات الاحتكار والمضاربة التي تؤثر على استقرار الأسعار، كما دعت إلى اتخاذ إجراءات لضبط سلاسل التوزيع ومحاربة أي تلاعبات تسهم في تفاقم الأزمة.

فرغم أن المغرب يُعد من كبار منتجي ومصدري الطماطم في العالم، حيث تتجاوز صادراته السنوية 600 ألف طن، إلا أن التحديات التي تواجه القطاع الزراعي تبقى كبيرة، ارتفاع تكاليف الإنتاج، التغيرات المناخية، زيادة الطلب الخارجي، وغياب آليات فعالة لضبط السوق الداخلية كلها عوامل تجعل استقرار الأسعار مهمة معقدة، ومع اقتراب شهر رمضان، تظل الأنظار متجهة نحو الحكومة والجهات المعنية لمعرفة ما إذا كانت ستتخذ تدابير فعالة للحد من هذا الارتفاع، أم أن المواطنين سيضطرون إلى التكيف مع هذه الزيادات، كما حدث في مواسم سابقة.

و في ظل هذه الأوضاع، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل سوق الطماطم في المغرب، وما إذا كان بالإمكان تحقيق التوازن بين التصدير وتلبية الطلب الداخلي دون المساس بالقدرة الشرائية للمستهلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى