اقتصادالرئسية

طنجة تفتح أبوابها لفالنسيا: شراكة اقتصادية جديدة

شهدت مدينة طنجة، امس الإثنين، انطلاق فعاليات منتدى اقتصادي مقاولاتي مغربي-إسباني، جمع فاعلين اقتصاديين ومؤسساتيين من جهة فالنسيا  إسبانيا. ونظرائهم من جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، في خطوة  تهدف إلى تعميق أواصر التعاون الثنائي وفتح آفاق شراكات واعدة في قطاعات متعددة.

وجاء في بلاغ للجهة المنظمة، أن  هذا الحدث الاقتصادي البارز يندرج ضمن زيارة عمل تمتد ليومي الإثنين والثلاثاء، ينظمها مجلس غرف التجارة بجهة فالنسيا، بشراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وبدعم من القنصلية العامة للمملكة المغربية بفالنسيا، وقد جاءت هذه المبادرة لتترجم تطلعات الجانبين نحو تنمية متكاملة للتبادل التجاري، واستكشاف فرص استثمار جديدة تعزز الروابط الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا.

تعاون يتجاوز الجغرافيا

شكل اللقاء الذي حضره عدد وازن من رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين،  منصة للتأكيد على الدور المحوري للعلاقات المغربية الإسبانية، ليس فقط كعلاقة جوار تقليدية، بل كشراكة استراتيجية يمكن أن تتحول إلى نموذج للتكامل بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا.

وفي هذا السياق، شدد عبد اللطيف أفيلال، وفق البلاغ ذاته، رئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات بطنجة-تطوان-الحسيمة، على أن المنتدى يندرج في سياق دينامية متجددة تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وأبرز أن تحليل المبادلات التجارية بين جهة فالنسيا ونظيرتها المغربية يكشف عن إمكانات اقتصادية واعدة تستوجب بلورة آليات تعاون مبتكرة بين المقاولات الصغرى والمتوسطة على وجه الخصوص، مما يسهم في خلق شراكات ذات قيمة مضافة في مجالات الصناعة والخدمات واللوجستيك.

الربط البحري كبوابة للنمو

من جهتها، استنادا للمصدر نفسه، لفتت ماريان كانو، المستشارة المكلفة بالابتكار والصناعة والتجارة والسياحة بحكومة جهة فالنسيا، إلى الأهمية الاستراتيجية للبنيات المينائية المتطورة بكل من فالنسيا وطنجة، معتبرة أن القرب الجغرافي يشكل عاملاً محفزاً لتقوية الصادرات البينية وخلق تكتلات اقتصادية إقليمية مندمجة،كما أكدت أن المغرب، من خلال موقعه كبوابة إلى القارة الإفريقية، يُعد نقطة ارتكاز أساسية لمقاولات فالنسيا الراغبة في التوسع جنوباً.

وتدل الأرقام على متانة هذا التوجه، حيث تجاوز حجم المبادلات التجارية بين فالنسيا والمغرب 1,2 مليار دولار سنة 2024، الأهم من ذلك أن المغرب أصبح أول شريك اقتصادي إفريقي لفالنسيا، إذ يستحوذ على حوالي 39% من مجمل صادرات الجهة الإسبانية نحو القارة السمراء.

منطق تكامل لا تنافس

وفي تحليل أعمق لمنطق التعاون، يرى خوسي بيسينتي موراتا، رئيس مجلس غرف فالنسيا، أن مستقبل الصناعة الأوروبية بات مرهوناً بمدى قدرة دول الجوار، وعلى رأسها المغرب، على خلق بيئات صناعية جاذبة وفعالة، واعتبر أن جهتي فالنسيا وطنجة تتوفران على مؤهلات بنيوية وبشرية قوية، ما يفرض تجاوز النظرة التقليدية القائمة على التنافس نحو رؤية جديدة عنوانها التكامل والاندماج الاقتصادي.

طنجة.. قطب صناعي بجاذبية متصاعدة

المصدر نفسه، أكد أن   ياسين التازي، المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار، قدم عرضاً مفصلاً حول مزايا جهة طنجة-تطوان-الحسيمة كوجهة استثمارية متقدمة، بفضل البنيات التحتية عالية الجودة، والقرب الجغرافي من السوق الأوروبية، وتوفر اليد العاملة المؤهلة، وكلفة الإنتاج المنخفضة، كما سلط الضوء على نضج المنظومة الصناعية بالجهة، خصوصاً في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل السيارات والطيران والنسيج.

برنامج غني وآفاق واعدة

وتضمن برنامج زيارة الوفد الإسباني، الذي يضم ممثلين عن مؤسسات عمومية وشركات تعمل في مجالات استراتيجية تشمل الصناعات الغذائية، والنسيج، والبناء، والسياحة، سلسلة من اللقاءات الثنائية مع مسؤولين مغاربة ورجال أعمال، بهدف مناقشة مشاريع تعاون ملموسة، وتقديم استراتيجيات التنمية الجهوية من كلا الطرفين.

ولم تخلُ الزيارة من الجانب العملي، إذ تمت برمجة جولة ميدانية إلى ميناء طنجة المتوسط، أحد أبرز المشاريع اللوجستية في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، ويأتي ذلك بهدف تمكين الوفد الإسباني من الوقوف عن كثب على البنية التحتية المتطورة والقدرات التنافسية التي جعلت من هذا الميناء مركزاً محورياً في سلاسل التوريد العالمية.

بناء المستقبل على ضفتي المتوسط

إن هذا المنتدى لا يمثل فقط محطة للتشاور والتعارف، بل يندرج في سياق بناء رؤية اقتصادية مستقبلية تقوم على تقاطع المصالح وتكامل القدرات، وفي زمن تتقلب فيه الموازين الجيو-اقتصادية، يبرز المغرب وإسبانيا – وتحديداً جهتي طنجة وفالنسيا – كمرشحين بارزين لتشكيل محور إقليمي جديد يقوم على الإنتاج المشترك، وتبادل المهارات، والانفتاح على أسواق عالمية جديدة.

بهذه الروح، تتحول طنجة من مجرد مدينة متوسطية إلى بوابة استراتيجية للتعاون الأوروبي-الإفريقي، ويُعاد رسم معالم الاقتصاد الجهوي على أسس أكثر نجاعة واستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى