ثقافة وفنون

رمضانيات: كتاب أثار جدلا “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”…مبايعة أبي بكر مبايعة سياسية.. الحلقة 2

تزامن صدور هذا الكتاب “أصول الحكم في الإسلام” للشيخ الأزهري علي عبدالرازق مع انهيار الخلافة العثمانية، وسقوط الدول العربية تباعا تحت النفوذ الأوروبي، ونشطت يومها محاولات لإعادة إحياء الخلافة الإسلامية كنوع من الجواب على التردي العام الذي لحق هذه الدول، في هذا السياق سيدلي علي عبدالرزاق برأيه في الموضوع الشائك القديم والمتجدد، هل يوجد شيء اسمه الخلافة في الإسلام؟.. وهي من القضايا التي تضعها جماعات الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية على رأس جدول أعمالها اليوم أي قضية الخلافة، إن الشيخ الأزهري، في كتابه “أصول الحكم في الإسلام”، سينتصر للمواقف التالية: “الإسلام دين روحي لا دخل له في السياسة”، “السياسة أمر دنيوي يعود للناس اختيار وسائله ومبادئه. في هذه السلسة سنبحر في القضايا التي أثارها الكتاب، وسنقدم أهم محاوره.

 

مبايعة أبي بكر مبايعة سياسية

يؤكد الشيخ علي عبدالرازق أن زعامة النبي عليه السلام هي زعامة دينية، جاءت بواسطة الرسالة، وبموته عليه السلام انتهت الرسالة فانتهت الزعامة أيضا، و”ماكان لأحد أن يخلفه في رسالته”، بل إنه يقول الشيخ: “طبيعي ومعقول إلى درجة البداهة أن لاتوجد بعد النبي زعامة دينية، وأما الذي يمكن أن يتصور وجوده بعد ذلك فإنما هو نوع من الزعامة جديد، ليس متصلا ولا قائما على الدين، هو إذن نوع لاديني”.

ويضيف في نفس السياق أنه إذا كنا بصدد زعامة لادينية فهي إذا ليس “شيئا أقل ولاأكثر من الزعامة المدنية أو السياسية، زعامة الحكومة والسلطان، لازعامة الدين، وهذا الذي كان”.

يعتبر الشيخ أن الدعوة الإسلامية رفعت من شأن العرب،وأصبحوا أصحاب عقيدة صافية من دنس الشرك، ويتمتعون بإيمان راسخ في أعماق النفس، وأخلاق هذبها الرسول عليه السلام، إن شعب ناهض كالعرب يومئذ يقول الشيخ: “لايمكن إذا انحلت عنه زعامة النبوة أن يعود راضيا، كما كان، أمما جاهلية، وشعوبا همجية، وقبائل متعادية، ووحدات مستضعفة”.

يقول الشيخ علي عبدالرازق: “لم يكن خافيا على العرب أن الله تعالى قد هيأ لهم أسباب الدولة، ومهد لهم مقدماتها، بل ربما كانوا قد أحسوا بذلك من قبل أن يفارقهم رسول الله صلى الله عليه، ولكنهم حين قبض رسول الله (ص) أخذوا من غير شك يتشاورون في امر تلك الدولة السياسية”.

ويضيف أنهم كانوا يومئذ يتشاورون في أمر مملكة تقام، “ودولة تشاد، وحكومة تنشأ إنشأ، ولذلك جرى على لسانهم يومئذ ذكر الإمارة والأمراء، والوزارة والوزراء، وتذاكروا القوة والسيف، والعز والثروة، والعدد والمنعة، والبأس والنجدة، وما كان كل ذلك إلا خوضا في الملك، وقياما بالدولة، وكان من أثر ذلك ما كان من تنافس المهاجرين والأنصار وكبار الصحابة بعضهم مع بعض، حتى تمت البيعة لأبي بكر، فكان هو أول ملك في الإسلام”. ويؤكد في نفس الإطار أن التأمل في الطريقة التي جرى فيها مبايعة أبي بكر، تظهر أن تلك البيعة كانت بيعة سياسية، وأنها قامت كما تقام كل الحكومات في إبانه، على أساس القوة والسيف، هي دولة جديدة، دولة عربية وحكم عربي، ولكن الإسلام هو ليس لا عربي ولا عجمي، صحيح أن هذه الدولة قامت على أساس حماية الدعوة الدينية، “ولكنها على ذلك لا تخرج عن كونها دولة عربية… روجت مصالح العرب، ومكنت لهم في أقطار الأرض، فاستعمروها استعمارا، واستغلوا خيرها استغلالا، شأن الأمم القوية التي تتمكن من الفتح والاستعمار”.

الأمر كان محسوما أنه أمر سياسي حينما كانوا يتجادلون في السقيفة عمن يولونه أمرهم، وحين تجادل الأنصار والمهاجرين في تركيبة وتشكيلة حكومتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى