الرئسيةمجتمع

“مافيا الماستر”…فضيحة تقود أستاذا جامعيا للسجن

في خطوة قضائية، أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش بإيداع أستاذ جامعي رهن الاعتقال بالسجن المحلي الأوداية، بعد تفجر قضية مثيرة تتعلق بالتلاعب في مسطرة التسجيل بسلك الماستر، “الفساد الجامعي ومنح شواهد جامعية مقابل منافع مادية.

وأعادت هذه الفضيحة التي تحاكي في تفاصيلها ما بات يُعرف في الإعلام بملفات “مافيا الشهادات”،  إلى الواجهة النقاش حول نزاهة مؤسسات التعليم العالي، ومدى اختراقها من قبل لوبيات تستثمر في طموحات الطلبة وأحلامهم الأكاديمية.

شبكة معقدة تضم أسماء وازنة في سلك العدالة والتعليم والمحاماة

كما كشفت التحقيقات الأولية التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية خيوط شبكة معقدة تضم أسماء وازنة في سلك العدالة والتعليم والمحاماة، حيث تم تقديم جميع الأطراف المتورطة أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، وبعد استنطاقهم، قرر الوكيل العام إحالة الملف على قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بجرائم الأموال، نظرا لحساسية الموضوع وتشعبه، خاصة بالنظر إلى الامتيازات القضائية التي يتمتع بها بعض المتابعين.

القضية لا تقف عند حدود الأستاذ الجامعي، الذي يشتغل بإحدى المؤسسات الجامعية في مدينة آسفي، بل تطال أيضا رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بآسفي، والذي تم الإفراج عنه مؤقتا مع اتخاذ تدابير احترازية صارمة بحقه، تشمل سحب جواز السفر وإغلاق الحدود، كما امتدت المتابعة القضائية إلى زوجة الأستاذ الجامعي، وهي محامية معروفة، بالإضافة إلى ابن رئيس كتابة الضبط، الذي يزاول مهنة المحاماة في طور التمرين.

ويبدو أن النفوذ الأسري والمهني قد لعب دورا كبيرا في تشابك العلاقات داخل هذه الشبكة، ما يعكس طبيعة الفساد البنيوي الذي يستفيد من تداخل المصالح بين المهن القضائية والتعليمية.

ملف “المفجأت”

فيما أصبح الملف حديث الرأي العام المحلي بمراكش وآسفي، و لم يخلُ من مفاجآت، إذ جرى استدعاء محامين آخرين يشتبه في ضلوعهم في تسهيل أو التستر على عمليات التلاعب التي طالت عملية التسجيل بالماستر، والتي يفترض أن تكون خاضعة لمعايير دقيقة من الكفاءة والاستحقاق، غير أن المؤشرات الأولى توحي بأن المال والقرابة المهنية كانا عاملين حاسمين في اختراق تلك المساطر.

وتأتي هذه المتابعات في إطار التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية منذ أسابيع، بعد ورود شكايات ومعطيات تفيد بوجود شبكة تستغل النفوذ في الوسط الجامعي والقضائي للتلاعب بملفات التسجيل بسلك الماستر، مقابل مبالغ مالية، بالإضافة إلى شبهة إصدار شهادات مشكوك في قانونيتها.

تطرح هذه الفضيحة إشكاليات عميقة تتجاوز الأسماء المتابعة في الملف، لتلامس أزمة أخلاقية داخل «‌الجامعة المغربية» ، التي يفترض أن تكون حصنا للمعرفة لا سوقا للصفقات، كما تطرح تساؤلات حول مراقبة مسارات الولوج إلى التكوينات العليا، وفعالية الآليات الرقابية داخل الكليات، ومدى جدية وزارة التعليم العالي في محاربة ظاهرة “الماسترات المدفوعة” التي تتكرر بين الفينة والأخرى دون حسم رادع.

في انتظار ما ستكشف عنه باقي أطوار التحقيق، تبقى هذه القضية اختبارا حقيقيا لنزاهة القضاء المغربي وقدرته على محاسبة المتورطين مهما كانت مواقعهم، وإشارة إنذار إلى باقي المؤسسات التعليمية التي قد تكون مرتعا لاختلالات مماثلة، في ظل غياب المساءلة الرادعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى